بعدما كانت الأزمة القائمة بين طلبة الطب والصيدلة، من جهة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من جهة ثانية، على أبواب الانفراج، عقب تدخل مؤسسة وسيط المملكة، حدث انقسام، الأحد 22 شتنبر 2024، وصفه متابعون بـ«المُفاجئ»، بين طلبة الطب وزملائهم الذين يتابعون دراستهم في شعبة الصيدلة.
وكان وسيط المملكة قد عقد، يوم الجمعة 20 شتنبر 2024، لقاءً مع ممثلي الطلبة لإخبارهم بمخرجات لقائه مع الوزير ومقترح الوزارة لحل هذا المشكل الذي استمر لما يقارب 10 أشهر.
وتضمن مقترح محضر الاتفاق: تطبيق دفتر الضوابط البيداغوجية الجديد (4+2) على الدفعات الجديدة فقط، فيما تم الاتفاق على أن تخضع الدفعات الخمس الحالية لتكوين مدته ست سنوات (5+1) مع الحق في سنة من التداريب الاستشفائية التطوعية، أي أن الدبلوم سيبقى ست سنوات مع الزيادة في عدد الساعات في السنة السادس لتوافق بذلك 4790 ساعة.
وبخصوص الامتحانات التي تمت مقاطعتها، فقد تضمن مقترح الاتفاق برمجة دورة واحدة في كل فصل مع ترك بعض الوقت للطلبة لمراجعة الدروس، أما التداريب الاستشفائية فلن تعوض حاليا لكن يحق لكل طالب استيفائها في ما بعد.
كما تضمن المقترح، كذلك، إحداث مرسوم جديد بخصوص مسالك الداخلية والإقامة، سيتم تطبيقه ابتداء من يناير 2025، علاوة على الرفع من التعويضات عن المهام.
وهكذا، فقد عملت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة بالمغرب على فتح نافذة للتصويت في وجه جميع الطلبة، لاستيقاء آرائهم حول مقترح محضر الاتفاق المُشار إليه، لكن نتائج التصويت أحدثت انقساما بين طلبة الشعبتين، إذ وافقت نسبة 58 بالمائة من طلبة الصيدلة على المقترح، فيما لم يوافق عليه سوى ما نسبته 26 بالمائة من طلبة الطب.
وأفاد مصدر من اللجنة الوطنية للطلبة بأنه «بناءً على نتائج التصويت، فقد تم رفض المقترح، وبالتالي فإن المقاطعة مستمرة»، مضيفا أن «هذا الرفض جاء لعدم تقديم عرض حكومي جديد من طرف مؤسسة الوسيط والاكتفاء بالعرض نفسه المقدم سابقا، إضافة إلى عدم وجود أجوبة حول مصير الطلبة المطرودين والمكاتب».
وأردف المصدر ذاته أنه «بعد رفض المقترح، لن تكون هناك برمجة للامتحانات، سوى الدورة الاستثنائية للذين اجتازوا دورة 5 شتنبر»، مشيرا إلى «أنهم، هم فقط، من لهم الحق في اجتيازها».
وتأتي هذه المستجدات بعدما كان طلبة الطب والصيدلة بوجدة قد اعتصموا، أمام مقر الكلية، مساء الأربعاء 18 شتنبر 2024، لمدة 12 ساعة، وذلك احتجاجا على ما اعتبروه «الآذان الصماء لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي».
وردد الطلبة شعارات احتجاجية على الوضع الذي آل إليه ملفهم، بعد 10 أشهر من تفجر الأزمة، على إثر «الإصلاح البيداغوجي» الذي أعلنت عنه الوزارة الوصية، إذ فشلت جميع المحاولات في تقريب وجهات النظر بين الطلبة والوزارة، وآخرها وساطة اللجنة البرلمانية.
وقبلها، احتج عشرات طلبة الطب والصيدلة، السبت 7 شتنبر 2024، بجوار كلية الطب والصيدلة، وسط مدينة الدار البيضاء، وذلك بعد يومين من مقاطعتهم امتحانات استدراك الدورة الخريفية للموسم الجامعي 2023-2024.
وهكذا، عبّر طلبة الطب والصيدلة عن استيائهم من استمرار الأزمة، متخوّفين من السيناريوهات المُهدّدة بـ«ضياع» الموسم الجامعي، ومُردّدين شعارات من قبيل: «نُساق نحو سنة بيضاء.. ترى من المسؤول»، و«جودة التكوين الطبي وصحة المواطن المغربي وَجْهان لعملة واحدة»، و«جودة التكوين الطبي خط أحمر»…
وكانت الشرارة الأولى لهذه الأزمة قد اندلعت بإعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خطتها لـ«إصلاح التكوين الطبي مع اعتماد هيكلة بيداغوجية جديدة»، والتي تضمنت تقليص مدة التكوين من سبع إلى ست سنوات، وهو الأمر الذي رفضه الطلبة، مطالبين بـ«إعفاء الدفعات الخمس الحالية من هذا القرار وتطبيقه على الطلبة الجدد فقط. الشيء الذي رفضته الوزارة بشكل قطعي».