في ظل الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصابة بالخرف عالمياً، أصبح الاهتمام العلمي ينصب بشكل كبير على استكشاف العوامل المحتملة التي قد تسهم في تطوره، وذلك بهدف إيجاد طرق فعالة للوقاية منه والتدخل المبكر. من بين هذه الجهود، أظهرت دراسة حديثة أن علاج فقدان السمع في مراحله الأولى قد يسهم في تأخير تطور الخرف لعدة سنوات، وهو ما يثير التفاؤل بشأن إمكانية الوقاية من هذا الاضطراب الذي يعد واحدًا من أكثر اضطرابات الشيخوخة انتشاراً.
توصل فريق بحثي من جامعة جونز هوبكنز في ولاية ماريلاند إلى أن هناك احتمال أن تكون حوالي ثلث حالات الخرف لدى كبار السن مرتبطة بفقدان السمع القابل للعلاج. وفي إطار الدراسة، قام الباحثون بتتبع حالة 2946 شخصاً بالغاً تجاوز متوسط عمرهم 75 عامًا، لمدة ثماني سنوات. وبيّنت النتائج أن نحو 32% من حالات الخرف المسجلّة خلال فترة هذه المتابعة ترتبط بفقدان السمع الذي تم تشخيصه سريريًا.
من جهة أخرى، لم يظهر فقدان السمع الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتيا (غير المشخّص طبياً) ارتباطًا واضحًا مع زيادة خطر الإصابة بالخرف. كما أوضحت الدراسة أن احتمال الإصابة بالخرف كان 16.2% لدى من يعانون من فقدان خفيف للسمع، وارتفع إلى 16.6% بين من يعانون منه بدرجات متوسطة أو شديدة. كذلك، كانت النساء أكثر عرضة للخطر بنسبة 30.8% مقارنة بالرجال الذين بلغت نسبتهم 24%.
أكّد الباحثون أن هذه النتائج تبرز أهمية التدخل المبكر لعلاج فقدان السمع، لافتين إلى أن الخطوة قد تشكل وسيلة فعالة للحد من تطور الخرف لدى كبار السن. وصرحوا بأن “تدخلات الصحة العامة التي تستهدف فقدان السمع المشخّص سريريا قد تقدم فائدة ملموسة في الوقاية من الخرف”.
إقرأ ايضاً
وعلقت الدكتورة إيزولد رادفورد، الباحثة في مركز أبحاث ألزهايمر بالمملكة المتحدة والتي لم تكن ضمن المشاركين في الدراسة: “تتزايد الأدلة التي تربط بين فقدان السمع في منتصف العمر وزيادة خطر الإصابة بالخرف”، داعية إلى إدراج فحوصات السمع ضمن برامج الفحص الصحي للأشخاص الذين تجاوزوا الأربعين عامًا، حيث يمكن لهذه الخطوة أن تسهل الكشف المبكر عن فقدان السمع وتفتح المجال أمام استخدام حلول مثل أجهزة السمع التي قد تقلل من خطر الخرف لاحقاً”.
هذا البحث يتماشى مع نتائج دراسات سابقة، بما فيها دراسة مهمة نشرت العام الماضي في مجلة لانسيت التي أشارت إلى إمكانية الوقاية من حوالي نصف حالات ألزهايمر عبر السيطرة على 14 عامل خطر يتعلق بنمط الحياة. وقد أوصت لجنة الخبراء بـ13 إجراء وقائياً شمل توفير أجهزة السمع لكل من يحتاجون إليها، والحد من التعرض للضوضاء الضارة، والتوسع في فحوص الكوليسترول وعلاجه لمن تجاوزوا سن الأربعين.
نشرت هذه الدراسة في مجلة JAMA Otolaryngology المتخصصة، وكان مصدر الخبر جريدة ديلي ميل.
