سلط وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف الميراوي، في إطار جوابه على أسئلة النواب، الضوء على الإشكالات التي تعيش على وقعها كليات الحقوق بالمغرب، موضحا أن “الإقبال الكبير على هذه الكليات يرجع أساسا إلى المشاكل المسجلة لدى الطلبة على مستوى اللغات الأجنبية”.
وكشف الميراوي في جوابه على سؤال للنائبة شفيقة لشرف، عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، أن “الأمر لا يتعلق باكتظاظ، وإنما بإقبال من الطلاب على هذه الكليات”. وفي هذا الإطار، دعت النائبة نجوى كركوس، عن فريق الأصالة والمعاصرة، ضمن تعقيبها، بدورها، إلى “حماية هذه الكليات حتى لا تكون ملاذا لمن لا تخصص له”.
وفي سياق متصل، اعتبر أكاديميون أن “حل إشكاليات كليات الحقوق يظل رهينا بإعادة النظر في العرض التكويني المقدم على مستواها، إلى جانب إقرار شروط بيداغوجية جديدة بإمكانها المساهمة في تجويد العرض البيداغوجي والرفع من كفاءة الخريجين، وذلك بإمكانية التوجه نحو تشديد الولوج إلى هذه المؤسسات”.
مشكل توجيه
عبد العزيز قراقي، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قال إن “كليات الحقوق اليوم تجتر عثرات ومطبات الماضي، لكن ذلك لا ينفي أنها كانت ولا تزال خزانا للموارد البشرية وللأطر والكفاءات العليا، وكانت في الموعد عندما حاولت الدولة مغربة مجال القضاء عبر إمدادها للقطاع العمومي على الخصوص بكوادر ذات تكوين عال”.
وأضاف قراقي، أن “المشكل المطروح حاليا على مستوى هذه الكليات يتعلق تحديدا بالتوجيه الذي يعاني منه عموم الطلبة، فكثير منهم يلجون سنتهم الأولى وربما يتضح لهم أن وجهتهم غير صحيحة، في حين إن آخرين لا يتمكنون من الاندماج ضمن عملية التحصيل الجامعي، وبالتالي يستغرقون سنوات أكثر من اللازم من أجل نيل دبلوم الإجازة لوحده”.
وأكد المتحدث أن “الأوان آن لإقرار سنة توجيهية بجميع الكليات من أجل تفادي الإشكالات التي تواجه الطلبة الجدد، فضلا عن ضرورة التوجه نحو إعادة النظر في ولوج هذه المؤسسات المفتوحة بشكل يوفر الانسجام والجودة في التكوين ويمنح الفرصة كذلك لحاملي شهادات البكالوريا من أجل متابعة الدراسة في التخصصات التي يرغبون فيها”.
وزاد الأستاذ الجامعي: “اليوم، وعلى الرغم من التوجه الوطني صوب توفير أطر عليا لفائدة القطاع الخاص، إلا أن كليات الحقوق لا تزال ملاذا ووجهة ممن لهم الرغبة في الاشتغال في القطاعات والخدمات العمومية”، مؤكدا أن “هذه الكليات ستتمكن في المستقبل القريب من تجاوز كل الإشكالات التي تعيشها اليوم، وبالتالي الاستمرار في إنتاج رجال الدولة في القضاء والإدارة بشكل عام”.
ضرورة تجويد التكوين
عباس الوردي، أستاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قال إن “كليات الحقوق تظل في الحاجة إلى إجراءات بإمكانها حماية العرض التكويني بها. فعلى سبيل المثال، يمكن اللجوء إلى شروط معيارية قصد الحسم في مدى جاهزية واستحقاق المقبلين على التكوين بهذه الكليات”.
وأضاف الوردي، أن “الوقت حان من أجل إعادة النظر في مجموعة من الآليات البيداغوجية التي تحكم سير عملية التكوين بهذه المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح”، مؤكدا أن “المرور إلى استقطاب محدود سيجعلنا نصل إلى مستوى أرفع من جودة التكوين ومن جودة الخريجين كذلك ممن سيتقلدون فيما بعد مناصب مهمة، خصوصا في سلك القضاء والمحاماة والمهن الأخرى”.
وأوضح أن “الوضعية الحالية تُحتم كذلك ضرورة تنويع العرض المرتبط بالتكوين على مستوى كليات الحقوق، ومن ثم العمل على الارتقاء بها إلى مؤسسات جامعية منضوية تحت لواء جامعات ممهننة قادرة على تخريج كفاءات وأطر في مستوى الخدمات التي ستتم المساهمة في توفيرها للمواطنين المغاربة”.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن “الحد من الاستقطاب بالمؤسسات الجامعية يعد آلية معتمدة في البلدان الأنجلوساكسونية، وتبقى بالتالي مسألة محمودة على اعتبار أنها تهيئ الظروف لتعليم جامعي أكثر جودة وأكثر فعالية، لا سيما إذا استحضرنا في التجربة المغربية أن الآلاف من طلبة كليات الحقوق لا يكملون تكوينهم بهذه المؤسسات
عذراً التعليقات مغلقة