يدخل الأداء الضريبي الجديد حيز التنفيذ في فاتح يناير 2025، حيث سيخضع صناع المحتويات الرقمية لضريبة بنسبة 30 في المائة على دخلهم لخزينة للدولة، وذلك بعد سنوات من تداول النقاش حول هذا الموضوع.
وتابعت يومية « الأخبار » في عددها الصادر يوم الأربعاء 27 نونبر 2024، مستجدات هذه القضية، مشيرة إلى أنه وحسب معطيات رسمية من مكتب الصرف، فإن «عمليات تصدير الخدمات من قبل الأشخاص الطبيعيين، خاضعةٌ للرقابة من قبل مصالح الإشراف التابعة لمكتب الصرف، ضماناً للامتثال للقوانين الجاري بها العمل في التشريع المالي المغربي».
وأوضحت اليومية في مقالها، نقلا عن مصادر إعلامية، أن مكتب الصرف كثف مراسلاته إلى «اليوتيوبرز والمؤثرين المغاربة الذين تلقوا أموالا من الخارج، بهدف توعيتهم بضرورة إعادة تحويل عائدات التصدير إلى المغرب، والامتثال لقوانين الصرف، مبرزة أن الأمر محط تنسيق وتعاون وثيق مع السلطات المالية المختصة بالمديرية العامة للضرائب.
ووفقا لمقال الجريدة، فقد كشفت البيانات الرسمية أن الخدمات الرقمية ساهمت في إدخال حوالي 3 مليارات درهم كعائدات بين 2018 و2022، حيث أكد دليل عمليات الصرف 2024، على إلزامية تحويل عائدات التصدير في غضون 90 يوما، مع منح المصدرين تسهيلات لفتح حسابات بالعملات الأجنبية أو الدرهم القابل للتحويل لتغطية مصاريفهم المهنية.
وأبرز مقال الأخبار أن مكتب الصرف أنشأ وحدة خاصة لمتابعة وتعقب المعاملات الرقمية، مهمتها الأساسية مراقبة عمليات تصدير الخدمات التي تتم عبر المنصات الإلكترونية، معتمدا في ذلك على تقنيات وأدوات متطورة تتيح تعقب العمليات المشبوهة بشكل دقيق، مدعوما بقاعدة بيانات شاملة لضمان مراقبة فعالة».
وأشارت الأخبار في مقالها، أنه ومنذ سنة 2018، خصص مكتب الصرف خدمة لمراقبة العمليات مع الخارج التي يقوم بها الأشخاص الذاتيون، حيث شهد عام 2019 إطلاق مكتب الصرف لأول عملية لمراقبة عينة من عمليات تصدير الخدمات عبر الإنترنت.
وقالت مصادر إعلامية أن شهر فبراير المنصرم شهد تنسيقا بين المديرية العامة للضرائب ومكتب الصرف، خلُص إلى تحديد لائحة بأسماء عدد من المؤثرين الذين يتوفرون على ممتلكات بالخارج، ويتوصلون بمداخيل مهمة لم يتم التصريح بها، ولم يؤد المستفيدون منها الواجبات الضريبية المستحقة عليها، مضيفةً أن المراقبين اكتشفوا أن المؤثرين يمتلكون أصولا بالخارج دون إذن مسبق من مكتب الصرف، من قبيل إنشاء شركات، واقتناء عقارات، وشراء أصول مالية، إضافة إلى فتح حسابات بنكية بالخارج، سواء لدى مؤسسات مالية منظمة، أو عبر منصات مالية، واستخدام عائدات إيرادات المحتوى على الأنترنيت في الدفع الدولي للنفقات.
وأشارت المصادر ذاتها، حسب مقال الأخبار، إلى أن التحريات أبانت عن وجود فارق بين المداخيل المفترض تحصيلها من قبل المؤثرين، وتلك التي يتم التصريح بها للمصالح المختصة بالمراقبة المالية يصل إلى الضعف، ما دفع المكلفين بالمراقبة إلى تعميق البحث للوصول إلى وجهة المبالغ التي لا يتم التصريح بها، فتبين بالاستعانة بأجهزة الرقابة في عدد من البلدان، خاصة الأوروبية منها، أن هناك حسابات سرية تعود لبعض المؤثرين تتم تغذيتها بجزء من المداخيل المحصل عليها من الأنشطة، التي يزاولونها على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتم توظيفها في سندات وأوراق مالية، بالاستعانة بشركات الوساطة في الأسواق المالية.
إقرأ ايضاً
وأكد مقال اليومية أن «صناع المحتوى»، يدخلون في ما يخص الجانب التنظيمي، في إطار تصدير «الخدمات»، ويعرف بأنه «أي خدمة تقدم داخل المغرب أو خارجه، من قبل مقيم لفائدة غير مقيم، وتدفع مقابلها مكافأة مالية»، إذ ووفقا لما ورد في «دليل تعليمات عمليات الصرف لعام 2024، يتعين على المصدرين الامتثال للآجال المحددة لإعادة تحويل مداخيل التصدير، كما يتمتعون بمزايا كبيرة مثل إمكانية فتح حسابات بالعملات الأجنبية، أو بالدرهم القابل للتحويل».
ويجب على مصدري الخدمات الرقمية أو صناع المحتوى إعادة تحويل إجمالي عائدات التصدير إلى المغرب في غضون 90 يوما من تاريخ تقديم الخدمة، بالإضافة إلى ذلك، يُسمح للأشخاص الطبيعيين المسجلين في السجل التجاري وكذلك الشركات بفتح حسابات بالعملات الأجنبية أو الدرهم القابل للتحويل، لتغطية مصاريفهم المهنية، حيث يمكن إيداع 70 بالمائة من عائدات التصدير في هذه الحسابات.
أما الأشخاص الطبيعيون غير المسجلين في السجل التجاري، الذين يكسبون دخلا من مصادر أجنبية، فيمكنهم أيضا «فتح حسابات مماثلة شريطة أن يتم الإبلاغ عن هذه المداخيل كتابةً لدى البنك المغربي، مع توضيح طبيعة العملية التي أدت إلى هذا الدخل».
وأوردت الأخبار أن خبراء اعتبروا إن التعديلات الضريبية التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2025، كانت الغاية منها توسيع الوعاء الضريبي لمحاربة التهرب وعمليات الغش التي تؤثر على مبدأ المساواة أمام الضريبة، بمن فيهم صناع المحتوى وممتهنو التجارة الإلكترونية، مشيرين إلى أن عملية الفحص الجبائي للأشخاص الذاتين المنصوص عليها في مشروع القانون المالي المغربي قيد المناقشة، وتحدد الأصناف الجديدة التي تستفيد من أرباح ومكاسب مالية مختلفة، وتدخل نطاق الفرض الضريبي، ومن ضمنها صناع المحتوى وما يطلق عليهم المؤثرون بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي وممتهني التجارة الإلكترونية.
وهناك فئة محددة من صناع المحتوى والممتهنين للتجارة الإلكترونية يشتغلون بشكل منظم في إطار شركة أو مقاولة ذاتية، ويصرحون برقم أعمالهم وأرباحهم، وبالتالي يخضعون للضرائب، بينما يشتغل الكثيرون من وراء الستار، ويحققون مداخيل وأرباحا دون أن تستفيد خزينة الدولة منهم.
وبينت الجريدة أن مكتب الصرف طالب المغاربة الذين يحققون عائدات من الخارج من خلال تقديم خدمات رقمية، بالالتزام بتحويل هذه الأموال إلى المملكة، في إطار احترام القوانين المالية المعمول بها، حيث أطلق المكتب حملة توعوية مكثفة تستهدف المؤثرين ويوتيوبرز المغاربة، بهدف تسليط الضوء على التزاماتهم القانونية تجاه تحويل العائدات، بالتنسيق مع المديرية العامة للضرائب، لضمان تنظيم العمليات المالية الرقمية.