الإنسان كائن اجتماعي، وهذه سمة بارزة تعريفية لفصيلة البشر مقارنة بالكائنات الأخرى. لكن مع تقدم الزمن وتعقد تفاصيل الحياة، اتجه البعض إلى تفضيل حياة العزلة باعتبارها خيارًا حرًا للهروب من المحيط وضجيجه.
في إطار هذا الموضوع، نشرت مجلة “سايكولوجي توداي” الأمريكية تقريرًا تناول تأثير الوحدة على الصحة. وبيّن التقرير دراسة مهمة أظهرت ارتباط الشعور بالوحدة بأمراض القلب. كشف التقرير أن نسبة غير مسبوقة من الأمريكيين يعانون من الوحدة؛ حيث ذكر استطلاع للرأي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي الشهر الماضي أن 30% من البالغين شعروا بالوحدة مرة على الأقل في الأسبوع خلال العام الماضي، بينما أشار 10% إلى شعورهم بالوحدة يوميًا.
وأضاف التقرير أن هناك مراجعة منهجية جديدة تدعم الأدلة المتعلقة بصلات العزلة الاجتماعية والوحدة بأمراض القلب. نشرت هذه المراجعة في مجلة “نايتشر ساينتيفيك ريبورتس” بواسطة فريق بحثي في مجال الصحة العامة في السعودية، حيث دمجوا بيانات من ست دراسات شملت نحو 105 آلاف مشارك.
اكتشف الباحثون أن سوء العلاقات الاجتماعية (كالارتباطات المتكررة مع الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل والجيران) يرتبط بزيادة بنسبة 16% في أمراض القلب والأوعية الدموية. كما أشارت نتائجهم إلى أن كبار السن والمتقاعدين عرضة بشكل أكبر للعزلة الاجتماعية وللإصابة بأمراض القلب.
وأوضحت المجلة أن هذه المراجعة تعتمد على الأدلة السابقة التي تبين أن الوحدة تساهم في مشكلات صحية متعددة، حيث تزيد من خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن، تبطئ حركة المشي، وتؤثر على قدرتهم على العناية بأنفسهم، كما أنها مرتبطة بالموت المبكر.
أما بالنسبة للمراهقين والشباب، فإن الوحدة تزيد من احتمال الإصابة بالصداع وآلام المعدة واضطرابات النوم والاستخدام القهري للإنترنت.
وقد وجد علماء الأعصاب أن الشعور بالوحدة يؤثر على بنية ووظائف الدماغ في المناطق المسؤولة عن الإدراك والاستجابة للضغط والعواطف. وأظهرت دراسات تصوير الدماغ أن الشعور بالوحدة يرتبط بعلامات بيولوجية لمرض الزهايمر.
