يرتقب أن يزور رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة، المملكة السعودية في الأيام القليلة القادمة، وذلك بعد أسابيع من زيارة وزير داخلية السعودية إلى الجزائر قبل 10 أيام من الآن.
وحسب ما روجته تقارير إعلامية، فإن هذه الزيارة تأتي بغرض “لقاء شنقريحة بقادة المخابرات السعودية من أجل التوسط لحل الأزمة بين الجزائر والإمارات”، إلا أن هناك معطيات أخرى، تصرف النظر عن هذا الهدف المعلن.
ومن بين هذه المعطيات المترادفة، أن العلاقات السعودية الجزائرية تعيش حالة من البرود الدبلوماسي، تجلت مظاهره في عدم حضور ولي عهد السعودية محمد بن سلمان للقمة العربية المقامة بالجزائر في نونبر 2022، كما أن هذه الزيارة تأتي بعد تعميم الدوان الملكي السعودي مراسلة لكافة المسؤولين والإدارات بعدم استخدام مصطلح “الصحراء الغربية” وباعتماد “خريطة المغرب كاملة”، وهو ما يجعل التساؤل مشروعا عن الأهداف غير المعلنة للزيارة المرتقبة لشنقريحة إلى السعودية.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير العسكري والمحلل السياسي، عبد الرحمن مكاوي، أن “التحضير لزيارة الفريق شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري إلى المملكة السعودية، تدخل في إطار طلب الجزائر توسط السعودية لدى الإمارات، خاصة أن منسوب التوتر بين البلدين قد وصل إلى درجة اتهام دولة الإمارات بالتآمر والمناورة لتفكيك وضرب استقرار الجزائر انطلاقا من مالي، وقد تم اتهام الإمارات بتمويل مليشيا فاغنر في مالي وفي ليبيا، ومليشيات أخرى”.
ويرى مكاوي أن “هذا التوتر المتصاعد، الذي يرى فيه الجزائريون أنه يذهب إلى الشاكلة السودانية، زرع نوعا من القلق والانزعاج في الأوساط العسكرية الجزائرية التي تحاول مطالبة السعوديين إيقاف هذا النزاع المتصاعد، والذي يتكاثر إعلاميا بين البلدين”.
من جهة ثانية، يسترسل الخبير العسكري ذاته، أن “الجزائر كانت تعتمد على الإمارات في إبرام صفقات التسلح من خلال الصين وروسيا ودول أخرى، والآن ينوون تحويل قاعدة الصفقات من مستوى الإمارات إلى السعودية نظرا لمتانة العلاقات السعودية الصينية، والسعودية الروسية”.
وأضاف أن “الجزائر قد وضعت ميزانية بقيمة 24 مليار دولار لمشترياتها من الأسلحة، والمملكة العربية السعودية قد تلعب دورا كبيرا في ضمان الجزائر لدى المركبات العسكرية الأمريكية وجهات أخرى”.
وتابع أن “زيارة شنقريحة للسعودية قد تشمل مواضيع أخرى، على رأسها التوتر الحاصل بين الجزائر والإمارات وتحول قاعدة صفقات الأسلحة من الإمارات إلى السعودية، ومسألة مشتريات الأسلحة الأمريكية بضمانات سعودية، إضافة إلى ملف الصحراء المغربية الذي قد حاولت السعودية أن تلعب فيه دورا مهما، إذ أن جرائد دولية تعطي للسعودية أدوارا مهما في سياق هذه الزيارة التي لم تشر إليها وسائل الإعلام الجزائرية”.
وأبرز أن “هناك أصوات من داخل الجزائر تطالب السعودية بالتوسط لدى إسرائيل لأجل تطبيع غير مباشر مع الجزائر، وهي نقطة قد تكون مهمة في هذه الزيارة، نظرا لأن المؤسسة العسكرية الجزائرية التي تتعرض إلى ضغوطات داخلية وخارجية قد تطلب من المملكة العربية السعودية التوسط لدى الولايات المتحدة، بأن يكون التطبيع بين الجزائر وإسرائيل تطبيعا غير مباشر، ويقتصر على بعض المحاور في التجارة والتبادل في المجال الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية”.
وخلص إلى أن “موضوع التطبيع غير مستبعد، خاصة أن الجزائر كانت تمارس هذا الدور بينها وبين إسرائيل عن طريق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كما أن هناك نقطا أخرى منها التقارب الإيراني الجزائري، وحرب غزة، وخروج بعض الزعماء الفلسطينيين كيحيي السنوار ومحمد ضيف للجوء إلى الجزائر، من خلال ما نشرته العديد من المنابر الغربية بهذا الخصوص”.
عذراً التعليقات مغلقة