في ظل تزايد القلق من الأمراض المنقولة عبر الأغذية، عاد داء السل المرتبط بالحليب غير المبستر إلى السطح، خاصة بعد انتشار مقاطع فيديو لمغاربة يشكون من ظهور أورام أو انتفاخات في العنق بسبب ذلك، وسط تحذيرات من مخاطره الصامتة على الصحة العامة.
وفي هذا السياق، أكد أنس الراضي، طبيب متخصص في الأمراض المعدية، أن داء السل الناتج عن الحليب الملوث ببكتيريا Mycobacterium bovis لا يزال يُشكل خطرًا حقيقيًا، خاصة في المناطق التي تخلو فيها منتجات الحليب من رقابة صحية صارمة.
وأوضح الراضي أن هذا النوع من السل يُعد من أبرز حالات العدوى الحيوانية المنشأ، ويُعتبر مصدرًا صامتًا وخطيرًا للعدوى، خصوصًا في الأرياف أو المجتمعات التي تعتمد على استهلاك الحليب الطازج مباشرة.
وأشار إلى أن البكتيريا المسببة تنتقل إلى البشر غالبًا عبر تناول الحليب أو مشتقاته دون تعقيم أو بسترة، مما يُعرض المستهلكين للإصابة بعدوى قد لا تظهر أعراضها إلا في مراحل متقدمة.
وأضاف خلال تصريحات أن هذا النوع من السل لا يقتصر على الجهاز التنفسي مثل السل الرئوي، بل يمكن أن يُصيب الجهاز الهضمي ويمتد إلى الغدد اللمفاوية والكبد والعظام وحتى الجلد.
وذكر الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية أن هذا يجعل “السل خارج الرئة” حالة معقدة تتميز بأعراض غامضة تصعب تشخيصها وتؤدي لتأخير العلاج وانتشار العدوى.
وحول مصدر الخطر، أكد الراضي أن الحليب غير المبستر هو المصدر الرئيسي للإصابة، حيث تُساهم المعالجة الحرارية في القضاء على بكتيريا السل وكائنات ضارة أخرى. ومع ذلك، تعتبر بعض الفهم الخاطئ حول قيمة الحليب “الطبيعي” أو “الطازج” عقبة في طريق نشر الوقاية في ظل إدراك غير كافٍ بمخاطر استهلاك منتجات غير معقمة.
إقرأ ايضاً
وفي هذا الإطار، شدد أنس الراضي على ضرورة تبني استراتيجية وقائية متكاملة تشمل الفحص البيطري المنتظم للماشية والتوعية المجتمعية بأهمية غلي أو بسترة الحليب قبل استهلاكه، بجانب مراقبة أسواق بيع الحليب الطازج بشكل صارم.
وأفاد بأن الجهود المشتركة بين السلطات الصحية والبيطرية ضرورية لتطبيق برامج فعالة للقضاء على السل البقري من مصدره، حمايةً لصحة الإنسان والحيوان معًا.
أبرز المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في بيان رسمي أن جميع منتجات الحليب من وحدات إنتاج مرخصة تخضع لرقابة صارمة ولا تشكل خطرًا على المستهلك. وأفاد مصدر من المكتب أن المكتب يُشرف بانتظام على فحص الجودة والسلامة الصحية للحليب ومشتقاته للتأكد من خلوها من الجراثيم الضارة.
وفي المقابل، نبه مصدر مسؤول من “أونسا” إلى أن المنتجات القادمة من جهات غير مرخص لها صحيًا، أو التي تُباع خارج المسار الخاضع للرقابة، قد تُشكل خطرًا على صحة المستهلك إذا لم تكن معقمة أو مبسترة للقضاء على الملوثات.
دعا المكتب الوطني للسلامة الصحية المستهلكين لتجنب شراء منتجات حليب غير مرخصة صحيًا، وأشار إلى إمكانية التعرف على المنتجات السليمة عبر المعلومات الصحية المثبتة عليها، خاصة رقم الترخيص المستخرج من المكتب والمعلومات الأخرى المرفقة عادةً على العبوة. وأكد أن الالتزام بالمعايير الصحية للإنتاج والتسويق هو الضمان الأساسي لسلامة المستهلك.
