“دلالات متعددة” تلك التي طبعت حفل إطلاق الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ورئيس موريتانيا، ولد الشيخ الغزواني، أشغال إنجاز معبرين حدوديين، لعل أهمها “توجه جزائري واضح” لتشديد المنافسة على معبر الكركرات الإستراتيجي.
ورغم أن الحفل يبقى أيضا ضمن سياق مشاريع الورق التي تطلقها الجزائر مع موريتانيا، في إطار رغبتها المتجددة في منافسة المغرب في غرب إفريقيا، ومزاحمة التوغل المغربي بالخصوص في بلاد الشعراء، فإن الحفل المذكور انطلاقة جديدة في الطموح الجزائري.
واستخدمت الجزائر طيلة سنوات أفراد جبهة البوليساريو للتشويش على معبر الكركرات، قبل أن تنهي القوات المسلحة الملكية هذا الوضع سنة 2020. ومنذ ذاك الحين سارعت الجارة الشرقية إلى البحث عن سبل أخرى لوقف التفوق المغربي.
ومن بين التوجهات الجديدة التي تضعها الجزائر ضمن خططها إطلاق منطقة للتبادل الحر مع دول الساحل، وهو بالفعل ما تم الإعلان عنه بحضور الغزواني، يوم أمس، وهي خطوة تفسر على أنها رد فعل على مبادرة الأطلسي المغربية التي توجد نواكشوط ضمن خطوطها العريضة.
وعلى العموم فإن موريتانيا اتضح فعليا أنها قبلة للتنافس المغربي الجزائري نحو الساحل الإفريقي بداية هذا العام، فهل تزاحم الجارة الشرقية التفوق المغربي أم هي مجرد فقاعة جديدة؟.
لا مجال للمنافسة
قال الوالي سيدي هيبة، محلل سياسي موريتاني، إن “منافسة الجزائر معبر الكركرات أو مبادرة الأطلسي أمر صعب أو مستحيل، نظرا لوجود تفوق تاريخي في هذا الصدد للمملكة”.
وأضاف سيدي هيبة، أن “الموريتانيين يرون افتتاح هذا المعبر بنظرة إيجابية، لكنهم يتمنون أن يتم التفعيل الحقيقي للمشروع على أرض الواقع”، مشيرا إلى أنه “لا ضير أن يكون هناك معبر مع الجزائر ومالي، فقط خدمة للتجارة والربح الاقتصادي”.
وأورد المتحدث ذاته: “لا أحد يمكن أن يضمن نجاح هذا المشروع في حالة وجود إرادة سياسية ضعيفة من كلا الجانبين. وعلى تصريحات قائدي البلدين أن تتجسد على أرض الواقع”.
إقرأ ايضاً
ويرى المحلل السياسي الموريتاني أن “ربط المعبر بمنافسة نظيره في الكركرات غير ممكن، لأن الرباط تفوقت منذ سنين في هذا الشق، ولا يمكن للجزائر أن تلحق بها”.
مشاريع على الورق
سجل عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “هاته المبادرات الجزائرية محاولة معروفة للضغط على الجارة الجنوبية للمملكة”.
وأضاف الوردي أن “التساؤلات التي يطرحها الجميع هي: ماذا ستصدر الجزائر لموريتانيا بالتحديد؟ وما هي احتياجات موريتانيا من الجزائر؟ وهل دول غرب إفريقيا تثق فعلا في الجزائر حتى تغزوها اقتصاديا؟”.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن “الجزائر في الحقيقة تريد أن تجعل من موريتانيا بلد عبور نحو الغرب الإفريقي، كما أن نقاشات مهمة تطرح حول هذا الأمر، خاصة أن جل المشاريع الجزائرية في موريتانيا مجرد حبر على ورق”، واستطرد قائلا: “هذا المشروع محاولة أيضا لتلميع صورة تبون قبل الانتخابات المقبلة، وإيهام المؤسسة العسكرية بأن الجزائر قادرة على منافسة المملكة اقتصاديا”.
واسترسل المتحدث شارحا: “في الحقيقة هذا الأمر يعرقل الوحدة المغاربية، من خلال تحويل الفرص الاستثمارية إلى معترك سياسي وتنافسي دون جدوى”.
كما بين الوردي أن “هاته السياسة الجزائرية يعلم الجميع أنها لن تنجح البتة، وستبقى كسابقتها من المحاولات المتكررة لمزاحمة المغرب بدون هدف في العمق الإفريقي”.
وأجمل المتحدث بالقول إن “معبر الكركرات معروف بقوته، وله من الصيت الكافي لجلب كل المستثمرين”، خاتما: “حقا يجب أن نعرف في حالة تجسيد المشروع ماذا ستصدر الجزائر لموريتانيا؟”.

عذراً التعليقات مغلقة