يواجه مشروع الكابل الكهربائي البحري بين المغرب والمملكة المتحدة تحديات سياسية قد تعيق تقدمه، رغم كونه واحدًا من أكبر المشاريع الطاقية المستقبلية في أوروبا.
شركة Xlinks البريطانية، التي تقود المشروع، تسعى إلى إنشاء كابل كهربائي بحري بقدرة 10.5 جيغاواط، لنقل الطاقة المتجددة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية والريحية في منطقة كلميم واد نون المغربية إلى شبكة الكهرباء البريطانية عبر كابل بحري يمتد على 3,800 كيلومتر. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تزويد أكثر من 7 ملايين منزل بريطاني بالطاقة النظيفة، ما يمثل حوالي 8% من إجمالي احتياجات المملكة المتحدة من الكهرباء.
الاكراهات السياسية.. عائق رئيسي أمام المشروع
على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذا المشروع على الصعيدين البيئي والاقتصادي، إلا أن الدعم السياسي اللازم لتنفيذه لم يتحقق بعد، مما يهدد بتأخير تقدمه.
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز، أكد ديف لويس، المدير التنفيذي لشركة Xlinks، أن المشروع يحتاج إلى دعم حكومي حاسم عبر اتفاقيات طويلة الأمد لضمان سعر ثابت للكهرباء التي سيتم توريدها. بدون هذا الدعم، يواجه المشروع صعوبة في جذب الاستثمارات الضرورية.
وأشار جوناثان ريد، الخبير في سياسة الطاقة في مركز الطاقة البريطاني، إلى أن “المملكة المتحدة تسعى لتقليل اعتمادها على الطاقة المستوردة من الخارج، والمشروع يمثل فرصة عظيمة، لكن النقص في الدعم السياسي قد يعرقل تنفيذ مثل هذه المشاريع الضخمة. الحكومة البريطانية بحاجة إلى تأكيد التزامها طويل الأمد بهذا النوع من المبادرات إذا أرادت استقطاب الاستثمارات الضرورية”.
تأثير الانتخابات العامة والتغيير الوزاري
منذ الانتخابات العامة الأخيرة في المملكة المتحدة، تغير عدد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة، مما أدى إلى تعطيل المفاوضات بشأن العديد من المشاريع الطاقية الكبرى، بما في ذلك مشروع Xlinks. في هذا السياق، يشير تقرير صادر عن مؤسسة دراسات الطاقة المستدامة إلى أن تغيير الوزراء يؤدي غالبًا إلى تباطؤ المشاريع الكبرى، خاصة في مجال الطاقة المتجددة، حيث تستغرق الحكومات الجديدة وقتًا لإعادة تقييم أولوياتها.
وأضاف المصدر ذاته “أن التقلبات السياسية تشكل عقبة أساسية أمام جذب الاستثمارات في هذا القطاع، إذ أن المشاريع مثل Xlinks تتطلب استقرارًا سياسيًا طويل الأمد للحصول على التمويل والتراخيص اللازمة. دون هذا الاستقرار، سيظل المشروع في دائرة الانتظار”.
إقرأ ايضاً
العقبات المالية.. قيود على التمويل والاستثمار
بينما تمكّن Xlinks من استقطاب مستثمرين بارزين مثل GE Vernova وTotalEnergies وOctopus Energy، فإن مواصلة تمويل المشروع تتطلب شروطًا صارمة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة. وتشير دراسة أجرتها شركة أبحاث الطاقة البريطانية إلى أن تمويل مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى يعاني من تأخير في الموافقات الحكومية، بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بالبنية التحتية والطاقة المتجددة، فضلاً عن التقلبات في السياسات الحكومية.
ويوضح المصدر نفسه أنه “فيما يتعلق بمشاريع ضخمة مثل Xlinks، من الضروري تأمين عقود مبيعات طويلة الأمد، وهذا يتطلب دعمًا حكوميًا مستمرًا. فبدون هذا الدعم، من غير المرجح أن تتمكن الشركة من جمع التمويل المطلوب”.
الآفاق المستقبلية..هل سيحقق المشروع النجاح؟
إذا تمكّنت Xlinks من تجاوز العقبات السياسية، فإن المشروع يمتلك القدرة على أن يكون نقطة تحول في سياسات الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة. ولكن كما أشار رؤساء الشركات الكبرى في قطاع الطاقة، مثل بول جونسون، الرئيس التنفيذي لـ Octopus Energy، “النجاح يعتمد بشكل أساسي على الاستقرار السياسي في المملكة المتحدة. هذه المشاريع تحتاج إلى ضمانات واضحة على المدى الطويل لضمان استدامتها”.
إلى جانب ذلك، تشير العديد من التقارير من مراكز دراسات الطاقة إلى أن مثل هذه المشاريع تُعد بمثابة فرصة استراتيجية للمملكة المتحدة للمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافها البيئية، وفي الوقت ذاته، تعزيز أمنها الطاقي عبر الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة من خارج حدودها.
وإذا ما تم التغلب على هذه العقبات، سيشكل مشروع Xlinks نموذجًا مهمًا للتعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة، وقد يؤدي إلى تعزيز العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة.
