أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب مؤخرا تقريره السنوي الذي نشر بالجريدة الرسمية إعمالا لمقتضيات القانون التنظيمي للمجلس الذي يفرض عليه إعداد تقرير سنويّ حول حصيلة عمله وآفاقه المستقبليّة، وهو الأول في تاريخ الولاية الثانية من عمر المجلس. ويقع التقرير في 372 صفحة، موزعة على أحد عشر محورا تهمّ المواضيع التالية: جهود استكمال البناء المؤسّساتي للسّلطة القضائية، البنية البشرية للسلك القضائي، تدبير الوضعية المهنية والإدارية للقضاة، تخليق المنظومة القضائية، الرفع من النجاعة القضائية في المحاكم، تنزيل التحول الرقمي بإدارة المجلس، إنماء القدرات المؤسساتية للمجلس، التعاون الدولي، التواصل والتفاعل مع الجمعيات المهنية والهيئات والمؤسسات، وتنفيذ ميزانية المجلس.
أبرز مضامين التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
قدم التقرير السنوي معطيات مهمة بخصوص الحصيلة السنوية للمجلس والتي تتزامن مع انطلاق الولاية الثانية 2022-2026.
على مستوى مناصب المسؤولية :
تمّ تعيين 85 مسؤولا قضائيا، منهم 9 رؤساء أوائل لمحاكم الاستئناف، و17 وكيلا عاما، و26 رئيسا لمحاكم ابتدائية و33 وكيلا للملك بها، وهو ما يرفع نسبة التغييرات التي عرفتها مواقع المسؤولية القضائية إلى ما يناهز 90 %.
على مستوى الحركة الانتقالية للقضاة، فقد أسفرتْ عن نقل 442 قاضيا، 50 % منهم بناءً على طلبهم، والبقيّة لسدّ الخصاص أو رعيا للمصلحة القضائية أو على إثر ترقية حيث تمّت ترقية 2296 قاضيا.
بخصوص الملفات التأديبية فقد قرر المجلس إحالة 42 قاضيا للتأديب، وصدر في حقهم عقوبات تتراوح بين العزل في حقّ قاضيين، والإحالة على التقاعد الحتمي في حقّ 3 قضاة، والإقصاء المؤقت عن العمل في حقّ 8 قضاة، والإنذار في حق 10 قضاة، والتوبيخ في حقّ قاضيين، بينما تقرّر تبرئة 8 قضاة.
وفي إطار جهود التخليق، أشار التقرير إلى تفعيل عمل اللجنة المكلّفة بالفحص المنتظم للتصريح بالممتلكات، حيث تمّ تكليف المفتشيّة العامّة للشؤون القضائية بتتبّع ثروة 14 قاضيا، وتقدير الثروة بالنسبة ل 15 قاضيا. كما وجه الرئيس المنتدب 3 دوريّات للقضاة تتعلّق باحترام الآجال المحدّدة للتصريح بالممتلكات، وتقديم تصاريح جديدة كلما طرأ تغيير في وضعيّة القاضي المالية.
إقرأ ايضاً
أما على مستوى حصيلة عمل المحاكم فقد أشار التقرير إلى الارتفاع الكبير وغير المسبوق الذي سجلته القضايا الجديدة والتي سجّلت 500.000 قضية (أي بزيادة تصل إلى 13.47% من القضايا المسجلة خلال السنة السابقة)، وهو ما لم يحلْ دون ارتفاع عدد القضايا المحكومة والتي عرفت زيادة 570.000 قضية. ويمكن تبرير هذه الزيادة برفع عدد المحاكم بحسب الخريطة القضائية الجديدة والتي ساهمت في التقريب الجغرافي للقضاء من المتقاضين.
في نفس السياق وقف التقرير على استمرار حجم القضايا المخلفة في الارتفاع إذ انتقلت من 758.859 قضية سنة 2021 الى 766.306 قضية في نهاية 2022، أي بمقدار ما يناهز 7500 قضية. وقد أرجع التقرير ارتفاع نسبة القضايا الباقية بدون حكم في نهاية السنة إلى عدّة أسباب تتعلّق باختلالات نظام التبليغ في قانون المسطرة المدنية، ومشكل خصاص القضاة في المحاكم، وهو ما يتطلّب حلولًا تشريعية.
وبلغ معدّل الحصّة الفرديّة للقضاة بمحاكم الاستئناف العادية 436 حكما لكلّ قاضٍ، بارتفاع يناهز 7%. أما في المحاكم الابتدائية، فقد سجّل هذا المعدل 2232 حكما لكلّ قاضٍ، بارتفاع يقدّر ب 20%.
ورغم إدماج مؤشر النوع الاجتماعي في بعض الإحصائيات المقدمة على سبيل المثال ما يتعلّق بعدد القضاة في المحاكم وفي مناصب المسؤولية القضائية والتي كشفتْ أن نسبة النساء في هذه المناصب لا تتجاوز 8 %، علما بأن نسبتهم في الجسم القضائي تتجاوز 26 % . إلا أن حضور مؤشر النوع الاجتماعي يبدو محتشما بخصوص باقي المعطيات الإحصائية الأخرى التي يقدمها التقرير والتي جاءت بشكل مجمل كما يبدو مثلا في عدد نواب المسؤولين القضائيين الذين تمّ تعيينهم، وعدد القضاة الذين تقدموا بطلبات للإعفاء من المسؤولية، أو الذين طلبوا إحالتهم على التقاعد النسبي، أو عدد القضاة الذين تم إحالتهم على التأديب، علما بأن إدماج بُعد النوع الاجتماعي في تقديم الإحصائيات المذكورة يمكن أن يشكّل مادة خصبة للاعتماد عليها لتقييم أداء النساء القاضيات ومعرفة الإكراهات التي يواجهنها في القيام بمهامهن أو تحديد الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ضعف مؤشرات وصولهن إلى مراكز صنع القرار.
من جهة أخرى يلحظ طغيان الجانب المتعلّق بالأنشطة والإحصائيات على الجانب التحليلي أو النقدي في التقرير السنوي للمجلس.