أثار افتتاح الفرع المغربي للعلامة التجارية المصرية “بلبن” في مدينة الدار البيضاء جدلًا واسعًا، بعدما شهد المحل ازدحامًا غير مسبوق تسبب في فوضى عارمة، وصلت حد عرقلة حركة السير في محيطه، مما دفع السلطات المحلية إلى مطالبة صاحب المحل بإغلاقه مؤقتًا إلى حين السيطرة على الوضع.
وامتد صدى الحدث إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث برز نقاش واسع حول أسباب هذا الإقبال الكثيف، ووثّقت مقاطع فيديو اصطفاف عشرات البيضاويين في طوابير طويلة بانتظار دورهم لتجربة منتجات المحل.
وتُعد “بلبن” واحدة من أشهر العلامات التجارية المتخصصة في بيع الحلويات، إذ تمتلك عدة فروع في بلدان عربية مختلفة، كان آخرها في المغرب. وتعتمد العلامة بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة “إنستغرام”، في الترويج لمنتجاتها من خلال الفيديوهات القصيرة أو “الريلز” بأثمنة منخفضة وجودة عالية، حسب حملتهم الدعائية.
وطرحت هذه المشاهد تساؤلات حول الدور المتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي في توجيه العادات الاستهلاكية، ومدى قدرتها على تحويل منتج عادي إلى “ترند” يسيل لعاب الجمهور ويقودهم للاصطفاف في طوابير لتجربته، وكيف أصبحت القرارات الاستهلاكية تُصنع في الواقع الافتراضي قبل أن تتجسد في الواقع المادي.
وفي هذا الصدد، يرى عادل الحسني، الاستشاري والخبير النفسي، أن الضجة التي خلقها افتتاح فرع “بلبن” بالمغرب تعود إلى اعتمادها على العامل النفسي في حملاتها الترويجية، من خلال ما يسمى بالتأثير الاجتماعي المعياري، حيث تدفع المشاهد المصورة بعناية لإحداث ميل لتبني سلوكيات معينة لدى الأفراد، بهدف الانتماء إلى مجموعة اجتماعية نشطة تستهلك هذه المنتجات.
ويوضح الحسني أنه “بمجرد تحول منتج أو خدمة ما إلى ‘ترند’، يشعر العديد من الأفراد المنتمين لنفس الفئة الاجتماعية بالضغط لمواكبة هذا الاتجاه، وذلك لتجنب الشعور بالعزلة أو الاختلاف”.
إقرأ ايضاً
وأبرز أن هذه السلوكيات تُفسَّر بنظرية المقارنة الاجتماعية، التي تفترض أن الأفراد يقيمون ذواتهم من خلال مقارنتها بالآخرين، قائلًا: “عند رؤية آخرين يتبنون سلوكًا أو منتجًا معينًا، قد يشعر الأفراد بالحاجة إلى محاكاة هذا السلوك للحفاظ على صورة إيجابية عن الذات”.
وأضاف الاستشاري النفسي أن هذا “الترند” أو ما يماثله “يخلق حالة من الخوف من التفويت (FOMO)، وهو القلق الناجم عن احتمال فقدان تجارب أو فرص قد تُستغل”، مؤكدا أن هذا الدافع ينجح في تحقيق مكاسب كبيرة للمشروعات الاستثمارية.
وعلى غرار الإشهارات بشاشات التلفاز، شدد الحسني في حديثه للجريدة على أن “التعرض المستمر لمحتوى شائع على وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى تغيير تفضيلات المستهلكين وزيادة احتمالية تبنيهم لمنتجات أو خدمات جديدة”.
ويمكن لهذه التأثيرات أن تكون مؤقتة وفق المتحدث عينه، إذ قد يتلاشى الاهتمام بـ”الترند” مع مرور الوقت، مؤكدا أن هذا الوضع يفرض على الشركات تخصيص ميزانيات ضخمة لتجديد الاهتمام بهذه المنتجات.
ونبّه الاستشاري النفسي في ختام تصريحه للجريدة إلى أن الفهم العميق لديناميكيات الجذب النفسي يمكن أن يجنب المستهلك مزيدًا من النفقات الزائدة.
