غضب نقابي كبير يلوح في الأفق من الإجراء الحكومي الأخير القاضي بنقل إسناد مهمة تدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالقطاع العام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بدل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “كنوبس”.
وبمجرد الإعلان عن تقديم وزير الصحة خالد ايت الطالب رسميا مشروع قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض للمجلس الحكومي، عبرت فعاليات نقابية عن رفضها للإجراء الجديد واصفة إياه بـ “الأحادي” والضارب كليا لكل مكتسبات شغيلة القطاع العام ومكتسبات منخري التعاضد المغربي وذوي الحقوق.
ميلود معصيد، القيادي بالمركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل، ورئيس تنسيقية التعاضديات ورئيس المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أكد “تمرير الحكومة الحالية مشروع القانون المثير للكثير من الجدل والسخط بدون الرجوع للحوار الاجتماعي مع الحركة النقابية وبدون الرجوع لتعاضد المغرب”.
وأكد معصيد في أن “مشروع القانون ينص على اجراءات خطيرة جدا، والأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ميلود مخاريق سبق وراسل رئيس الحكومة يوم 14 ماي 2024 يوضح فيها مخاطر الاجراء من ناحية مسه بحقوق ومكتسبات ما يقارب ثلاث ملايين من المؤمنين وذوي الحقوق وسيمس بالاستقرار الاجتماعي لمستخدمي “الكنوبس” ويمس بمصير التعاضد المغربي الذي سيتم تهميشه بعد إعطاء القطاع التكميلي لشركات التأمين، رغم أن التعاضد المغربي منصوص عليه في الفصل 31 من الدستور ونصت عليه الخطب والرسالات الملكية، والتوصية الدولية 202″.
وأشار مسؤول التعاضد بالمغرب إلى أن “القانون الجديد يتعارض كليا مع مشروع الدولة الاجتماعية ويهدم أسسها، كون التعاضد أساس هذه الدولة، ويقدم خدمات اجتماعية للمنخرطين دون ربح، فمئات المنخرطين يقومون بالتحاليل بالمجان في المختبر التابع لـ “كونبس”، وهي كلها مكتسبات يعصف بها القانون الجديد بتفويتها لقطاع التأمينات، مع العلم أن الدولة لم تواكب يوما التعاضد المغربي وإنما تم العمل على تطويره والارتقاء به من طرف أموال المنخرطين، ليأتي القرار الجديد ويحول التعاضد بمقراته ومؤسساته وبأموال منخرطيه للقطاع الخاص، إضافة إلى أن الإجراءات الجديدة لم تنص على النقل التلقائي لمستخدمي وأطر مؤسسات “الكنوبس”، وإنما بناء على دفع الطلب من طرف المعنيين وما يعنيه ذلك من إمكانية رفض الطلب وجعل ذلك المستخدم دون عمل بين ليلة وضحاها”.
وسيتم بناء على التعديلات الجديدة وفق حديث ذات القيادي النقابي “توجيه المؤمنين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإعطاء القطاع التكميلي لقطاع التأمينات الخاص، وهذا يعني أن المنخرط الذي له اشتراك بسيط جدا في التعاضد مقابل الاستفادة من خدمات جيدة ومتنوعة، سيصبح يستفيد من خدمات محدودة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كمثال بسيط الموظف الذي يمكن له إجراء عمليات في طب الأسنان بمبلغ مالي يقدر بـ 40 ألف درهم ويعوض بمبلغ يتراوح بين 33 الف و35 ألف درهم، سيحصل الآن على تعويض وفق نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مسقف في 3 الاف درهم في السنة”.
وأوضح معصيد أن “الحكومة لم توضح لحدود الآن السبب الرئيسي الدافع لهذا الإجراء ، فلا نقابة سبق واشتكت منه، ولا المنخرطين سبق وعبروا عن استيائهم من الخدمات المقدمة حتى يتم ترحيلهم لنظام آخر، كما أن مؤسسات التعاضد خضعت لما يزيد عن 100 عملية تدقيق مالي شمال بشكل دوري ولم يتبين ضياع درهما واحدا، مع العلم أن دمج الصندوقين ليس أولوية في الوقت الراهن المتسم بوجود مشاكل كبرى وذات ملحاحية تعاني منها البلاد تتطلب التدخل والمعالجة الحكومية بدل القيام بهذا الإجراء”، مشيرا في ذات الصدد إلى أن “الاجتماع مع وزيرة المالية والاقتصاد نهاية يونيو 2024 خلص لعدم القيام بأي إجراء في هذا الجانب إلى حين التدارس بحوله بعد نهاية العطلة الصيفية، ليتفاجأ الجميع بطرحه على المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس المقبل بغية المصادقة”.
وأشار ذات المتحدث إلى أن “إدارة التعاضد استقبلت خلال الأيام الأخيرة العديد من الاستفسارات حول مآل مكتسباتهم بهذ الإجراء الجديد، كما أن مستخدمي التعاضد في تخوف شديد للمصير المجهول الذي ينتظرهم، والاتحاد المغربي للشغل بناء على المستجدات الجديدة سيصدر بيانا في الساعات القليلة يفصل في خطورة مشروع القانون والإجراءات المُتخذة لوقف الزحف على هذا المكتسب التاريخي”.