في الوقت الذي لا تتوفر بخصوصه أيّة معطيات رسمية حيال “تصدير المياه المعدنية”، يساور القلق بعض الجهات الحقوقية، التي تعتبر أن “الجهات المسؤولة يتعين أن تميط اللثام عن هذا الموضوع بنفيه أو تأكيده أو توضيحه”، بالنظر إلى أن “هناك مادة في القانون المتعلق بالماء الصادر سنة 2016 تنص صراحة على إمكانية هذا التصدير”، فيما “تقلل” جهات أخرى من تأثير الأمر على الثروة المائية الإجماليّة.
فعاليات أخرى رهنت الموضوع بضرورة “بعث المجلس الأعلى للماء والمناخ، الذي كانت مهامه واضحة في القانون 15-36 المتعلق بالماء”، وذلك “لضمان فعالية ونجاعة أكبر، والأكثر من ذلك الحكامة لمحاصرة الهشاشة الطافحة اليوم في منظومة الماء”، لكون “المشاكل المائية تواصل التّفاقم رغم التحذيرات الرسمية وغير الرسمية المخيفة”.
“تصدير ضبابي”
عبد الواحد زيات، حقوقي فاعل مدني، قال إن “تصدير المياه المعدنية مازال ضبابيّا، وهو ما يحتم توقيف الكميات التي يتم تصديرها حتى لو كانت قليلة وغير مؤثرة”، مشيرا إلى أن المادة 59 من القانون رقم 36.15 المتعلّق بالماء، التي تنص على أنه “يمكن استيراد أو تصدير المياه المعدنية ومياه العين شريطة الحصول على ترخيص الإدارة وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي”، “يتعين أن يتم حذفها بجدية ومسؤولية سياسيتين في الزمن الراهن”.
ورغم أن الباحث في الماء مصطفى بنرامل إن “النص التنظيمي المذكور لم يصدر بعد”، إلا أن زيات أكد أن “الماء المعدني يحتاج إلى مراقبة أكبر في المغرب في الوقت الحالي، ونحن نتذكر أنه قبل سنوات قليلة في فترة المقاطعة ضد إحدى شركات المياه المذكورة كانت قنيناتها تسوق في دول أوروبية، مثلما شارك ذلك مهاجرون مغاربة كثر حينها”، مشيراً إلى أن “الحكومة عليها أن تكون واضحة اليوم وتوفّر المعلومات الكافية للمواطنين في هذا الصدد”.
وأضاف زيات، أن “المغرب يمرّ بمرحلة أزمة مائيّة وفترة جفاف حاد، وهذه الموارد المائية ضرورية ونحتاجها”، مشددا على “ضرورة تبني كثير من الصرامة القانونية في هذا الجانب، لأن الأمر يتعلق بالحق في الماء، الذي هو من الحقوق الأساسيّة للإنسان لارتباطه بالحقّ في الحياة، وهو ما يجعل مقاربتنا للموضوع مطالبة بأن تشتغل بنوع من الالتقائية والشّمولية لضمان مقاومة شحّ المياه بسياسات عمليّة وناجعة”.
إقرأ ايضاً
“مجلس الماء”
مصطفى العيسات، حقوقي فاعل بيئي، قال إن “النقاش المتعلق بتصدير الماء المعدني يستدعي أن نفتح ملف المجلس الأعلى للماء والمناخ الذي تم إقباره بتواطؤ من لوبي ضخم وفاعل في هذا المجال”، مشددا على “الحاجة إلى هذا المجلس الآن أكثر من أي وقت مضى، لكونه خرج إلى الوجود سنة 2019 ولكنه لم يشتغل إلى حدود اللحظة، رغم أنه كان ورشا مهما يستطيع أن يدبر قطاعا حيويا وحساسا واستراتيجيا مثل الماء”، وزاد: “نحتاج أيضا إلى تفعيل القوانين التي جاء بها الميثاق الوطني للتنمية المستدامة”.
وأوضح العيسات، أن “العديد من القوانين المرتبطة بالماء والندرة وحماية هذه الثروة ظلت عالقة برفوف البرلمان وبين أيدي اللجان البرلمانية المدجّنة التي أصبحت اليوم هي الخصم والحكم، فالعديد من المسؤولين الآن هم فلاحون كبار ومستثمرون كبار”، موضحاً أن “المؤسسة التشريعية تم اختطافها، وهو ما سيعطل لسنوات هذه القوانين والآليات المؤسساتية المرتبطة بها، لأننا صرنا أمام مافيا فلاحية نافذة ومتغوّلة”.
وأشار المتحدث عينه إلى أن “الإشكال اليوم ليس في تصدير المياه المعدنية وحدها، ولو أن هذا الجانب يظل غامضا، ولكن الإشكال في تصدير المياه داخل المنتجات الفلاحية المستنزفة للمياه واستغلال المياه الجوفية بوتيرة غير مقبولة”، داعيا إلى “التفكير عاجلا في تعيين المجلس الأعلى للماء والمناخ، فمن شأنه أن يحل العديد من المشكلات التي تواجهنا، فجميع الهيئات العليا المؤسساتية التي جرى إحداثها في المغرب، كان لها أثر مهم على أرض الواقع”.
مع أن فعاليات أخرى تجد أن “الكميات التي يمكن أن تتجه للتصدير من هذه المياه يفترض أن تكون معقولة ومحدودة، والسلطات لا يمكن أن تسمح بالضرر بالثروة المائية أو أي تسيب في هذا المجال”.

عذراً التعليقات مغلقة