كشف تحقيق صحفي عن الانتشار المقلق لظاهرة القمار والمراهنات الرقمية في المغرب، والتي تحولت من ممارسة محدودة في الكازينوهات أو الأوكار السرية إلى نشاط متاح بسهولة عبر الهواتف الذكية، مستهدفاً آلاف الشباب بوهم الربح السريع. ويحذر التحقيق من أن وراء هذه الواجهة تقف شبكات دولية منظمة تدير عمليات ممنهجة لاستنزاف الأموال وتهريبها.
يبدأ الإيقاع بالضحايا عادة بإعلانات مغرية على وسائل التواصل الاجتماعي لمواقع وتطبيقات مراهنات تتيح تسجيلاً سريعاً دون وثائق وتقدم مكافآت أولية. ورغم تحقيق البعض لأرباح طفيفة في البداية، تؤدي خوارزميات هذه المنصات إلى خسائر متتالية تدفع المستخدمين إلى دوامة الإدمان ومحاولة تعويض الخسائر، مما قد يؤدي إلى خسارة كل المدخرات وحتى الاقتراض أو السرقة.
يلعب بعض “المؤثرين” على وسائل التواصل الاجتماعي دوراً خطيراً في الترويج لهذه المواقع عبر نشر فيديوهات تظهر أرباحاً خيالية (قد تكون وهمية) واستخدام روابط إحالة تضمن لهم عمولات قد تصل، حسب خبراء، إلى 40% من خسائر متابعيهم. وكشف التحقيق عن تورط مؤثرين مغاربة في إدارة شبكات مراهنات سرية مرتبطة بالمواقع التي يروجون لها.
يشير التحقيق إلى أن العديد من هذه المنصات، التي تبدو أجنبية، تدار في الواقع من قبل شبكات مغربية تعمل من الخارج (إسبانيا، مالطا، قبرص)، وتستخدم شركات وهمية ووسطاء لتحويل الأرباح إلى حسابات سرية، مع وجود روابط محتملة مع شبكات تهريب أموال أخرى.
إقرأ ايضاً
يُعزى انتشار الظاهرة بشكل كبير إلى الفراغ القانوني الحالي، حيث لم تواكب القوانين المغربية المنظمة للقمار (المحصور في اليانصيب والكازينوهات المرخصة) التطور الرقمي، مما يتيح لهذه المواقع والتطبيقات العمل بحرية شبه تامة دون رقابة فعالة على مروجيها أو على التحويلات المالية المرتبطة بها. ويؤكد حقوقيون وخبراء أمنيون أن هذه المنصات تستغل لغسيل الأموال وتمويل أنشطة غير مشروعة، مع استخدام تقنيات تشفير وعملات رقمية وشبكات حوالات غير رسمية لإخفاء مسارات الأموال.
يحذر خبراء نفسيون وحقوقيون من التداعيات الاجتماعية الخطيرة لإدمان القمار الرقمي، بما في ذلك الفقر، الديون، المشاكل الأسرية، الاضطرابات النفسية (اكتئاب، قلق، انتحار)، والاستغلال المالي، خاصة للفئات الهشة كالشباب. ويدعو التحقيق إلى تحرك عاجل على عدة مستويات يشمل تحديث القوانين، فرض رقابة صارمة على المنصات والمروجين والتحويلات المالية، وتعزيز حملات التوعية المجتمعية بمخاطر هذه الآفة قبل أن تتحول إلى أزمة اجتماعية وكارثة اقتصادية ونفسية أوسع نطاقاً.
