استبقت جمعيات حماية المستهلك لجوء الحكومة إلى خيار استيراد زيت الزيتون بسبب توقعات ضعف الإنتاج خلال الموسم الحالي، وترقب بلوغ أسعارها مستوات قياسية مقارنة بالمواسم السابقة (150 درهم)، بالدعوة إلى “عدم تكرار سيناريو استيراد الأغنام والأبقار لتقليص أسعار الأضاحي واللحوم الحمراء دون أن تسجل أسعارها انخفاضا ملحوظا في الأسواق الوطنية وإقرار مراقبة حقيقية للأسعار”.
وعلى عكس السنة الماضية التي اكتفت فيها الحكومة بتقييد تصدير الزيتون وزيت الزيتون، تتجه وزارة الفلاحة خلال الموسم الحالي إلى خيار الاستيراد لكبح الارتفاع القياسي في أسعار زيت الزيتون.
عبد الكريم الشافعي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بالمغرب ورئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس- ماسة، قال إن “فكرة استيراد زيت الزيتون هي خطوة إيجابية وعملية”، مستدركا أنه “في المقابل لا يجب أن نسقط في سيناريو لجوء الوزارة إلى استيراد الإغنام والأبقار دون أن نلمس انخفاضا حقيقيا على مستوى أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق الوطنية”.
وانتقد الشافعي، “استفادة عدد من المستثمرين من الإعفاءات الضريبية والتسهيلات الجمركية من أجل استيراد الأغنام خلال أزمة غلاء الأضاحي خلال عيد الأضحى ونفس الشيء عند استيراد الأبقار لتقليص ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء دون أن يحقق ذلك أي تراجع حقيقي على مستوى سعر المنتوج لدى المستهلك”.
وخاطب الشافعي وزارة الفلاحة والمستثمرين أنه “إذا كان استيراد زيت الزيتون سيحد من هذا الارتفاع الفاحش ويحددها في 50 إلى 70 درهم فمرحبا به”، مشددا على أنه “إذا كان الاستيراد سيقلص بضعة دريهمات فلا حاجة لنا بهذا الإجراء والأسبقية للمنتوج الوطني في هذه الحالة”.
وأورد المصرح نفسه مثالاً عن غياب انعكاس سياسة للاستيراد على الأسعار المنتوجات الأساسية في الأسواق الوطنية بالإشارة إلى “لجوء الحكومة إلى خيار استيراد الأبقار من دول أجنبية لتخفيف عبء أسعارها على المستهلك المغربي”، مستدركا أنه “اليوم وبعد عدة أشهر من هذا القرار لاتزال اللحوم الحمراء في مستوى 100 إلى 120 درهم”.
ولضمان شفافية عملية استيراد زيت الزيتون، دعا الشافعي إلى “اعتماد دفتر تحملات يحدد ثمن البيع للعموم”، محيلا على “المادة 3 و4 من قانون حرية الاسعار والمنافسة التي تتيح للحكومة أن تتخل، بعد استشارة مجلس المنافسة، لتسقيف الأسعار”.
وعن الممارسات غير الأخلاقية التي تتنامى خلال فترة إنتاج زيت الزيتون من قبيل “ترويج الزيوت المغشوشة ومزج زيت الزيتون مع زيت المائدة أو زيادة بعض الأقراص التي تزيد من تختر هذا المنتوج أو حتى خلط زيت الموسم الماضي مع إنتاج هذا الموسم”، دفا الفاعل المدني إلى “تشديد المراقبة على هؤلاء المتاجرين بحاجة المواطنين ومعاقبة كل مخالفي قواعد الجودة”.
وسجل المتحدث ذاته أن “هذا الارتفاع الصاروخي في أسعار زيت الزيتون لا يرتبط بالعوامل المناخية فقط وإنما تتدخل أيضا المضاربة والسمسرة في مضاعفة الأسعار بشكل غير مقبول”، داعيا إلى “اعتماد لجان مراقبة للحد من الممارسات المنافية للقانون من طرف عديمي الضمير”.
وشدد المصدر نفسه على أنه “لا يجب أن نستورد أي منتوج من أجل تحقيق اكتفاء ذاتي وتحقيق استقرار في الأسواق الوطنية من زيت الزيتون دون أية مراعاة لمعيار الجودة الذي قد يؤثر سلبا على صحة المواطنين”.
ولفت الشافعي إلى أن “إنتاج زيت الزيتون خلال الموسم المقبل سيكون أقل من مستوى السنة الماضية بما بين 40 إلى 50 في المئة، حسب تقديرات وزارة الفلاحة، بسبب الجفاف والأزمات المناخية التي أثرت على مستوى الإنتاج”.
وأضاف الشافعي أنه “أمام هذه النقص الحاد في إنتاج زيت الزيتون وترقب ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية لا يمكن للحكومة إلا أن تلجأ إلى خيار الاستيراد من أجل سد الخصاص على مستوى حاجيات المستهلكين من هذا المنتوج الضروري في مائدة المغاربة”.
وفي هذا الصدد، أشار المتحدث ذاته إلى أنه “حتى الدول المعروفة بإنتاجها مستويات قياسية من زيت الزيتون تعاني من نفس أزمة النقص على مستوى الإنتاج لكن بنسب متفاوتة مقارنة مع الأزمة التي يعرفها المغرب في هذا المنتوج”.
استيراد اي منتوج غذائي أو حيواني أونباتي ليس الا لتحقيق الاغتناء الذاتي للمنهشين المستوردين نتيجة تخلي الدولة عن حماية المهلوك من شجع المنهشين في الوقت الذي انعدمت فيهم قيم التضامن والوازع الديني و الاخلاقي واستطاعوا ان يهيمنوا على كل دواليب الدولة واخضاع المسؤولين لرغباتهم الذاتية.