علم من مصادر موثوقة أن عناصر الفرقة الوطنية للجمارك كثفت تعاونها مع مصالح الدرك الملكي في المناطق المحيطة بمدينة الدار البيضاء، خصوصاً الهراويين، بوسكورة، وسيدي حجاج، بهدف ملاحقة شبكة متخصصة في تزوير منتجات زيوت المحركات. هذه الشبكة تقوم بتحويل مستودعات عشوائية إلى مصانع سرية لتصنيع زيوت مغشوشة وقطع غيار مقلدة، بينما تعمل السلطات على تحديد هوية المتورطين. التحقيقات في هذا الملف انطلقت بناءً على معلومات دقيقة جمعتها خلية اليقظة وتحليل المخاطر التابعة لجهاز المراقبة الجمركي، بعد تصاعد استخدام شركات البناء والأشغال لزيوت مغشوشة لتشحيم معداتها بغرض تقليل التكلفة مقارنة مع الزيوت الأصلية، مما أدى إلى تلقي شكاوى متزايدة من شركات توزيع محلية وأجنبية بشأن انتشار هذه المنتجات المقلدة في السوق.
التحريات التي تجريها المصالح الجمركية كشفت أن الوحدات المصنعة للزيوت المغشوشة تستعين بسماسرة ومُنقبين لجمع زيوت المحركات المستعملة الناتجة عن تغييرات الزيت الدورية للمركبات أو المعدات الثقيلة المستخدمة في مواقع العمل. يُشترى هذا الزيت بأسعار زهيدة تتراوح بين 20 إلى 30 درهماً للبرميل المتوسط الحجم، وتُعد محطات الوقود المصدر الرئيس لجمع هذه الزيوت، تليها محلات الإصلاح التقليدية. وقد أكدت المصادر أن هذه الأنشطة غير المشروعة زادت خطورتها بعدما ارتفعت أسعار الزيت المستعمل، مما يشكل تهديداً مباشراً لسلامة مستخدمي المركبات التي يتم تشحيمها بهذه المنتجات، خاصة مع ظهور شركات تعمل في إعادة تدوير النفايات الصناعية، ومنها زيوت المحركات.
وأوضحت المصادر أن أرباب هذه الوحدات يلجؤون إلى تزوير متقن لعلامات تجارية عالمية متخصصة في زيوت المحركات. يتم ذلك عبر طباعة ملصقات مقلدة باستخدام تقنيات متطورة تتضمن رموزاً تعريفية مزيفة (Codes-barres) تشير، عند استقرائها، إلى منتجات غير ذات صلة مثل مواد غذائية ومستحضرات تجميل وتجهيزات منزلية. كما أظهرت التحقيقات استخدام فواتير مزورة تعود لسنوات سابقة لتبرير مصادر شراء الزيوت المخزنة في المستودعات، مع ادعاءات بأنها موجهة لإعادة التدوير كأنها نفايات صناعية. تجدر الإشارة إلى أن هذه الوحدات غير مرخصة ولا تستوفي المتطلبات القانونية اللازمة لهذا النشاط، الذي يحتاج إلى تصريح خاص واحترام دفتر تحملات صارم.
إقرأ ايضاً
كما كشفت المعطيات انفصال التحقيقات الحالية عند طرق ووسائل احتيالية تعتمد على تعديل التركيبة الكيميائية للزيت. التصنيع السري يعتمد على إضافة مواد كيميائية إلى الزيوت المستعملة بعد تصفيتها من الشوائب للحصول على اللون المطلوب، ثم استخدام مكونات لإعطاء المنتج اللزوجة المطلوبة، وهي عمليات خطيرة تُجرى دون مراعاة تدابير السلامة. وأخيراً يضاف زيت الأساس بنسبة معينة لتحضير المنتج النهائي للتعبئة. اللافت هو استعانة هذه المصانع بعمالة شابة وبعضهم قاصرون في تنفيذ هذه العمليات، مما يزيد الوضع تعقيداً من حيث الجانب الإنساني والقانوني.
