بعد سنوات طويلة من الجفاف، جاء الفرج أخيرًا عندما هطلت أمطار شهري مارس وأبريل لتعيد الحياة إلى الأراضي العطشى في المغرب. هذه الأمطار لم تكن مجرد حدث طبيعي فحسب؛ بل كانت نقطة تحوّل مهمة في الأزمة المائية التي أرهقت البلاد بنقص المياه السطحية والجوفية. ففي فترة قصيرة لا تتعدى الشهرين، نجحت الأمطار في تجميع ما يقارب ملياري متر مكعب من المياه في سدود المملكة، لترتفع بذلك كمية المياه المخزنة إلى 6.5 مليار متر مكعب—a مستوى لم يُسجل منذ خمس سنوات.
الأمطار الغزيرة، مصحوبة بالثلوج في مناطق مختلفة من المملكة، جلبت الأمل إلى الفلاحين والمواطنين على حد سواء. فقد قفزت كمية المياه المخزنة في السدود من 4.68 مليارات متر مكعب في بداية شهر مارس إلى 6.69 مليارات متر مكعب بحلول 18 أبريل 2025، مما يمثل زيادة تقارب 1.98 مليار متر مكعب خلال هذه الفترة.
ولم تقتصر الخيريات على المطر فقط، إذ شهدت المناطق الجبلية، وخاصة منطقتي الأطلس الكبير والمتوسط، تساقطات ثلجية كثيفة. هذه الثلوج ستغذي المحتوى المائي للفرشاة الأرضية وستساهم في ارتفاع مستويات أنهار البلاد خلال فصول ذوبان الثلج المقبلة، مما يعزز من فرص الاستفادة المستدامة من الموارد المائية.
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجهيز والماء، فإن نسبة ملء السدود الوطنية بلغت حوالي 39.9%، أي ما يعادل نحو 6.69 مليار متر مكعب من المياه. كما تم تسجيل 280 مليون متر مكعب إضافية في السدود الجديدة التي أُنشئت مؤخرًا.
هذا التحسن الهائل في كمية المياه جاء كضمانة للاستهلاك المستدام للماء الصالح للشرب لمدة سنة ونصف على الأقل، بحسب تصريحات وزير التجهيز والماء، نزار بركة. وأشار الوزير إلى أن المخاوف المتعلقة بنقص مياه الشرب خلال الصيف قد تقلّصت في معظم المناطق، باستثناء الأقاليم الجنوبية التي تتسم بظروف خاصة.
إقرأ ايضاً
وأضاف المسؤول أن الوضع المائي العام في المغرب شهد تحسنًا ملحوظًا، إلا أنه أكد على ضرورة البقاء حذرين. فرغم انحسار أزمة الجفاف الحادة إلى مستوى أقل خطورة، إلا أن معدلات الأمطار لا تزال أقل بنسبة 25% عن المتوسط المعتاد. ورغم تحسين الواردات المائية بنسبة 45%، إلا أن هناك نقصًا بمقدار 58% مقارنة بالواردات المائية الطبيعية.
وقدم الوزير سياقًا رقميًا للوضع الحالي حيث أوضح أن إمدادات الأمطار والثلوج منذ بداية شهر سبتمبر الماضي وحتى الآن بلغت 3785 مليون متر مكعب. على سبيل المثال، سجل حوض اللوكوس منسوبًا بلغ 448 مليون متر مكعب، فيما بلغت حصيلة ملوية 450 مليون متر مكعب والنهر سبو تشيرتقديراته إلى مليار و160 مليون متر مكعب.
بحسب منصة “الماء ديالنا” التابعة لوزارة التجهيز والماء، فإن استهلاك المغرب السنوي لمياه الشرب يقدر بمليار متر مكعب تأتي من السدود، إضافة إلى ما بين 500 و700 مليون متر مكعب من المياه الجوفية أو عبر عمليات تحلية مياه البحر. بشكل إجمالي، يصل استهلاك مياه الشرب سنويًا في المغرب بين 1.5 و1.7 مليار متر مكعب.
