أريفينو خاص كريم السالمي
يشهد إقليم الناظور في الآونة الأخيرة انتشاراً مقلقاً لظاهرة تسول الأطفال، مما يثير قلقاً متزايداً لدى الساكنة ويسلط الضوء على تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة. هذا الانتشار لم يعد مقتصراً على مناطق معينة، بل بات ظاهرة مرئية في مختلف مدن الإقليم وشوارعه الرئيسية، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة وتدخلاً عاجلاً من كافة الأطراف المعنية.أطفال المدارس في دائرة التسولما يزيد من خطورة الوضع هو ملاحظة أن عدداً ليس بالقليل من هؤلاء الأطفال الذين يمتهنون التسول لا يزالون مسجلين في المؤسسات التعليمية. يقضون أوقات فراغهم، وحتى ساعات ما بعد الدوام المدرسي، في استجداء المارة بالشوارع والأماكن العامة كالأسواق والمقاهي. مشاهد هؤلاء الصغار، الذين يفترض بهم أن يكونوا في ملاعب الطفولة أو قاعات الدرس، وهم يلاحقون المارة باتت مشهداً يومياً مألوفاً ومؤلماً، يعكس هشاشة وضعهم واحتمالية وجود ضغوط تدفعهم لهذا السلوك، سواء كانت فقراً مدقعاً أو توجيهاً أسرياً أو غياباً للوعي بمخاطر هذه الممارسة.تحذيرات من عواقب وخيمةيدق فاعلون جمعويون ومهتمون بقضايا الطفولة ناقوس الخطر، محذرين من أن استمرار هذه الظاهرة قد يفضي إلى عواقب كارثية. فإلى جانب الانقطاع المبكر عن الدراسة، يصبح هؤلاء الأطفال فريسة سهلة للاستغلال من قبل شبكات إجرامية أو يتعرضون لمخاطر الشارع المختلفة. وعلى المدى الطويل، يُخشى أن يُنتج هذا الوضع جيلاً يعاني من آثار التهميش النفسي والاجتماعي، مما يهدد النسيج المجتمعي للمنطقة بأكملها.جهود سابقة وضرورة الحلول المتكاملةليست هذه الظاهرة وليدة اليوم، فقد سبق لعمالة إقليم الناظور، بتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالجهة الشرقية، إطلاق مبادرات لمعالجة إشكالية الأطفال في وضعية الشارع، بما في ذلك التسول. إلا أن تفاقم الظاهرة حالياً يؤكد على الحاجة الماسة لتجديد وتكثيف هذه الجهود. يتطلب الأمر مقاربة شاملة تتضمن حملات توعية مكثفة للأسر حول مخاطر دفع أبنائها للتسول، وتعزيز دور المؤسسات التعليمية والجمعيات المدنية في الرصد والتدخل المبكر. كما يبقى تفعيل آليات حماية الطفولة المنصوص عليها قانوناً، وربط التدخلات الاجتماعية بمشاريع تنموية توفر بدائل حقيقية للأسر الهشة، أمراً محورياً لإعادة هؤلاء الأطفال إلى مسارهم الطبيعي وحماية مستقبلهم.إن ظاهرة تسول الأطفال بإقليم الناظور ليست مجرد مشهد عابر، بل مؤشر خطير يتطلب تضافر جهود السلطات المحلية والمجتمع المدني والأسر لوضع حد له وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع.
