قبل ثلاث سنوات من الآن، اتخذت الجزائر، رزمة من الإجراءات في حق المغرب، وذلك بعد اتهامات بدون أدلة، بكون الرباط تقف وراء حركات انفصالية وأخرى مناوئة للجزائر، أبرزها حركة تقرير مصير منطقة القبائل (الماك)، ومقرها باريس، وحركة ”رشاد” الإسلامية التي تتخذ من لدن مكانا لنشاطها.
ورغم أن الاتهامات الجزائرية لا تستند إلى دلائل ملموسة، إلا أن حكام قصر المرادية، سارعوا إلى قطع العلاقات مع المغرب، ولم تمر سوى أقل من شهر حتى تبعتها خطوة إغلاق المجال الجوي في أواخر شتنبر من سنة 2021 ، عقب اجتماع “للمجلس الأعلى للأمن” برئاسة عبد المجيد تبون.
اليوم، وقبل اليوم، يُجاهر النظام الجزائري بدعم الحركات الانفصالية ضدا في المغرب، سواء بدعمه اللا محدود لجبهة ”البوليساريو” الانفصالية، طوال سنين، أو عبر ما استجد مؤخرا، عبر تنظيم ما سمي بـ ”مؤتمر الريف”، خلال نهاية الأسبوع المنصرم، في مساع واضحة لتهديد استقرار المملكة من جديد.
هل يُعامل المغرب جاره ”العدو” بمنطق حمورابي والبادي أظلم، ويتخذ إجراءات بدوره، بعد الخطوة الجزائرية الأخيرة والتي وصفها مراقبون بالخطيرة؟
الدكتور محمد شقير، الخبير في العلاقات السياسية، يرى أن السلطات المغربية في تنافسها الإقليمي مع النظام الجزائري فضلت دائما عدم الانسياق السياسي في الرد على الخطوات العدائية المتخذة من طرف الجزائر.
إقرأ ايضاً
يشرح شقير حول ما قد يفعله المغرب بقوله: ”رغم احتضان ودعم النظام الجزائري لجبهة “البوليساريو” لم يفكر في دعم واحتضان أي حركة انفصالية مناوئة للجزائر مما جعل الجزائر تمتلك دائما هذه الورقة لاستنزاف المغرب عسكريا وماليا وإعلاميا ودبلوماسيا”.
وأوضح المتحدث: ”لعل المرة الوحيدة التي لوح بها المغرب بتحريك ورقة ”القبايل” جوبهت من طرف السلطات الجزائرية باتخاذ إجراءات صارمة بلغت حد قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الحدود الجوية بشكل يذكر بالإجراءات المتخذة من طرف نفس النظام بعد أحداث أسني إذ مقابل فرض السلطات المغربية التأشيرة على المواطنين الجزائريين، أغلقت السلطات الجزائرية حدودها بشكل كامل أمام المغاربة مما يذكر أيضا بتهجير المغاربة المقيمين بالجزائر وفصلهم عن ذويهم وعائلتهم في ردا على قرار المسيرة الخضراء”.
كان من المتوقع، وفق شقير دائما، أن تقوم السلطات المغربية بنفس الرد، لكن لم تنجر إلى ذلك، موضحا أن ”فتح تمثيلية للحزب القومي بالريف وتنظيم يوم للريف بالجزائر يعكس نفس السياسة العدائية المنتهجة من طرف النظام الجزائري طيلة أكثر من خمس عقود التي كانت تقوم دائما على الحدة وردود الفعل العنيفة في الوقت الذي يجابه المغرب هذه الإجراءات بالعقل والصبر وسياسة اليد الممدودة والتي انعكست من خلال الخطاب الأخير للملك الذي عبر عن إمكانية منح منفذ بحري للجزائر في إطار مبادرته الأطلسي، رغم كل الخطوات العدائية التي قامت بها السلطات الجزائرية سواء في مجلس الأمن أو من خلال غض الطرف عن قصف قوات ”البوليساريو”، للسمارة أو المحبس وقبلها قتل راكبي زورق مغربي بالسعيدية”.
وخلص إلى أن رد السلطات المغربية على هذه الخطوة الجزائرية فيما يتعلق بدعم الحركة الانفصالية، لا يزال يتسم بـ ”سلك سياسة التعقل” رغم مطالبة حركة ”القبايل” الجزائرية بفتح تمثيلية لها بالمغرب، إلا أن السلطات المغربية ما زالت لا ترغب في توظيف هذه الورقة للرد على الجزائر، مبرزا أن ذلك ”لا يتماشى مع مبادئ السياسية الخارجية إذ لا يعقل أن يمتلك الخصم أوراقا سياسيا ويوظفها كما يشاء ويتحاشى المغرب الرد على ذلك بأوراق يمتلكها هو الآخر”.