قالت منظمة الأرصاد الجوية العالمية إن مدنًا ساحلية مغربية بارزة، على غرار طنجة والدار البيضاء وأكادير، تواجه تحديات جمة تتمثل في التعرية الساحلية وغمر الأراضي، خاصة خلال العواصف الشديدة.
وأوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية “OMM أن البنية التحتية السياحية في تلك المدن، تعتبر نظراً لأهميتها الاقتصادية، الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن هذه الظاهرة.
وكشفت المنظمة أن السواحل الأفريقية تشهد ارتفاعًا متسارعًا في مستوى سطح البحر، حيث تتراوح معدلات الارتفاع بين 3 و4.1 مليمتر سنويًا في مختلف المناطق، متجاوزة بذلك المعدل العالمي البالغ 3.4 مليمتر سنويًا خلال الفترة الممتدة من يناير 1993 إلى يونيو 2024.
وحسب المنظمة العالمية، فإن بالرغم من الطبيعة الصحراوية لسواحل جنوب المغرب وموريتانيا المطلة على المحيط الأطلسي، فإن هذه المناطق تواجه تهديدًا متزايدًا من تقدم البحر، مما يعرض التجمعات السكانية والبنى التحتية المينائية للخطر.
وعلى الرغم من الموارد التقنية والمالية المتاحة لدول المغرب العربي مقارنة بدول أفريقية أخرى، إلا أن حماية هذه الشواطئ الطويلة لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا يفرض نفسه على الأجندة المستقبلية للمنطقة.
وتتعرض الدول المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي والمحيط الأطلسي بشكل خاص لخطر كبير، مما يهدد حياة الملايين والبنية التحتية الحيوية.
وأشار تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ في أفريقيا لعام 2023، إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بوتيرة متسارعة يشكل تهديدًا وجوديًا للعديد من الدول الساحلية بالقارة.
وتوضح البيانات المستقاة من الأقمار الصناعية تسارع هذه الظاهرة في مناطق عديدة، مما يزيد من خطر الفيضانات ويهدد حياة وسبل عيش ملايين السكان الساحليين.
وعلى الرغم من أن دول شمال أفريقيا تحتل المركز السابع كأكثر المناطق تضررا، إلا أنها تبقى معنية بشكل كبير حيث أشار المصدر ذاته إلى أن ارتفاع مستوى المحيط الأطلسي بلغ (3.6 مليمتر سنويًا) والبحر الأبيض المتوسط (3 مليمتر سنويًا) إلا أنه يظل أقل مقارنة بالبحر الأحمر الذي يحتل المركز الأول.
وأشار التقرير إلى أن بعض المناطق الزراعية بالجزائر مثل المنطقة الزراعية في سهل متيجة تتعرض إلى فيضانات متكررة وزيادة ملوحة التربة الصالحة للزراعة نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط، مما يهدد الأمن الغذائي للمنطقة.
وأضاف أن جزيرة جربة والمناطق الساحلية التونسية، التي تشتهر بقطاعها السياحي، تعاني من تدهور مستمر بسبب التعرية الساحلية المتسارعة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية هذه المواقع الحيوية.
وبالعود إلى الترتيب، فإن الدول المطلة على البحر الأحمر احتل المركز الأول كأكبر المناطق المعرضة للخطر حيث بلغ متوسط الارتفاع 4.1 مليمتر سنوياً خلال الفترة من 1993 إلى 2024.
وهذا المعدل المرتفع، الذي يعتبر الأعلى عالميًا، يهدد بشكل مباشر دول مثل مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال، مما يعرض سواحلها وبنيتها التحتية لخطر متزايد.
وسجل التقرير أن دول البحر الأحمر، من مصر إلى الصومال، تواجه تهديدًا متزايدًا من ارتفاع مستوى سطح البحر، ففي مصر، تتأثر المدن السياحية مثل الغردقة والمناطق الزراعية في دلتا النيل، بينما تعاني السودان من تآكل سواحلها.
أما إريتريا وجيبوتي والصومال، فتعاني من تآكل شواطئها وتدمير بنيتها التحتية الحيوية، مما يفاقم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة في هذه الدول.
وتشهد دول المحيط الهندي الغربي، حسب المصدر ذاته، ارتفاعًا ملحوظًا في مستوى سطح البحر، حيث يسجل متوسط ارتفاع قدره 4 ملم سنويًا على طول سواحل الصومال وكينيا وتنزانيا وموزمبيق ومدغشقر وموريشيوس، هذا الارتفاع يؤثر بشكل مباشر على مدن ساحلية رئيسية مثل مقديشو ومومباسا ودار السلام ومابوتو وأنتاناناريفو، مما يهدد النظم البيئية البحرية ويؤثر سلبًا على صناعات حيوية كالصيد والسياحة.
وبمنطقة جنوب غرب المحيط الهندي، تحديدا حول جزر مدغشقر وسواحل موزمبيق وجنوب أفريقيا، يرتفع متوسط مستوى سطح البحر بمقدار 3.8 ملليمتر سنويًا، هذه الزيادة المتسارعة تزيد من خطر الفيضانات والتعرية على السهول الساحلية المنخفضة.
وأوضح التقرير أن هذا الأمر يهدد بشكل مباشر مساكن ومصدر رزق الملايين من السكان في تلك المناطق، وتعد مدن ساحلية مهمة مثل بورت لويس في موريشيوس ودوربان في جنوب أفريقيا من بين الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة.
وأكد التقرير أن ساحل غرب ووسط أفريقيا على المحيط الأطلسي يواجه خطرًا متزايدًا يتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل 3.7 ملليمتر سنويًا، هذا الارتفاع يهدد بشكل مباشر مدنًا ساحلية كبيرة مثل لاغوس وأبيدجان وأكرا، حيث يتسبب في تآكل الشواطئ وتدمير الموانئ والمناطق السكنية، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة.
واعتبر المصدر ذاته أن التغير المناخي، الناتج بشكل أساسي عن زيادة تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي بسبب الأنشطة البشرية، السبب الرئيسي وراء تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات إلى تمدد مياهها، مما يزيد من حجمها.
بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية في القطبين، مما يضيف كميات هائلة من المياه إلى المحيطات، لافتا إلى أن الدول الأفريقية تعاني بشكل خاص من آثار هذه الظاهرة، على الرغم من مساهمتها الضئيلة في انبعاثات الغازات الدفيئة.
وأوضح أن ارتفاع مستوى سطح البحر يتسبب في تهديدات متعددة للدول الأفريقية، حيث يؤدي إلى تآكل الشواطئ، وتدمير البنية التحتية الساحلية مثل الطرق والموانئ، وزيادة وتيرة الفيضانات.
بالإضافة إلى ذلك، يتغلغل الماء المالح في الأراضي الزراعية الساحلية، مما يؤدي إلى تملح التربة وتدهور خصوبتها، وبالتالي تهديد الأمن الغذائي لملايين الأفارقة الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق.
ولمواجهة هذا الخطر المتزايد، تبنت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، بدعم من الدول المتقدمة، مجموعة من البرامج الهادفة إلى التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، وتشمل هذه البرامج بناء السدود، وإنشاء مناطق حماية، وإعادة توطين المجتمعات المتضررة.