أريفينو.نت/خاص
كشف مؤشر دولي حديث متخصص في تقييم جاهزية البنى المعرفية الجغرافية لعام 2025، عن موقع المغرب ضمن هذا التصنيف العالمي. وبحسب آخر إصدار للمؤشر، فقد حلت المملكة في المرتبة 63 من بين 75 دولة شملها التقييم، وهو ما يضعها في النصف الأدنى من الترتيب، وضمن مجموعة الدول التي وصفت بأن أداءها هو الأضعف نسبياً.
ويقوم هذا المؤشر الهام بقياس مدى استعداد الدول المختلفة لتوظيف البيانات الجيوفضائية، كالخرائط وصور الأقمار الصناعية وبيانات المواقع الجغرافية، في قطاعات حيوية ومتعددة. وتشمل هذه القطاعات مجالات استراتيجية مثل الفلاحة، والتخطيط العمراني، وإدارة الموارد المائية، بالإضافة إلى دعم جهود التنمية، وتعزيز الأمن، وتطوير قطاع النقل وغيرها. ويهدف المؤشر إلى تقييم مدى جاهزية البنية التحتية القائمة، والمؤسسات الفاعلة، والسياسات المتبعة، والصناعة المحلية، وكذلك المستخدمين في كل بلد، لتوظيف هذه البيانات بفعالية في عمليات اتخاذ القرار وتحسين جودة الحياة بشكل عام.
ويستند التقييم في هذا المؤشر إلى خمس ركائز أساسية ومترابطة. تشمل هذه الركائز: البنية التحتية الرقمية والجيوفضائية ومدى توفرها وجودتها، والقدرات المؤسساتية التي تقيس استعداد الهيئات الحكومية لاستخدام وتطوير البيانات الجيوفضائية. يضاف إلى ذلك منظومة الصناعة المحلية التي تعكس مستوى تطور القطاع الخاص في إنتاج أو تقديم خدمات تعتمد على هذه البيانات، فضلاً عن السياسات العامة التي تنظم استخدامها، وأخيراً مدى اعتماد المستخدمين على هذه البيانات وجاهزيتهم للتعامل معها.
وفي تفاصيل أداء المغرب ضمن هذه الركائز، أشار التقرير إلى أن المملكة احتلت المرتبة 53 عالميًا فيما يخص البنية التحتية، محققة 51.99 نقطة من أصل 100. أما على صعيد القدرة المؤسساتية، فقد حصل المغرب على 9.14 نقطة، مما وضعه في المرتبة 65 عالميًا في هذا الجانب. وفيما يتعلق بمنظومة الصناعة، بلغ رصيد المغرب 10.75 نقطة، ليحتل بذلك المرتبة 69 عالميًا. كما جاء ترتيب المغرب في المرتبة 73 على مستوى السياسات المتعلقة بحوكمة البيانات، بينما احتل المرتبة 66 من حيث اعتماد المستخدم وجاهزيته للتحول الرقمي.
وعلى الرغم من هذا الترتيب العام، ذكر التقرير أن المغرب يمتلك نقاط قوة بارزة. من بين هذه النقاط تزايد استخدام البيانات المكانية في مجالات حيوية كإدارة الأراضي والقطاع الزراعي والموارد المائية. كما أشاد التقرير باعتماد وكالات التخطيط الحضري في مدينتي الدار البيضاء والرباط على نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في مجالات النقل والتنمية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر مشاركة المغرب في برامج المراقبة الأرضية الإقليمية من العوامل الداعمة لقدرته على الوصول إلى بيانات الأقمار الصناعية والاستفادة من التحليلات البيئية.
في المقابل، سجل المصدر ذاته عدداً من نقاط الضعف التي تحتاج إلى معالجة. من أبرز هذه النقاط محدودية انفتاح البيانات وعدم توفرها بشكل كافٍ عبر المنصات العامة، إلى جانب غياب دمج نظم الجيوفضاء اللحظية في العمليات المحلية والوطنية. ولفت التقرير أيضاً إلى وجود تفاوت في الثقافة المكانية والقدرة المؤسساتية بين الجهات المركزية والمحلية، فضلاً عن ضعف الصناعة المحلية التي تتركز أنشطتها بشكل كبير على خدمات التنفيذ، دون أن تتجه نحو تطوير منتجات قائمة بذاتها في هذا المجال.
إقرأ ايضاً
وعلى الصعيد القاري، حل المغرب في المرتبة السادسة أفريقياً، وذلك خلف كل من جنوب أفريقيا (التي احتلت المرتبة 33 عالمياً)، وغانا (51 عالمياً)، ونيجيريا (55 عالمياً)، ومصر (56 عالمياً)، وكينيا (57 عالمياً). أما على المستوى العالمي، فقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول ذات الجاهزية العالية في مؤشر البنى المعرفية الجغرافية لهذا العام، تلتها المملكة المتحدة في المرتبة الثانية، ثم ألمانيا، وكوريا الجنوبية، وهولندا. وضمن الدول العشر الأوائل أيضاً جاءت سنغافورة، والسويد، وكندا، والمملكة العربية السعودية، واليابان.
واختتم التقرير الدولي تحليله بتقديم مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز استخدام البيانات الجيوفضائية بشكل أكثر فعالية في المغرب. ودعا إلى معالجة الفجوات التي تم تسجيلها عبر الركائز الخمس التي يقيسها المؤشر. وفي هذا الإطار، شدد التقرير على ضرورة صياغة استراتيجية وطنية واضحة المعالم، تكون عملية وقابلة للقياس، وتتناغم بشكل وثيق مع الخطط التنموية الوطنية وأجندات التحول الرقمي التي تتبناها المملكة.
كما أوصت الوثيقة بأهمية تنشيط منظومة الصناعة والابتكار في هذا القطاع، وذلك من خلال تصميم تدخلات هادفة لدعم نمو الصناعة الجيوفضائية. وتشمل هذه التدخلات إنشاء بيئات اختبار متخصصة، وتقديم منح للمشروعات الناشئة، وتوفير حوافز ضريبية موجهة لدعم أنشطة البحث والتطوير. ودعا التقرير أيضاً إلى إطلاق برامج للتعاون المثمر بين القطاع الصناعي والمؤسسات الجامعية، بالإضافة إلى تعزيز دور المراكز الحاضنة للابتكار في مجالات الجغرافيا والخدمات الجيوفضائية.
وفيما يتعلق بتنمية القدرات المؤسسية والبشرية، أكد التقرير على ضرورة إطلاق مبادرات رائدة في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي الجغرافي، والمراقبة الأرضية، وتحليل البيانات المكانية. وشملت التوصيات في هذا الجانب تحديث المناهج الأكاديمية ذات الصلة، وتوسيع نطاق برامج المنح الدراسية، إلى جانب زيادة الاستثمار في تجهيز المختبرات المتقدمة، وتعزيز الشراكات الدولية في مجال البحث العلمي.
