كارثة تضرب الناظور: ظاهرة غريبة تغزو أطفال و شباب المنطقة ؟

5 مايو 2025آخر تحديث :
كارثة تضرب الناظور: ظاهرة غريبة تغزو أطفال و شباب المنطقة ؟

أريفينو خاص حسن المرابط

إنها ليست مجرد ظاهرة مقلقة، بل “عارٌ” حقيقي، كما يصفه الكثيرون في الناظور بمرارة. “وباء” الكلام الفاحش، الذي يمكن وصفه مجازاً بـ”لغة المجاري”، لم يعد يقتصر على المراهقين، بل امتد ليصيب أطفالاً في عمر الزهور وفتيات صغيرات. الصدمة الأكبر أن هذا الانحدار الأخلاقي لم يعد حبيس الفضاءات المغلقة، بل أصبح مسموعاً بوضوح مزعج في محيط المدارس، لدرجة أن نوافذ بيوت الجيران باتت تستقبل يومياً قاموساً من البذاءة يندى له الجبين. منصات كـ”تيك توك” تساهم بلا شك، لكن السؤال الأعمق يبقى: من المسؤول الحقيقي عن هذه الكارثة التي تهدد جيلاً بأكمله؟
انهيار الحصون أم استسلام جماعي؟ البحث عن جذور الوباء في تربة المجتمع الناظوري المتغيرة!
صرخات الجيران هي أصدق تعبير عن الواقع المرير حول مؤسساتنا التعليمية. يقول (م. صالح)، متقاعد يسكن قبالة مدرسة ابتدائية، بصوت يملؤه الأسى والغضب: “أقسم بالله عيب وعار! أطفال صغار، بالكاد تعلموا الكلام، يخرجون من المدرسة يرددون شتائم وألفاظاً نابية لا يقولها الكبار! نسمعهم من نوافذنا كل يوم، وكأن الشارع هو من يربيهم. أين أهلهم؟ أين المدرسة؟”. شهادته ليست معزولة، فالسيدة (حفيظة. ر)، التي تسكن قرب إعدادية، تضيف بقلق بالغ: “الكارثة أن الفتيات أصبحن ينافسن الفتيان في الكلام الساقط. وقت الخروج والدخول، تسمع معجماً كاملاً من البذاءة بصوت عالٍ، بلا حياء أو احترام. هل هذه هي ‘الموضة’ الجديدة؟”.

هذه الشهادات الحية تكشف عن تراجع خطير في دور الأسرة والمدرسة، ويبدو أن البعض يطبق بالفعل، عن وعي أو دونه، ما ينتقده المثل الريفي “آرو أندار غا بارا”، تاركين أبناءهم لمؤثرات الشارع والتكنولوجيا الفتاكة. هذا الفراغ التربوي، بالإضافة لضغط الأقران والرغبة العمياء في التقليد، يشكل التربة الخصبة لانتشار هذا الوباء اللغوي.
لماذا هذه اللغة؟ لمحة نفسية خاطفة
بعيداً عن التحليل المعمق، يمكن إرجاع تبني هذه اللغة نفسياً إلى التقليد الأعمى لما يُشاهد ويُسمع، خاصة عبر المنصات الرقمية، بالإضافة إلى محاولة لفت الانتباه أو التعبير المشوه عن مشاعر الإحباط في ظل غياب التوجيه السليم.
“تيك توك” في قفص الاتهام مجدداً: كيف تتسلل سموم اللغة البذيئة إلى غرف نوم أطفالنا وفتياتنا؟
لا يمكن إغفال دور منصة “تيك توك” كمُسرّع خطير لهذه الظاهرة. خوارزمياتها التي تفضل المحتوى الصادم تساهم في انتشار المقاطع البذيئة كالنار في الهشيم. ثقافة “الترند” والتحديات تشجع على تقليد هذه الألفاظ دون وعي.

إقرأ ايضاً

والأخطر هو سهولة وصول الأطفال والفتيات لهذا المحتوى دون رقابة فعالة، مما يجعل المنصة بمثابة “مُلقّن” يومي لهذه اللغة السوقية.
إنقاذ ما يمكن إنقاذه! هل نستسلم لضياع جيل بأكمله أم نتحرك الآن لوقف “طوفان” الابتذال اللغوي في الناظور؟
إن وصول أطفالنا وفتياتنا إلى مستوى التلفظ بـ”لغة المجاري”، كما يعكسها “عار” الوضع الحالي، هو ناقوس خطر يهدد مستقبل قيمنا ومجتمعنا. الأمر يتطلب وقفة حازمة ومسؤولية مشتركة تتجاوز تحميل اللوم للمنصات فقط:

  • يقظة أسرية فورية: يجب على الآباء تحمل مسؤوليتهم التربوية كاملة، ونبذ سياسة الإهمال واللامبالاة.
  • دور فاعل للمدرسة والمجتمع: عبر التوعية المركزة، ومحو الأمية الرقمية والأخلاقية، وتشجيع البدائل الإيجابية.
  • مساءلة المنصات: بضرورة تشديد الرقابة وحماية القاصرين بجدية.
  • القدوة الحسنة: من الكبار قولاً وفعلاً.
    المسؤولية جماعية، والتحرك يجب أن يكون الآن قبل أن نجد أنفسنا أمام جيل ضاعت لغته وأخلاقه. هل نتحمل هذا “العار” أم ننتفض لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق