في خضم الأزمات الاقتصادية العالمية التي أثرت بشكل ملحوظ على معظم البلدان، أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن الحكومة المغربية قد اتخذت عدة إجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف العبء المالي عن كاهل الأسر في مواجهة تفاقم الديون. وأكدت أن هذه الخطوات كانت فعالة في ضبط الأسعار وخفض معدلات التضخم، مما عزز الاستقرار الاقتصادي للدولة.
وفي ردها على سؤال برلماني من النائبة فاطمة الكشوتي، أوضحت فتاح أن الحكومة، بالإضافة إلى برامجها لتعزيز البنية الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية، قد نفذت حزمة تدابير لتقليل الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن التضخم والجفاف. وشددت على أن تلك التدابير شملت تفعيل الاتفاقات المنبثقة عن الحوار الاجتماعي لتعزيز الديمقراطية والسلام الاجتماعي.
أبرز إنجازات الحكومة تضمنت ضمان استقرار الأسعار من خلال توفي المواد الأساسية بكميات كافية لدعم القدرة الشرائية. وقد انعكس هذا بشكل إيجابي على الأسعار، حيث انخفض معدل التضخم بنسبة ملحوظة ليصل إلى 0.9% في عام 2024 مقارنة بالسنوات السابقة بنسب 6.1% في 2023 و6.6% في 2022.
كما أكدت فتاح أن المغرب لم يكن بمنأى عن التغيرات الاقتصادية العالمية التي أثرت بدورها على سلاسل الإنتاج والتوزيع. وبفضل توجيهات الملك والنشاط الحكومي المستمر، تمكن المغرب من مواجهة هذه التحديات بحكمة وفعالية، مما ساهم في تقليص آثارها السلبية.
الحفاظ على القدرة الشرائية لم يكن خطة عابرة بل استراتيجية متكاملة تشمل دعم المنتجات والخدمات الأساسية مثل غاز البوتان والسكر والدقيق، مع تخصيص 16.5 مليار درهم لصندوق المقاصة لعام 2025، إلى جانب التدابير الضريبية والاجراءات الداعمة لقطاع الزراعة لمكافحة آثار الجفاف.
وبالإضافة إلى ذلك، أكدت فتاح أن الحكومة تولي أهمية قصوى لمشروع التغطية الاجتماعية، بميزانية بلغت 37 مليار درهم لعام 2025، وأطلقت برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي الذي يساعد في تحسين قابلية الأسر لشراء السكن.
ولقطع الطريق أمام الأزمات المتلاحقة في قطاع النقل والطاقة، خصصت الحكومة دعما استثنائيا للعاملين في النقل وتوفير اعتمادات إضافية للأطر المعنية بالماء والكهرباء لضمان الحفاظ على أسعار معقولة للطاقة.
في مجال الحوار الاجتماعي، أفادت فتاح بأن الحكومة اعتمدت عدة إجراءات لتعزيز القدرة الشرائية لمجموع شرائح المجتمع، بما في ذلك الأسر الفقيرة والطبقة الوسطى، مع تخصيص تحسينات لمختلف القطاعات الوظيفية ورفع الأجور، كلها تهدف إلى خلق مجتمع أكثر استقرارًا وازدهارًا.
وفيما يخص الإصلاحات الضريبية، تتماشى الجهود الحكومية مع أولويات تحسين الدخل للفئات متوسطة الدخل، لا سيما عبر تعديل نظام ضريبة الدخل والتخفيف من أعباء الضرائب التزاما بالتوجيهات الوطنية للحوار الاجتماعي.
بهذا النهج الشامل والمتوازن، تسعى الحكومة المغربية إلى تعزيز اقتصاد متين ومرن يتمتع بقدرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل بثقة وثبات.
تسعى الحكومة من خلال إعادة هيكلة جدول احتساب الضريبة على الدخل إلى تحسين الوضع المالي للأفراد، حيث قررت رفع الحد الأدنى للدخل المعفى من الضريبة ليصل إلى 40,000 درهم بدلاً من 30,000 درهم. هذه الخطوة تهدف إلى إعفاء الدخول الشهرية التي تقل عن 6,000 درهم، كما تُراجع الشرائح الأخرى للجدول لتوسيعها وتقليل معدل الضريبة المطبقة، وتنخفض النسبة الهامشية للضريبة من 38% إلى 37%. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع مبلغ الخصم للمصاريف العائلية إلى 500 درهم بدلًا من 360 درهم لكل شخص يعوله الفرد الخاضع للضريبة، مما يزيد التخفيض الإجمالي من 2,160 درهم إلى 3,000 درهم مع الحفاظ على هذا الدعم لستة أشخاص معولين. وفي خطوة لدعم الأسواق المحلية وتخفيف العبء المالي على المواطنين، تم تعميم الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على مجموعة من المنتجات الأساسية واسعة الاستهلاك. تشمل هذه المنتجات جميع الأدوية وموادها الأولية، الأدوات المدرسية وموادها التكميلية، بالإضافة إلى الزبدة المشتقة من الحليب الحيواني، ومصبرات السردين ومسحوق الحليب والصابون المنزلي. ومن الإجراءات الجديدة أيضاً، تعليق الرسوم الجمركية على بعض الواردات مثل القمح بأنواعه، البقوليات، خامات الزيوت والنباتات الزيتية، والحليب المجفف والزبدة. كما أُضيف تدبير مؤقت لعام 2025 يعفي عمليات استيراد كمية محددة من الحيوانات الحية والمنتجات الزراعية من الضريبة على القيمة المضافة لضمان توفير السوق الوطنية بالمنتجات بشكل مستمر وبأسعار مناسبة. يشمل هذا الإعفاء اللحوم الطازجة أو المبردة أو المجمدة المستوردة من فصيلة الأبقار والأغنام والماعز والجمال، الأرز الأسمر الخام المستورد، وزيت الزيتون البكر والبكر الممتازة. هذه الإجراءات تأتي كجزء من مساعي الحكومة لتحسين الظروف الاقتصادية وتخفيض التكلفة المعيشية للمواطنين.
