“لماذا زارت مارغاريتا روبليس، وزيرة الدفاع الإسبانية، منذ أيام، جزرا مغربية محتلة؟”، سؤال يفرض نفسه بشدة في ظل استمرار نمو العلاقات الإسبانية المغربية، وتشديد بنود القمة الثنائية الأخيرة على “وضع الملفات الخلافية، منها سبتة ومليلية والجزر المحتلة، جانبا”.
وفق الإعلام الإسباني، اختتمت روبليس، أمس الثلاثاء، زيارة إلى جزر محتلة يطالب بها المغرب، وتحتوي على قواعد عسكرية إسبانية. وقالت المسؤولة الحكومية ذاتها، في تصريح، إن “مدريد لا تنسى أدوار الجنود الإسبان في هذه المناطق، خاصة في الظرفية الحالية”.
وحسب المصادر عينها، نقلت وزيرة الدفاع الإسبانية إلى الجنود الإسبان، خاصة بـ”الجزر الجعفرية” المحتلة، والتي يعتبرها المغرب ضمن “أراضيه الحقة”، قولها إن “أدوارهم جد مهمة لأمن إسبانيا”.
والجزر الجعفرية أو جزر “إشفارن” هي أرخبيل مكون من ثلاث جزر صغيرة في غربي البحر الأبيض المتوسط تقع أمام سواحل إقليم الناظور وتخضع لإسبانيا مند عام 1848، وهي واحدة من الأماكن الخاضعة للسلطة الحكومة الإسبانية مباشرة، حيث أنها ليست تابعة لأي مدينة أو حكومة ذاتية محلية إسبانية.
وفي يناير من العام الماضي، زارت المسؤولة الإسبانية عينها مدينة مليلية المحتلة، وبعد شهرين من زيارة مماثلة وقتها إلى ثغر سبتة المحتل.
واعتبر عبد المغيث بنمسعود تريدانو، باحث في العلاقات الإسبانية المغربية، أن “الزيارة يمكن قراءتها في ضوء مصالح مستوطنين إسبان في هذه المناطق، يتوجّسون من أن يصل التقارب المغربي الإسباني إلى موضوع سبتة ومليلية وغيرها من الجزر المحتلة”.
وأضاف تريدانو، أن التقارب المغربي الإسباني على مستوى ملف الصحراء يحضّر لتقارب على مستوى سبتة ومليلية، وبالتالي “النخب الإسبانية المستوطنة متخوّفة”.
إقرأ ايضاً
وتابع: “السياسة الديبلوماسية عموما لا تسير بشكل منتظم. وفي ظل غياب معطيات مضبوطة عن زيارة وزيرة الدفاع الإسبانية الأخيرة، ما يمكن قوله هو أن الحكومة الإسبانية ليس لها مصلحة لخلق أزمة مع المغرب”.
من جهته، استبعد عبد الرحمن مكاوي، خبير أمني، أن “تكون الزيارة محطة جديدة لاستفزاز المغرب بخصوص المناطق المحتلة من قبل إسبانيا”، مشيرا إلى أن “موضوعات أمنية صرفة دفعت إلى ذلك”.
وأضاف مكاوي، أن هذه الزيارة تأتي “في سياق محاربة المغرب وإسبانيا معا للهجرة غير الشرعية. ومن جهة تصاعد المخاطر الأمنية بالبحر الأبيض المتوسط، نتيجة الصراع في الشرق الأوسط وتهالك الوضع في ليبيا”.
وأورد الخبير الأمني ذاته أن العديد من الجماعات المسلحة “لم تُخفِ نيتها في ضرب غرب المتوسط، وخاصة مضيق جبل طارق؛ وبالتالي الزيارة تأتي في سياق جاهزية الجيش الإسباني المتمركز بالمناطق المحتلة”.
والهجرة السرية واحدة من الموضوعات التي دفعت روبليس إلى القيام بهذه الزيارة، وفق مكاوي، الذي أردف قائلا إن “تهديدات الهجرة السرية نحو أوروبا انطلاقا من المغرب والجزائر تتصاعد في هذا الصيف”.
“والأوضاع في الشرق الأوسط المعقّدة، هي الأخرى تثير توجسات إسبانيا الأمنية عبر مضيق جبل طارق”، تابع مكاوي مبينا أن “إسبانيا تعلم أن متغيرات الشرق الأوسط لها تبعات عديدة بالمنطقة”.