حسين مجدوبي “القدس العربي”:
في حوار مثير بمناسبة صدور كتابه المعنون بـ”طبول الحرب”، قال الأدميرال الذي تقاعد مؤخرا، رودريغيث غارات، إن المغرب جار مزعج ويمارس حربا هجينة ضد إسبانيا، وإن لم تكن هدفه الرئيسي. واعتبر الجزائر خطرا على الغرب بسبب غواصاتها. ويبرز هذا الأدميرال نوعية الفكر السائد في العقيدة العسكرية الإسبانية ضد المغرب.
والكتاب يدافع عن العقيدة العسكرية المحافظة، منبها إلى تراجع مكانة إسبانيا العسكرية بسبب غياب الروح العسكرية وتراجع مستوى التسليح، ويعالج مختلف منعطفات تاريخ الجيش الإسباني خاصة منذ ما يعرف بحرب 1898 التي خسرتها إسبانيا في مواجهة الولايات المتحدة.
كما يبرز المؤلف الذي قضى في العمل العسكري 47 سنة، منها تحمّل مسؤوليات في إسبانيا والحلف الأطلسي، التغييرات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها العالم مع تركيز خاص على روسيا والصين. وكالعادة في كل كتاب عسكري يحضر المغرب. وبمناسبة هذا الكتاب، أجرت جريدة “لراثون” حوارا مع المؤلف مع تركيز خاص على المغرب.
وهكذا، في رده على سؤال حول تقييم العلاقات مع المغرب، وهل يشكل مصدر تهديد لإسبانيا، كان توضيحه بأن المغرب لا يشكل تهديدا في الوقت الحالي.. المغرب جار غير مريح.. المغرب جار مزعج، يستخدم أعمال الحرب الهجينة لمضايقة إسبانيا بهدف وحيد هو جعل شعبه يتحدث عن شيء آخر بدلا من الحديث عن مشاكله الحقيقية”.
وأضاف: “تكمن مشكلة المغرب الحقيقية على الحدود مع الجزائر وفي منطقة الساحل والنزاع حول الصحراء الغربية، والتي ربما تكون الجانب الأكثر أهمية في سياسته الخارجية والسبب الرئيسي في نزاعه مع الجزائر”.
إقرأ ايضاً
ويستمر في توضيحه “يمكن للمغرب أن ينغص على إسبانيا حياتها، وهو يفعل ذلك من وقت لآخر في مدن الحكم الذاتي (سبتة ومليلية)، ويتلاعب بالهجرة للحصول على امتيازات، أو يعلن في المحافل غير الرسمية عموما أن سبتة ومليلية مغربيتان لأنهما كانتا تابعتين لإمبراطورية المرابطين. الشيء الوحيد الذي لا يستطيع فعله هو دخول سبتة ومليلية بالدبابات. وهذا ما يمكن أن تقوم به روسيا لأن لديها أسلحة نووية، أو إسرائيل لأن لديها راعيا قويا وأسلحة نووية. أما المغرب، فلا يملك لا الأسلحة النووية ولا الاستقلال الإستراتيجي لإعلان الحرب. بعبارة أخرى، سيتعين على إسبانيا أن تعاني من إزعاج المغرب لفترة طويلة قادمة”.
وفي سؤال آخر حول الصفقات العسكرية التي يعقدها المغرب مؤخرا، يقول: “لإجراء تحليل جدي، يكفي أن ننظر إلى العتاد المتاح للقوات المسلحة المغربية. فإذا ما نظرنا إلى ما اشتراه المغرب، يمكننا أن نرى أين يوجد عدوه الحقيقي: على الحدود الجزائرية. المغرب لا يفكر في إسبانيا، ولو فكر في إسبانيا لكان لديه غواصات”.
ويستحضر الأدميرال الإسباني الجزائر في هذا الحوار، مشيرا: “الجزائر لديها غواصات، وبالتالي فهي أكثر خطورة على الغرب. الغواصة هي سلاح الضعفاء بامتياز لأنها تمنع أسطولاً بحرياً قوياً من الانتشار والعمل بفعالية. ولو كان المغرب مهتما حقا بجزر الكناري أو سبتة ومليلية لكان أول ما يفعله هو الحصول على غواصات. والغواصات لا تشترى في السوق ولا تصنع بين عشية وضحاها. والحقيقة أن الجزائر تملكها بالفعل، وما فعله المغرب هو شراء فرقاطات مضادة للغواصات”.
ويؤكد في تقييم السلاح الذي يقتنيه المغرب أنه اشترى “قاذفات الصواريخ بعيدة المدى؛ فهي جيدة جدا لحرب الصحراء. لقد قرأت أن قاذفات الصواريخ يمكن أن تصل إلى غرناطة، لكن ألم تكن المشكلة في أن المدن المستقلة غير محمية من طرف الحلف، لأن غرناطة جزء من أراضي الناتو، فلماذا يريد المغرب إطلاق صواريخه فوق غرناطة وإثارة حرب مع الحلف الأطلسي؟ ببساطة من أجل لا شيء”.
ولا تعتبر تصريحات هذا الأدميرال المتقاعد مفاجئة، فمعظم كتب المسؤولين العسكريين عندما يحالون إلى التقاعد، يكشفون عن العقيدة العسكرية الإسبانية الحقيقية بعيدا عن المجاملات الدبلوماسية والبروتوكولية.