تعاني الساحة السياسية في إقليم الناظور من وضعٍ مقلق، حيث تتصاعد الأنباء عن نية بعض البرلمانيين الحاليين دعم ترشح أبنائهم أو أفراد أسرهم في الانتخابات المقبلة. هذا الاتجاه يعكس محاولة واضحة لتحويل العمل السياسي إلى ميراث عائلي على حساب مبادئ الكفاءة والتنافس الحر، التي يجب أن تكون أساس العملية السياسية.
هذه الظاهرة تشير إلى تضاؤل روح العمل الحزبي، حيث يتم إقصاء مبدأ التدرج والكفاءة داخل الهياكل السياسية لصالح العلاقات الأسرية والشخصية. بدلاً من أن تشكّل الأحزاب فضاءً لتأطير المواطنين وتأهيل الكفاءات الشابة لتحمل المسؤولية، باتت تُستخدَم وكأنها أدوات لتحقيق مصالح ضيقة تخدم دوائر عائلية دون رؤية عامة، مما يساهم في تشويه الفكرة الجوهرية للعمل السياسي.
إلى جانب ذلك، يُهمَّش العديد من الكفاءات المحلية التي بذلت جهوداً متواصلة داخل الأحزاب والمجتمع المدني، فتحرم من فرص حقيقية للمشاركة في إدارة الشأن العام. هذا يؤدي إلى تفاقم أزمة الثقة بين المواطن والسياسي، ويُسهم في عزوف قطاعات واسعة من المجتمع عن الانخراط في المشهد السياسي.
إقرأ ايضاً
الإقليم، بما يمتلكه من طاقات شابة مؤهلة وطموحة، يحتاج إلى تمثيلية سياسية تواكب تطلعات السكان وتعمل على تعزيز المصلحة العامة بدلاً من إعادة إنتاج نفس الوجوه داخل نطاق العائلات. استمرار هذه الممارسات من شأنه أن يزيد من تدهور الثقة بالمؤسسات ويُفضي إلى فراغ سياسي كبير قد يصبح من العسير معالجته مستقبلاً.
على الأحزاب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية لضمان تكريس مبادئ الديمقراطية الداخلية. ينبغي أن تعتمد الأحزاب على معايير الكفاءة والنزاهة في اختيار المرشحين، بعيدًا عن التوجهات القبلية أو روابط القرابة. فقط عبر هذا النهج يمكن استعادة الثقة وتجديد الأمل بفعل سياسي يخدم الجميع بشكل عادل ومنصف.
