تشهد مدن الشمال بالمغرب، خلال موسم الاصطياف الحالي، ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، شمل مختلف السلع والخدمات، من الإقامة والمواصلات، إلى الطعام والشراب، ولعل أبرز دليل على ذلك بلوع ثمنة “سفنجة” واحدة ما يعادل 15 درهم في بعض المحلات.
يُثير هذا الارتفاع استياءً واسعًا بين المواطنين، الذين باتوا يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف قضاء عطلهم في هذه المناطق، التي تُعدّ وجهةً سياحيةً مفضلةً للعديد من المغاربة.
وتُلقي هذه الظاهرة بظلالها على القطاع السياحي الداخلي، حيث تُهدد بتراجع الإقبال على مدن الشمال، ممّا قد يُلحق الضرر بالعديد من الفعاليات التجارية والاقتصادية التي تعتمد على السياحة.
في هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي، مهدي لحلو، أن الأسعار خلال فصل الصيف تسجل نوعا من الارتفاع في مختلف القطاعات، سواء تعلق الأمر بخدمات المطاعم أو الفنادق أو النقل، وهو ما يعود أساسا إلى أن مهنيي القطاع يعتبرون النشاط السياحي موسميًا، حيث يزداد الإقبال في شهري يوليوز وغشت.
واعتبر المتحدث أن العديد من الشركات الفندقية والمطاعم، وخاصة المصنفة منها، تُعتبر شركات “غير مواطنة”، إذ أنها لا تهتم بالقدرة الشرائية للمواطنين بقدر ما تهتم بتحقيق أكبر قدر من الأرباح خلال هذه الفترة.
وأشار الخبير الاقتصادي، أن هذا الارتفاع لا يقتصر على مناطق الشمال فقط، بل يشمل كل المناطق والمدن السياحية، حيث تتعامل هذه الشركات بالأسعار التي ترغب فيها، مستغلة عدم وجود خيارات أمام المواطنين، خصوصًا وأن العديد من المواطنين الراغبين في السفر خارج الوطن يجدون صعوبة في الحصول على التأشيرة، ما يجعلهم مضطرين للإقبال على هذه العروض المحلية.
وأكد المختص أن الخدمات المتعلقة بالراحة والاستجمام غالبًا غير متوفرين بشكل مرضي، حيث إنه رغم ارتفاع أسعار المنتجات والخدمات، تظل جودتها ضعيفة نوعًا ما.
إقرأ ايضاً
وأردف المتحدث بالقول: “عند مقارنة الأسعار الموجودة في بعض البلدان القريبة من المغرب مثل إسبانيا والبرتغال، نجد أن الأسعار هناك منخفضة جدًا، ما يجعل المواطنين يفضلون التوجه إلى هذه البلدان بدلاً من زيارة المدن الداخلية”. وتابع: “هذا الوضع لا يرتبط فقط بارتفاع الأسعار الذي يشهده المغرب منذ سنة 2022، بل هو واقع يتكرر كل سنة”.
وخلص المحلل الاقتصادي، مهدي لحلو، بالتأكيد على أن هذه العوامل تؤثر على السياحة الداخلية، حيث يفضل العديد من السياح تقليص عدد الأيام المخصصة للسفر، وهناك من يفضل قضاء العطلة في مدنهم الأصلية، ما يجعل السياحة الداخلية ضعيفة من الناحية الهيكلية بسبب ارتفاع الأسعار المستمر وضعف القدرة الشرائية للمواطنين الذين لا تستطيع تحمل هذا الارتفاع”.
من جانبه أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن هناك إقبالًا كبيرًا على السلع والخدمات، مما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار وفقًا لقانون العرض والطلب، إذ أنه كلما ارتفع الطلب على سلعة معينة، ارتفع سعرها، مشيرا إلى أن الإعلان عن الأسعار يعد أمرًا إلزاميًا وضروريًا لضمان الشفافية والنزاهة في السوق.
وأوضح الخراطي أن البعض يستغل هذه الفترة لزيادة الأسعار على حساب المواطنين، إلا أن الأهم يكمن في الالتزام بالإشهار بالأسعار وفقًا للقانون الصادر سنة 2000، الذي يهدف إلى حماية حقوق المستهلكين وضمان نزاهة التعاملات التجارية.
وأضاف المتحدث أن العديد من المواطنين لم يستوعبوا بعد وجود قانون يمنح البائع الحق في تحديد سعر السلع والخدمات التي يقدمها، وفي نفس الوقت يمنح المستهلك الحق في رفض شراء هذه السلع إذا كانت الأسعار غير مناسبة لهم. مشددا على أن المستهلك يجب أن يتبنى مبدأ عدم شراء السلع مرتفعة الثمن لدفع البائعين إلى خفض الأسعار.
وخلص الفاعل الحقوقي ذاته إلى أن الاتفاق بين البائعين على تحديد الأسعار ممنوع بموجب القانون، لكن لا توجد أي أدلة قاطعة على وجود مثل هذه الاتفاقات حاليًا، معتبرا أن اختلاف الأسعار يعود إلى الموقع والخدمة المقدمة، مما يجعل من الصعب إثبات وجود اتفاقات غير قانونية بين البائعين.