ليس بسبب المغرب: امريكا تصفع الجزائر من جديد؟

مع تطور الأحداث في الشرق الأوسط نحو المزيد من الصعيد، وتحول التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة مباشرة، أصبح لدى الإدارة الأمريكية والقوى الغربية، مزيد من الدوافع للعمل على تفادي أي سيناريو مماثل في منطقة شمال إفريقيا، الأمر الذي تأكد في مناسبتين خلال 24 ساعة، على لسان مسؤولين رفيعين الأول أمريكي والثاني إسباني.
ولم يكن لقاء وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف، ونائب كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية جون باس، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك في دورتها التاسعة والسبعين، لقاءً عاديا، إذ طالب فيه المسؤول الأمريكي الجزائرَ بـ”تعديل سلوكِها”، وبعدها بساعات أعلن أدميرال البحرية الإسبانية، خوان رودريغيز غارات، عن مخاوف بلاده من حضور إيراني في جوارها القريب.
غضب أمريكي من “السلوك” الجزائري
الأمر إذا لا يتعلق بتوقعات مفرطة في السوداوية، ففي خضم الحرب الدائرة شرقا، التي انطلقت من مستوطنات غلاف غزة لتشمل القطاع الفلسطيني ثم اليمن ولبنان، قبل أن تتسع دائرتها إلى مواجهة مُباشرة بين إيران وإسرائيل، جعلت تحوُّلَ كُرةِ النار غربا أمرا مطروحا، في ظل وجود بلد تربطه علاقات قوية بإيران، هو الجزائر، وجماعة مسلحة مقربة من “حزب الله”، هي جبهة “البوليساريو” الانفصالية.
ووفق معطيات من مصادر دبلوماسية، فإن نائب كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية تحدث بـ”عبارات صريحة” مع وزير الخارجية الجزائري حول ضرورة “تعديل سلوك بلاده” في المنطقة، وذلك في لقاء حضره أيضا نائب مساعد وزير نائب الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا جوشوا هاريس، الذي سبق أن أخبر الجزائر و”البوليساريو” بضرورة التحلي بالواقعية في ملف الصحراء، مستحضرا مقترح الحكم الذاتي المغربي.
هذا اللقاء جرى قبل ساعات من لقاء وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصري بوريطة، مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي تحدث في مؤتمر صحافي مشترك بنيويورك عن “التشاور حول مجموعة متنوعة من القضايا التي نعمل عليها معًا، خاصة الاستقرار في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا وشمال إفريقيا”، مضيفا “المغرب شريك أساسي للولايات المتحدة”.
هذان الاجتماعان المنفصلان، يمكن بسهولة أن نستنتج أن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط كان حاضرا على طاولتيهما، وإذا ما استحضرنا أنه بالتزامن مع ذلك أعلنت السفارة الأمريكية بالرباط إجراء مناورات عسكرية بحرية مشتركة بين الجيشين المغربي والأمريكي في سواحل “القصر الصغير” قرب طنجة، كان من بين أهدافها “التأهب العملياتي للقوات الشريكة”، نستطيع أن نفهم مغزى الخطاب الموجه إلى عطاف.










