تسببت حرب سندات الطلب” (Bons de commande) في تنامي منسوب الاحتجاجات في صفوف المقاولات الصغيرة جدا، خصوصا المتمركز نشاطها في مناطق شمال المملكة، بعدما هيمنت مقاولات منافسة من الحجم نفسه على أغلب الصفقات القائمة على أوامر بالشراء الصادرة المؤسسات والمقاولات العمومية، والمحدد سقفها بموجب القانون في 500 ألف درهم، بعدما كان هذا السقف لا يتجاوز 200 ألف درهم في 2013.
وكشف عبد الله فركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عن مساع لاقتراح “كوطا” محددة في سقف مالي يتراوح بين 250 ألف درهم و300 ألف درهم بالنسبة إلى “سندات الطلب” على المستوى الجهوي، لفائدة المقاولات من الجهة نفسها موضوع الصفقة العمومية، ضمن مقترحات الكونفدرالية برسم مشروع قانون المالية 2025.
وأكد فركي، أن المقاولات الصغيرة جدا تعاني من صعوبات مالية مهمة على المستوى الجهوي، بسبب عدم قدرتها على منافسة المقاولات الوافدة من محور الرباط- الدار البيضاء.
وأفاد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بأن “سندات طلب” لا تتجاوز قيمتها 70 ألف درهم في تطوان، مثلا، تفوز بها مقاولات قادمة من الدار البيضاء؛ الأمر الذي يثير الدهشة، باعتبار أن قيمة الصفقة صغيرة والمقاولة الوافدة سيكون هامش ربحها إذا وجد ضعيفا ولا يستحق المجهود المبذول من أجله.
وأوضح المتحدث ذاته أن بعض المقاولات تأتي من مناطق بعيد للمنافسة على أوامر شراء لمجرد الحصول على صفقات مرجعية، لغاية تأسيس ملفات ترشحها من أجل طلبات عروض مقبلة، تتطلب “شهادات مرجعية” كشروط أساسية من أجل الانتقاء والمنافسة.
وفي هذا الصدد، شدد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على ضرورة منح الأولوية للمقاولات الجهوية وتمكينها من الوسائل التي تضمن بقاءها وتنافسيتها في السوق.
وأضاف أن نشر “سندات الطلب” عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية يتيح الفرصة أمام المقاولات الصغيرة جدا على المستوى الوطني من أجل المنافسة على الصفقات؛ ما يشكل ظلما بالنسبة إلى المقاولات الجهوية، حيث تفوز مقاولة من الرباط بصفقة في الناظور مثلا، وتمهل لمدة 48 ساعة من أجل تقديم ملفها، وإلا تقصى، ويتم منح الصفقة للمقاولة صاحبة العرض الثاني، منبها إلى أن الإمكانيات الموفرة لفائدة المقاولات الصغيرة بالمدن الكبرى وقربها من مصادر التمويل يقويان قدراتها التنافسية مقارنة مع نظيراتها في المدن الصغرى.
وبالإضافة إلى رفع سقف “سندات الطلب”، نص المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية على ضرورة تخصيص نسبة 30 في المائة من المبلغ المتوقع للصفقات المزمع طرحها من طرف الدولة ومؤسساتها برسم كل سنة مالية بشكل عام للمقاولة الوطنية المتوسطة والصغيرة، بما فيها المبتكرة والمبتدئة، وللتعاونيات ولاتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي.
وأرجع المجلس الأعلى للحسابات، في مذكرة سابقة حول تنفيذ النفقات العمومية بواسطة “سندات الطلب”، غياب المنافسة الحقيقية في هذا المجال إلى ضعف نظام المراقبة الداخلية بشأن هذه المسطرة. كما رصد المجلس ذاته، أيضا، اللجوء إلى تجزئة النفقات لتنفيذها بواسطة “سندات الطلب”؛ بالنظر إلى أنها ذات مسطرة تيسيرية مقارنة بالنفقات التي تتطلب فتح طلبات عروض تتطلب مساطر وآجالا محددة.