حذرت فعاليات جمعوية مهتمة بحقوق الطفل والشأن المدرسي، وبعض الأحزاب السياسية الممثلة بمجلس النواب من وجود مخاطر تفاقم الهدر المدرسي خاصة بالمناطق القروية نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية.
وحذت ذات الفعاليات من أن المغرب أمام موسم دراسي جديد بظروف استثنائية مجددا، مع ارتفاع كبير للأسعار ، واستمرار تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة لتداعيات الزلزال الذي ضرب عدة مناطق في المملكة ، ومازال المواطنون هناك يواجهون تبعاته ، وبالتالي قد يتجه البعض لحرمان أبنائهم من الولوج للدراسة أمام الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ويُشار إلى أن حوالي 300 ألف تلميذ مغربي يغادر المدرسة المغربية سنويا قبل حصوله على شهادة البكالوريا، وفق آخر الأرقام المُعلنة من طرف الوزارة الوصية.
وأعادت التحذيرات الجمعوية والبرلمانية المُوجهة لوزارة شكيب بنموسى، النقاش حول مدى نجاعة الإجراءات والسياسات المُتبعة من طرف الوزارة الوصية الموجهة للتلاميذ وللمنظومة التربوية في الحد من نسب الهدرس المدرسي المرتفعة.
عبد الناصر الناجي، الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، اعتبر أن “السياسات المتخذة من طرف الوزارة الوصية لمحاربة الهدر المدرسي غير ناجعة بشكل كبير جدا للحد من هذه الآفة، كون الهدر المدرسي ما هو إلا صورة مصغرة لأزمة المدرسة التي تعاني من أزمات متعددة الأبعاد، والسبب الرئيسي في عدم النجاعة هو تنزيل إصلاحات جزئية غير شمولية تعالج فقط بعض الإشكالات، في حين أن الأزمة مركبة ومتعددة الأبعاد والهدر ما هو إلا نتيجة ومحصلة من محصلات هذه الأزمة”.
ويرى ذات الخبير التربوي أن “الإصلاحات الجزئية لا يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الحد الفعلي من ظاهرة الهدر المدرسي، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإصلاح الشمولي للمنظومة التربوية يتطلب العديد من السنوات، وهو ما لا يحدث لحد الآن كون الوزير سياسي ويمثل حزب سياسي في مشكل للحكومة، ويحتاج لإجابات سريعة لأزمة التعليم حتى يستثمرها سياسيا وانتخابيا، وهذا ما يفسر كذلك تواتر ارتفاع نسبة النجاح في البكالوريا سنة بعد أخرى على حساب الجودة والكيف، إذ لا يعقل من الناحية المنطقية تسجيل نسب نجاح مرتفعة جدا ونسب هدر مدرسي مرتفعة كذلك في نفس السنة”.
وشدد رئيس رئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم على أن “الهدر المدرسي إشكال بنيوي ملتصق بطبيعة المنظومة التربوية الوطنية، حيث يغادر ما بين 300 ألف و350 ألف تلميذا من المدرسة لأسباب متعددة منها ما هو داخلي مرتبط بواقع المنظومة والمتمثل في ضعف تكوين الأساتذة، إضافة إلى تلقين التلاميذ مواد متعدد ونظام بيداغوجي مكتظ جدا ما يؤدي لعدم استيعاب جزء كبير من التلاميذ حيث يجب في السنوات الأولى تدريس فقط التعلمات الأساس المتمثلة في الحساب والقراءة والكتابة والتربية على القيم، وعوامل أخرى خارجة عن المدرسة وهي مرتبطة بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي يأتي بها المتعلم للمدرسة من قبيل ضعف الامكانات المالية المرصودة له والصراعات الأسرية التي يجد نفسه وسطها”.
وأشار الناجي إلى أن هناك “مشكل آخر يفاقم الدخول المدرسي وهو النجاح دون استحقاق، حيث يتم تنقيل التلميذ من مستوى دراسي لمستوى دراسي آخر دون تمكينه من كفايات ذلك الموسم الدراسي، ما يؤدي لعدم تكيفه واستيعابه للمستوى الدراسي القادم، واصطدامه في آخر المسار بحاجز معرفي كبير يضطره في الكثير من الأحيان للانقطاع عن الدراسة، فالوزارة ما يتفكر فيه هو نسبة النجاح المرتفعة كما حصل مع نتائج البكالوريا التي فاقت 80 في المئة”.