اللغة:
قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة تتضمن أكثر من مئة توصية بخصوص مشروع قانون يهدف إلى تعديل القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية. وقدمت هذه المذكرة من قبل رئيسة المجلس، آمنة بوعياش، أمام لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب يوم الأربعاء.
تعتمد المذكرة على مرجعيات متنوعة، تشمل الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية والممارسات الفضلى في القضاء، وتهدف إلى تحسين ضمانات العدالة الجنائية وترسيخ مبدأ سيادة القانون.
تتضمن المذكرة 79 توصية خاصة تتعلق بالنصوص المحددة في مشروع القانون، بالإضافة إلى 24 توصية عامة مرتبطة بقضايا استراتيجية لم يشملها المشروع لكنها تحتاج إلى معالجة.
بشأن التفتيش الجسدي وقضايا المال العام، أوصى المجلس بالإبقاء على صلاحية النيابة العامة في التحقيق وإقامة الدعوى تلقائيًا في جرائم المال العام والتخلي عن اشتراط الإحالة من جهات رقابية معينة.
لتعزيزاستقلالية الجمعيات أمام القضاء، اقترح المجلس إلغاء شرط الإذن المسبق من السلطات المعنية والسماح لأي جمعية مؤسسة قانونيًا بالدفاع عن الفئات المتضررة دون قيود إدارية مسبقة.
فيما يخص التفتيش الجسدي، أكد المجلس ضرورة أن يكون التفتيش بناءً على موافقة الشخص أو بقرار قضائي، وأن يتم بواسطة طبيب لضمان الكرامة والسلامة.
حول قضايا الحراسة النظرية، أوصى المجلس بتوفير حقوق الدفاع وعدم إخضاع المشتبه فيه للحراسة إلا عند الضرورة، وتسليمه كافة حقوقه ووثائق متعلقة بوضعه فورًا وبطريقة يفهمها.
إقرأ ايضاً
تناول المجلس 42 موضوعًا رئيسيًا ضمن أربعة مبادئ أساسية. شملت تكريس دولة الحق والقانون، ضمانات المحاكمة العادلة، التكافؤ بين أطراف الدعوى، ومراعاة الفئات الهشة كالأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
تضمنت الاقتراحات تمكين المشتبه فيه من الاتصال بمحامٍ منذ التوقيف وتقليص مدد الحراسة النظرية واعتماد التوثيق السمعي البصري كضمانة إجرائية لتعزيز الشفافية والحقوق.
كما دُعي لتمكين الدفاع بشكل متساوٍ مع سلطة الاتهام وإتاحة الوصول للملفات القضائية للجمعيات المدنية دون قيود إدارية لضمان استقلاليتها في ممارسة حق التقاضي.
تتوجه توصيات المذكرة في هذا السياق نحو مراعاة النوع الاجتماعي في حالات العنف ضد النساء، وتفعيل مبدأ تسهيل الإجراءات في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، والنظر في وضعيات الأطفال في المسطرة من منظور مصلحتهم الفضلى، بالإضافة إلى توفير الترجمة للمهاجرات والمهاجرين. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، عند تقديم المذكرة، على التزام المجلس بمساهمة فعّالة في بناء مسطرة جنائية تدعم الهيكل الدستوري وتحمي الحقوق والحريات. وأوضحت في حديثها أن المسطرة الجنائية تعتبر أكثر من مجرد أداة إجرائية، بل هي تعبير عن رؤية المجتمع للعدالة، حيث يصير تدخل السلطة مقيدًا بضوابط قانونية تحقق توازنًا بين حماية الأمن العام وضمان صون الحقوق والحريات. وأكدت أن المجلس يطمح إلى أن يسهم في تحقيق تقدم نوعي ضروري في إطار مؤسساتنا وتنظيمنا، بما يضمن الحفاظ على المكتسبات الحقوقية. وأضافت أن كل شخص، بغض النظر عن وضعه أو طبيعة النزاع الذي يعانيه مع القانون، يستحق الحفاظ على كرامته ويتوقع من الجميع توفير بيئة من الإنصاف والعدالة له. فالموقوف ليس مجرد رقم أو ملف، بل هو إنسان له قصته وطموحه في مستقبل أفضل وعودته إلى المجتمع. وهذه الرؤية جزء لا يتجزأ من سعيهم نحو عدالة فعّالة وحقيقية.
