قررت الحكومة الجزائرية، 26 شتنبر الجاري، إعادة العمل، فورا، بإلزامية الحصول على تأشيرة دخول إلى التراب الوطني بالنسبة لجميع الرعايا الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية، حسبما جاء في بلاغ صحفي لوزارة خارجيتها.
وبررت الجزائر خطوتها باجترار أسوطوانتها المشروخة بإلقاء تهم على المغرب، من قبيل “استغلال غياب التأشيرة بين البلدين، للانخراط في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني، تنظيم شبكات متعددة للجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والبشر، التهريب والهجرة غير الشرعية وأعمال التجسس، ونشر عناصر استخباراتية صهيونية من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني”، وفق تعبير البيان الجزائري.
ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من إدعاء الجزائر تفكيك ما سمي “شبكة تجسس وتخابر للمس بأمن الدولة تضم 3 مغاربة”، وذلك في ظل القطيعة الدبلوماسية التي تشهدها العلاقات الجزائرية المغربية، بسبب قرار أحادي الجانب من الجزائر، ما يجعل لهذا القرار خلفيات وتبعات متعددة.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في الدراسات السياسية والدولية، حفيظ الزهري، أن “هذا القرار يتضح من خلاله أن النظام الجزائري يعيش أزمة داخلية خانقة، خاصة بعد مرور الانتخابات الرئاسية وما شهدته من نسبة مشاركة لم تتجاوز حوالي 10 بالمئة، وهو ما أثر على الوضع الداخلي للجزائر”.
وأوضح الزهري أنه “كلما ضاقت على النظام الجزائري الأمور داخليا إلا حاول التنفيس عن الوضع المتأزم داخليا، عبر البحث عن عدو وهمي، الذي في اعتقاده هو المغرب”.
ويرى المتحدث أنه “يظهر من قرار فرض التأشيرة على كل المغاربة الحاملين للجنسية المغربية أن فيه محاولة أيضا للتنفيس عن الصراعات داخل المربع الحاكم في النظام الجزائري العسكري، خاصة بعدما شاهدناه من إقالات وحديث عن وجود اغتيالات سياسية وعسكرية داخل الجزائر”.
وشدد على أن “هذا القرار هو محاولة للهروب إلى الأمام من طرف النظام الجزائري لإعادة الصراع والتدافع مع المغرب إلى السكة التي يريدها هذا النظام، نظرا لأن المغرب يقوم بسياسة دبلوماسية استراتيجية، يوجه من خلالها العديد من الهزائم والضربات للنظام الجزائري، أبرزها ارتفاع عدد الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء وبمشروع الحكم الذاتي المغربي بالأقاليم الجنوبية للمملكة”.
وتابع أن “هذه الانتصارات الدبلوماسية المغربة تجعل النظام الجزائري يعيش اللاتوازن في قراراته ويفقد المصداقية والعقلانية في قراراته المرتبطة بعلاقاته مع المغرب”.
وفيما يتعلق بتبعات هذا القرار، أكد المتحدث أن “هذا القرار ستكون له تبعات سياسية ودبلوماسية واجتماعية، نظرا لأن هناك أسر مغربية تشترك مع أخرى جزائرية في الدم، ما يعني أن هذا القرار سيؤثر على علاقات هذه التجمعات الأسرية المختلطة”.
ونبه إلى “وجود تبعات سياسية لهذا القرار، مستبعدا أن يكون هناك رد مباشر من المغرب، لأن الدبلوماسية المغربية تتميز بالعقلانية ولا تعتمد على ردود الفعل وإنما على الخطة الاستراتيجية على المدى المتوسط وليس القصير”.
وخلص إلى أن “هذا القرار سيكون له تأثير على الوضع الجزائري الداخلي أكثر من تأثيره على العلاقات بين البلدين، لأن مثل هذه القرارات لن يكون لها تأثير مباشر على تغيير وجهة نظر الشارع الجزائري تجاه النظام الحاكم، لأن الاخير بدأ يتحسس بداية ربيع داخل الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية، ترجمته الشعارات التي ترفع في المقابلات الرياضية، ما يعني أن هذا القرار سيكون له تأثير عكسي على الداخل الجزائري”.