كشف تحقيق صحفي عن وجود تحديات خطيرة تواجه قطاع اللحوم الحمراء في المغرب، ووجود شبهات حول ممارسات تحتكر السوق وتهدف إلى القضاء على القطيع المحلي لصالح الاستيراد والتحكم في الأسعار.
ويشير التحقيق إلى أن تداعيات الجفاف المتوالي منذ 2019 وجائحة “كورونا” فاقمت الأزمة، حيث اضطر صغار المربين “الكسابة” لبيع قطعانهم، وخاصة الإناث، بأسعار زهيدة بسبب ارتفاع تكاليف الأعلاف (التي قفزت أسعارها بشكل كبير) وقيود التسويق، مما أدى إلى تناقص كبير في أعداد المواشي المحلية القادرة على التكاثر.
في محاولة للحفاظ على السلالة المحلية وضمان توفير اللحوم، فتحت الدولة باب استيراد المواشي مع تقديم دعم مالي للمستوردين.
لكن التحقيق يطرح تساؤلات حول نجاح هذه السياسة، مشيراً إلى استمرار استهداف السلالات المحلية عبر ذبح الإناث، وإلى أن الدعم المخصص للأعلاف والشعير لم يصل بشكل كافٍ لصغار الفلاحين بسبب تحويل مساره نحو الضيعات الكبرى، مما دفع بالكثير من صغار المربين إلى التخلي عن قطعانهم.
إقرأ ايضاً
يلقي التحقيق باللوم على “مافيا جديدة” من كبار المستثمرين والمضاربين الذين استغلوا دعم الاستيراد لتحقيق أرباح طائلة، عبر شراء المواشي من الخارج بأسعار منخفضة وبيعها في السوق المحلي بأسعار مرتفعة، مع إغراق السوق باللحوم المستوردة (مثل الجاموس) بأسعار تظل مرتفعة نسبياً ولكنها تخرج المنتج المحلي الصغير من المنافسة. ويُضاف إلى ذلك صعوبة ولوج صغار المربين للتمويل البنكي بسبب الشروط التعجيزية.
يعتبر التحقيق أن القرار الملكي بإلغاء أضحية العيد في السنة المعنية أنقذ القطيع المحلي من كارثة محققة، وكشف حجم التلاعب في الأسعار، حيث انهارت أثمان الأغنام بشكل كبير بعد القرار، مما أثبت إمكانية بيع اللحوم بأسعار في المتناول لولا جشع المضاربين. ويخلص التحقيق إلى أن القطاع يعاني من اختلالات بنيوية عميقة تتطلب تدخلاً حاسماً لحماية المنتج المحلي والمستهلك معاً.
