عامل الناظور أمام مسؤولية تاريخية: ظاهرة خطيرة تغزو أحياء المدينة تهدد العائلات والمستقبل السياحي

2 مايو 2025آخر تحديث :
عامل الناظور أمام مسؤولية تاريخية: ظاهرة خطيرة تغزو أحياء المدينة تهدد العائلات والمستقبل السياحي

أريفينو خاص حسن المرابط

تشهد مدينة الناظور تفاقماً مقلقاً لظاهرة انتشار المحلات الحرفية العشوائية، كالنجارة والميكانيك وغيرها، في قلب أحيائها السكنية، مما يحول حياة السكان إلى مصدر قلق مستمر ويهدد المظهر العام للمدينة ومستقبلها التنموي والسياحي، وسط تزايد شكاوى المواطنين، بمن فيهم المهاجرون، ومطالبتهم عامل الإقليم بالتدخل الفوري.

تعود جذور تفاقم هذه الظاهرة بشكل لافت خلال السنتين الأخيرتين إلى فترة ما بعد وقف التهريب المعيشي بين الناظور ومليلية المحتلة. فبحثاً عن مصادر دخل بديلة، لجأت بعض الأسر إلى تأجير كراجات منازلها لممارسة أنشطة حرفية، كما عمد حرفيون آخرون إلى فتح ورشات داخل بيوتهم وسط التجمعات السكنية. ومما زاد الطين بلة، هو أن أغلب هذه المحلات تعمل بشكل عشوائي، مستفيدة من غياب الرقابة الصارمة أو ما يبدو أنه تغاضٍ وإهمال من قبل بعض رجال السلطة وقياد المقاطعات. فبدلاً من تطبيق القانون، يلجأ بعض هؤلاء المسؤولين أحياناً إلى التهرب من مسؤولياتهم عبر إنجاز محاضر شكلية “خاوية” تتضمن توصيات لا تجد طريقها للتنفيذ، بل يدبجونها فقط لتبرئة ذمتهم، أو عبر استقدام لجان مختلطة صورية نادراً ما تجتمع أو تتخذ قرارات حاسمة، مما يترك الوضع على ما هو عليه ويتفاقم. ويبررون أحياناً عدم تدخلهم بصعوبة مواكبة الانتشار السريع أو بوجود تراخيص قديمة أو جديدة تُمنح في ظروف تثير الشكوك من قبل المجلس البلدي.

لا يقتصر أثر هذه الورشات العشوائية على تشويه المنظر العام، بل يتعداه إلى تشكيل خطر حقيقي على صحة وسلامة السكان. فالضجيج المنبعث من آلات النجارة ومطارق الميكانيكيين يخرق هدوء الأحياء ليلاً ونهاراً، فيما يتسبب إطلاق الأدخنة والمواد الكيماوية السامة، كمواد صباغة الأخشاب ومذيبات الزيوت، في تلوث بيئي خطير يهدد بانتشار أمراض تنفسية وحساسية. ويعبر العديد من سكان المدينة، بمن فيهم أفراد الجالية الناظورية المقيمة بالخارج الذين استثمروا في عقارات بالمدينة، عن سخطهم الشديد من هذا الوضع، مؤكدين أن شكاياتهم المتكررة للسلطات المحلية بخصوص الإزعاج والتلوث تبقى دون استجابة فعالة، مما يقوض جودة الحياة التي يطمحون إليها.

إقرأ ايضاً

المفارقة الصارخة تكمن في أن هذه الفوضى تستفحل في أحياء تضم منازل وشققاً استثمر فيها أصحابها، من مقيمين ومهاجرين، مئات الملايين أحياناً، ليجدوا أنفسهم فجأة جيراناً لورشات مزعجة وملوثة. تجاهل الشكاوى لا يزيد السكان إلا إحباطاً ويؤدي إلى انخفاض القيمة العقارية لاستثماراتهم. هذا الوضع لا يهدد فقط راحة السكان واستقرارهم، بل يقوض أيضاً الجهود المبذولة لجعل الناظور وجهة سياحية جاذبة، ويهدد بتبديد عشرات الملايير التي أُنفقت على مشاريع التهيئة والتنمية الحضرية.

وأمام هذا الواقع المقلق، تتعالى أصوات السكان المتضررين، بمن فيهم المهاجرون والعائلات الناظورية، مطالبة بتدخل حازم وعاجل من قبل عامل إقليم الناظور لتحمل مسؤولياته كاملة، وذلك قبل حلول موسم الصيف وعودة أفراد الجالية المقيمة بالخارج في شهري يوليو وأغسطس (تموز وآب) 2025، لتفادي تفاقم الوضع وصدام محتمل بين السكان وأصحاب الورشات. وتتمثل الخطوات العاجلة المطلوبة في إجراء حصر دقيق وشامل لجميع المحلات العشوائية والمزعجة، سواء كانت تعمل بترخيص مشبوه أو بدونه، خاصة في الأحياء السكنية والمناطق المحيطة بها. ويجب أن يتبع هذا الحصر اتخاذ قرارات فورية بإغلاق الورشات المخالفة للقانون والمعايير البيئية والصحية، مع إعطاء أولوية قصوى في التحقيق والإغلاق لتلك التي تشكل خطراً مباشراً عبر انبعاث مواد كيماوية سامة قد تكون قاتلة، كمحلات صباغة الأخشاب والسيارات، وتلك التي تتسبب في أكبر قدر من الإزعاج والضوضاء، خاصة التي تستخدم آليات تعمل بضغط الهواء المرتفع. كما يجب البحث الجدي في إمكانية إنشاء منطقة حرفية مجهزة (“مدينة للحرفيين”) خارج المناطق السكنية لاستيعاب هؤلاء الحرفيين وتنظيم أنشطتهم، حفاظاً على سكينة المدينة وصحة سكانها ومستقبلها. إن بقاء السلطات في موقع المتفرج أو الاكتفاء بإجراءات شكلية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الفوضى وتحويل المدينة إلى بيئة طاردة لسكانها وزوارها، وهو ما يرفضه بشدة سكان الناظور ومهاجروها الذين يطالبون بحقهم في بيئة سليمة وآمنة وتدخل فعال للسلطة الإقليمية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات تعليقان
  • Mos
    Mos منذ أسبوعين

    متى كان ممارسة الحرف الصناعية يشكل عرقلة لنمو و تطور مجتمع و حضارة ؟ بالعكس إنها التنمية بعينها و المساهمة في إنعاش الإقتصاد المحلي. لنرى المدن الرائدة سياحيا مثل مراكش و الدار البيضاء و الرباط و طنجة و اكادير، هناك مزيج بين الأحياء السكية و انتشار مختلف الأنشطة الحرفية و الصناعة التقليدية ما يروق و يعجب السياح الأجانب. فقط في الناظور الجالية التي تأتي لأقل من شهر في ثلاث او أربع سنوات تطالب بقطع أرزاق و موارد عيش العائلات المستقرة رسميا في وطنها الأم؟ ياللبلاهة و العجب!!!

    • عبدو
      عبدو منذ أسبوع واحد

      مادا تهرف هاد شي كان زمان اما داب ر حشومة حي سكني فيه ميكانيك مصدع ناس وظاير لةسخ و تلق حداه سناك

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق