تشهد أقاليم جهة سوس ماسة حالة من الاستنفار لم يسبق لها مثيل في أوساط الفلاحين ومديريات الفلاحة، إلى جانب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية المعروف باسم (ONSSA). كل هذا بعد رصد أضرار متزايدة على محاصيل الذرة، إثر انتشار دودة “الحشد الخريفية” التي تُعتبر واحدة من أخطر الآفات الزراعية العابرة للحدود في العالم.
هذه الحشرة، التي ظهرت لأول مرة في المناطق الاستوائية بأمريكا، سرعان ما شقت طريقها إلى إفريقيا الغربية عام 2016، حيث انتشرت بسرعة لا تُصدق عبر 44 دولة إفريقية، ثم انتقلت إلى آسيا، ووصلت الهند والصين عام 2019، وظهرت في أستراليا لأول مرة عام 2020. واليوم، يبدو أن هذه الآفة تهدد الإنتاج الغذائي في المغرب، خصوصًا في مناطق سوس المعروفة بإنتاجها للذرة والخضروات.
تتميز دودة الحشد الخريفية بقدرتها على الطيران لمسافات بعيدة وخصوبتها الهائلة، فبإمكان الأنثى أن تضع مئات البيوض في فترة زمنية قصيرة، مما يساهم في سرعة انتشارها وتدميرها لمحاصيل واسعة. تتغذى اليرقات بشكل رئيسي على أوراق وسيقان الذرة، لكن تأثيرها لا يقتصر على الذرة فقط؛ بل يمتد ليشمل محاصيل أخرى مثل الأرز والقمح والقصب والبطاطس.
يعبر الفلاحون في سوس عن قلقهم العميق بسبب هذه الظاهرة التي ألحقت خسائر ملموسة بالإنتاج المحلي، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الأمن الغذائي والدخل الزراعي. ويطالب المنتجون بدعم تقني ومبيدات فعالة للتصدي لهذا التهديد في ظل مواردهم المحدودة ومعرفتهم الضئيلة بكيفية مكافحة هذه الآفة.
إقرأ ايضاً
استجابة لهذا الوضع المُلِحّ، بدأت وزارة الفلاحة والمديريات الإقليمية في تنفيذ خطة عمل استباقية تتضمن تتبع بؤر الإصابة وتوزيع مصائد ذكية لمراقبة حركة الحشرة. بالإضافة إلى إطلاق حملات توعية للفلاحين لتعريفهم بعلامات الإصابة الأولى وكيفية مكافحة الحشرة بيولوجيًا وكيميائيًا.
كجزء من الإجراءات، يعمل المكتب الوطني للسلامة الصحية (ONSSA) على توفير مبيدات معتمدة وتنسيق الجهود مع المنظمات الدولية بهدف احتواء انتشار الحشرة والحفاظ على استقرار الإنتاج الزراعي الوطني.
أمام هذا التهديد المتزايد، أصبح من الضروري أن يرفع جميع الفلاحين مستوى اليقظة ويبلغوا عن أي حالات مشبوهة للإصابة. يتطلب الأمر تعاونًا جماعيًا للتصدي لدودة الحشد الخريفية، بهدف حماية الموسم الزراعي الحالي وضمان الأمن الغذائي المستدام للمغرب.
