مليلية و سبتة تحت جنح الليل الهجرة الطوعية لشباب الريف

15 سبتمبر 2024آخر تحديث :
مليلية و سبتة تحت جنح الليل الهجرة الطوعية لشباب الريف

أحمد عزاوي / ألمانيا

«تحت جنح الليل، وعلى وقع أقدام منهكة من طول الانتظار، يتوجه شباب المغرب نحو سبتة ومليلية، مدينتين تبدوان كمرآتين تعكسان أملًا بعيد المنال. وجوههم تحمل تعب السنين، وعيونهم تفيض بالألم الصامت. لا يبحثون عن مجد أو ثروة، بل عن حياة أقل قسوة، بعيداً عن وطن باتت شوارعه تضيق بأحلامهم المحطمة. البحر أمامهم ملاذ محفوف بالمخاطر، لكن في قلوبهم، الخطر الحقيقي هو البقاء في أرض تخلت عنهم. رحلتهم ليست هربًا فقط، بل هي صرخة حزينة، صرخة شبابٍ ضاقت بهم الحياة، فقرروا الرحيل بحثًا عن كرامة ضائعة.»

في قلب المغرب، حيث كانت الأحلام تزدهر ذات يوم، يعاني اليوم شباب المدن المهمشة مثل زايو، الناظور، وتطوان و الفنيدق من واقع قاسٍ يزداد سوءًا مع مرور الزمن. زايو، المدينة التي لطالما كانت رمزًا للكفاح والعمل الجاد، تقف اليوم على حافة الهلاك. شبابها الذين كانوا يوماً ما عماد المستقبل، يعيشون اليوم في دائرة من الفقر والبطالة، حيث الأمل بات رفاهية لا يملكها الكثيرون.

في هذه المدن، التي تتنفس ببطء تحت وطأة التهميش، تشترك أجيال بأكملها في معاناة واحدة: انعدام الفرص. الشباب، المتعطشون لحياة كريمة ومستقبل أفضل، يجدون أنفسهم محاصرين بين أبواب مغلقة في سوق العمل وانعدام الاستثمارات التي قد تنقذهم من الفقر. في الريف المغربي، وخاصة في مناطق مثل الناظور وزايو، يعبر الفقر من بيت إلى بيت كأنّه قدر محتوم.

وفي هذا اليوم ، كان الشباب على وشك اتخاذ خطوة جماعية هائلة، قرار بمغادرة البلاد في مشهد درامي يعكس حجم اليأس المتصاعد.نحو المليلية و السبتة كان البحر، برغم كل ما يحمله من مخاطر، خيارهم الأخير. آلاف العيون بالأحرى اليافعين كانت تتجه نحو الضفة الأخرى، حيث الوعود بحياة كريمة تبدو ممكنة، لكن حلم الرحيل الجماعي اصطدم بجدار من القوة. الشرطة والجيش كانوا هناك، ليس لحمايتهم، بل لوقفهم، في مشهد يلخص الصراع بين طموحات الشباب وسياسات الدولة العاجزة عن احتوائهم.

تحت حكومة عزيز أخنوش، عاش المغرب سنوات من الوعود الجوفاء. ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل لا يطاق، وغابت الحلول الحقيقية للتخفيف من معاناة الشباب. الإخفاقات الاقتصادية طالت الجميع، لكن الشباب كانوا الأكثر تضررًا. بطالتهم ارتفعت، ومشاريع التنمية التي وعدت بها الحكومة لم تر النور. وعلى الرغم من كل الشعارات حول تحسين الأوضاع، ظل الواقع يتحدث بلغة الفقر والتهميش.

أخنوش وحكومته فشلوا في إعادة الأمل إلى هؤلاء الشباب. كلما ارتفعت الأسعار، زاد الإحباط. كلما تلاشت الفرص، زاد عدد الشباب الذين يحلمون بمغادرة البلاد. في زايو والناظور وتطوان، تُسمع الأحاديث عن الهجرة بشكل متزايد، وكأنها الحل الوحيد المتبقي. لكن، هل يمكن لسياسات دولة أن تقف عائقًا أمام رغبة شعب في الحياة؟ في هذا السياق، يبدو الشباب المغربي عالقاً في حلقة من الأزمات التي لا تنتهي، بين حكومة أخفقت في تلبية احتياجاتهم، وواقع يدفعهم للبحث عن الخلاص في مكان آخر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق