بعد إدماجه تدريجياً في قطاعات أبرزها التعليم والتكوين، من المرتقب أن “يقتَحم” الذكاء الاصطناعي “عقباتِ” قطاعات جديدة في السنوات القليلة المقبلة؛ إذ تعتزم وزارة العدل، حسبما أعلنته في وثيقة رسمية، “تنزيل مجموعة من المشاريع المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي سيُتيح استخدامها تحسين كفاءة الإدارة القضائية، والرفع من جودة العمل القضائي، وتسهيل ولوج المواطنين للعدالة”.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي سبق له إثارة الموضوع غير ما مرة في لجان البرلمان وجلساته العامة، أكد، مجيبًا عن سؤال كتابي لأحد فرق المعارضة حول “مدى تفاعل قطاع العدل مع الذكاء الاصطناعي وتطوير رقمنة الخدمات”، أن وزارته تعتزم “تحرير الأحكام عبر الإملاء الصوتي المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي” عبر الاعتماد على “آلية تتيح تحويل الصوت تلقائيا إلى نص مكتوب، مما سيساعد القضاة على تحرير الأحكام في مدة أقل، وبالتالي تسريع تنفيذ باقي الإجراءات القضائية”.
الوافد التكنولوجي “الجديد” سيتم استخدامه أيضا، حسبما أعلنه وهبي، في “استغلال الاجتهادات القضائية باستخدام الذكاء الاصطناعي من خلال تسهيل إمكانية الاطّلاع على الأحكام المتوفرة في الأنظمة المعلوماتية لمساعدة القاضي على تكوين رؤية حول القضايا المعروضة عليه”.
وباستخدام الذكاء الاصطناعي تراهن الوزارة الوصية على “تسجيل وتدوين الجلسات” بالمحاكم بهدف “توثيق كل ما يجري في الجلسات بشكل آلي، مع مراعاة التحديات المتعلقة بلهجة الدارجة واللغة الأمازيغية”، مبرزة أن كل هذا يتأطّر ضمن “المجهودات التي تبذلها من أجل إرساء منظومة رقمية ذكية ومندمجة”.
شراكات ومنصات
في هذا السياق، لفت وهبي، من خلال الوثيقة إلى “سعي وزارة العدل إلى إقامة شراكات مع جهات دولية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل دعم تنفيذ هذه المشاريع، بتعاون وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
كما أثار انتباه واضعة السؤال، النائبة عن الفريق الحركي سكينة لحموش، إلى أن “وزارة العدل، ومن أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة لفائدة المتقاضين ومُنتسِبي العدالة، عملت على إحداث مجموعة من المنصات الإلكترونية”، معدداً أبرزها، ومشيرا إلى ما تمثله رقمنة الخدمات من مكاسب للمواطنين من حيث الجهد والوقت.
المصدر نفسه ذكر “خدمة السجل العدلي الإلكتروني”، التي تنبني على الرقمنة الشاملة لطلبات السجل العدلي (البطاقة رقم 3)، و”تسليمه عن بُعد دون عناء التنقل إلى مراكز السجل العدلي”، إضافة إلى “خدمة الحصول على وثيقة الجنسية المغربية عن بعد تمكن هذه المنصة المرتفق من تقديم طلب إصدار شهادة الجنسية والحصول عليها إلكترونيا باستعمال الهوية الرقمية”.
إقرأ ايضاً
كما أشار إلى فِعلية “الأداء الإلكتروني والغرامات المخالفات والجنح المرصودة عبر الرادار الثابت”، خاصة تلك التي “تمّت إحالتها على المحاكم وإصدار حكم قضائي في شأنها من خلال البحث برقم المحضر أو رقم بطاقة التعريف الوطنية”.
“المرجع الوطني الإلكتروني للمهن القانونية والقضائية” خدمة مرقمنة أخرى وفرتها وزارة العدل، حسب نص الجواب، محددا هدفها في “تجميع بيانات مهنيي القضاء في قاعدة معطيات مندمجة يتم تحيينها بصفة مستمرة تكون رهن إشارة عموم المواطنين”.
ومن جملة الخدمات الرقمية “بوابة تقديم طلبات العفو والإفراج المقيد بشروط والأمر بالإفراج” لتمكين “المعنيين بالأمر وذويهم والجهات المخول لها ذلك قانونيا من تقديم طلبات العفو والإفراج في وقت وجيز، وفق خطوات مبسطة وسلسة”.
كما وفّرت المكتبة القانونية الرقمية لوزارة العدل “عدالة”؛ إذ تتيح “البحث عن النصوص القانونية والاجتهادات القضائية وقرارات المحكمة الدستورية والاتفاقيات الدولية باعتماد محرك بحث ذكي ومتعدد المعايير”.
أما “منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم”، فهي “مكتب افتراضي للمحامي تُمكن من الإبداع الإلكتروني للمقالات والوثائق المرفقة والمذكرات والتوصل بكافة الإشعارات المتعلقة بالملف بطريقة الأداء الإلكتروني للرسوم القضائية، وكذا العديد من الخدمات”، أهمها “سحب نسخ الأحكام العادية والتبليغية والتنفيذية، وتسجيل طلبات التبليغ والتنفيذ، وتتبع وضعية التحويلات البنكية للمبالغ المنفَّذة”.
وختم وهبي جوابه باستحضار “منصة التبادل الإلكتروني مع المفوضين القضائيين”، التي أشار إلى أنها تهدف إلى “رقمنة عملية التبادل بين المحكمة والمفوض القضائي من أجل ضبط وتسريع عمليتَي التبليغ والتنفيذ”.