مونديال 2030 أم لقمة العيش؟ معركة المغاربة.. أين تذهب المليارات؟

8 مايو 2025آخر تحديث :
مونديال 2030 أم لقمة العيش؟ معركة المغاربة.. أين تذهب المليارات؟

أريفينو.نت/خاص
يثير تنظيم المغرب لكأس العالم لكرة القدم 2030، بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، نقاشاً داخلياً حول الأولويات الوطنية، حيث يرى البعض أن الأموال المخصصة لهذا الحدث العالمي الضخم قد يكون من الأجدى توجيهها نحو قطاعات حيوية كالتعليم والرعاية الصحية. ويعتبر هذا المنظور منطقياً ومشروعاً، على اعتبار أن الرياضة ترف يمكن الاستمتاع به بشكل كامل فقط بعد تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وهو يعكس قلقاً عميقاً على المصلحة الوطنية، وفقاً لتحليل رأي نشرته مصادر إعلامية دولية.

في المقابل، يطرح التحليل وجهة نظر أخرى ترى في استضافة كأس العالم خطوة استراتيجية، خاصة عند النظر إلى التحديات والفرص التي يتيحها هذا الحدث العالمي. فتنظيم المونديال يمنح المغرب فرصة فريدة لتسريع وتيرة تطوير بنيته التحتية، وهو عامل حاسم لجذب الاستثمارات الأجنبية. فالمستثمرون ينجذبون بشكل طبيعي إلى البيئات المستقرة ذات البنية التحتية عالية الجودة: موانئ حديثة، مطارات فعالة، وشبكات طرق سلسة. وكما هو الحال في دبي أو شنغهاي أو موريشيوس، فإن المناطق التي تستثمر في بنية تحتية عالمية المستوى تجذب رؤوس الأموال، ليس فقط بسبب القوانين المواتية، ولكن أيضاً لأن بنيتها التحتية تسهل الأعمال والتجارة.

ويشير التحليل إلى أن هذه الاستثمارات في البنية التحتية تحفز الاقتصاد المحلي، وتخلق فرص عمل، وتساهم في تقليل الفقر، وتزيد الإيرادات العامة للدولة، مما يساعد بدوره على تحسين الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم على المدى المتوسط والطويل.

ومن ناحية أخرى، يحذر التحليل من أن الاستثمار المكثف في القطاعات الاجتماعية دون خلق مصادر دخل جديدة قد يعرض الاستقرار المالي للبلاد للخطر. فانخفاض الاستثمار العام والخاص يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي، مما ينتج عنه ارتفاع في معدلات البطالة وتفاقم الفقر. والخطر حقيقي: فبدون موارد كافية، ستجد الدولة صعوبة في الحفاظ على مستوى عالٍ من التعليم والرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تراجعات في جميع المجالات.

ويضيف التحليل أنه بينما لا شك في أن المدارس هي مهد الإبداع، فإن هذه المواهب تحتاج إلى بيئة مواتية لتزدهر. فالأفكار وحدها لا تكفي بدون البنية التحتية اللازمة، والتمويل، والفرص. ويضرب مثالاً بشركة فيسبوك التي ربما لم تكن لتحقق نفس النجاح لولا البيئة الديناميكية في الولايات المتحدة. وينتقل العديد من المبتكرين، بما في ذلك علماء مغاربة بارزون مثل منصف السلاوي، إلى البلدان التي توفر أفضل الظروف لتحقيق مشاريعهم. ولكي يجذب المغرب المواهب ويحتفظ بها، يرى التحليل أنه بحاجة إلى خلق بيئة محفزة اقتصادياً مع الاستثمار المتزامن في التعليم، وخاصة التدريب المهني الذي لا يزال مورداً غير مستغل بالقدر الكافي.

إقرأ ايضاً

ويعتبر التحليل أيضاً أن كأس العالم يمثل منصة قوية لعرض ثقافة المغرب وتاريخه. فالمملكة، المعترف بها بالفعل لقوتها الناعمة في إفريقيا – إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا – لديها فرصة لتعزيز نفوذها الثقافي والجيوسياسي. ويعتبر الشراكة مع القوتين الأوروبيتين، إسبانيا والبرتغال، لاستضافة مونديال 2030 في حد ذاتها إنجازاً جيوسياسياً كبيراً. وتفتح الرؤية الدولية المتزايدة فرصاً جديدة للاستثمار والتعاون وتطوير السياحة.

تمتد فوائد استضافة كأس العالم إلى ما هو أبعد بكثير من تدفق الزوار خلال البطولة. فمن خلال تسليط الضوء على تراثه الثقافي، ومناظره الطبيعية الخلابة، وحرفيته الراقية، ومطبخه، وكرم ضيافة شعبه الأسطوري، يمكن للمغرب تحويل هذا الحدث إلى محرك دائم للسياحة. علاوة على ذلك، فإن تطوير البنية التحتية للمطارات سيجعل الوصول إلى مختلف مناطق المملكة أسهل للسياح، مما يوفر دفعة اقتصادية كبيرة تستمر إلى ما بعد عام 2030.

ويخلص التحليل إلى أنه بينما يرغب الجميع في رؤية تقدم كبير في التعليم والرعاية الصحية جنباً إلى جنب مع كأس العالم، فإن الواقع الاقتصادي يفرض اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة أحياناً بهدف تحقيق نتائج أفضل على المدى المتوسط والطويل. وبالتالي، فإن استضافة كأس العالم 2030 تمثل فرصة استراتيجية لتسريع تطوير البنية التحتية، وتحفيز الاستثمار، ورفع مكانة المغرب على الساحة الدولية. فالنمو الاقتصادي والاجتماعي وجهان لعملة واحدة، ومن الضروري تبني رؤية شاملة وفهم أن كأس العالم ليس غاية في حد ذاته، بل هو رافعة لبناء مستقبل أكثر إشراقاً للمغرب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق