أطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة طلبًا دوليًا للحصول على عروض لإنجاز دراسة استراتيجية تهدف إلى إعداد مخطط استشرافي لتطوير المنظومات الحضرية الكبرى في المغرب. ويأتي هذا المشروع، المقدرة تكلفته بـ280 مليون سنتيم، كجزء من تحضيرات المملكة لاستضافة كأس العالم 2030، إلى جانب كونه استجابة للتحولات الحضرية المتسارعة التي يشهدها المغرب، وسعيًا لتعزيز تنافسية مدنه الكبرى وضمان تنمية مستدامة تتماشى مع المعايير العالمية.
بحسب وثائق الصفقة، شهد المغرب خلال العقود الأخيرة تحولًا حضريًا لافتًا، حيث ارتفعت نسبة التمدن من 55.1% في عام 2004 إلى 62.8% في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 73.6% بحلول 2050. هذا التوسع السريع يفرض تحديات متعددة، أبرزها زيادة الفجوة التنموية بين المدن الكبرى وبقية المناطق، مما يتطلب سياسات تنموية متوازنة وشاملة.
وفي هذا السياق، أكدت الوزارة أهمية توزيع الموارد والبنى التحتية بشكل عادل لضمان مواجهة تطورات النمو السكاني والاقتصادي. كما أشارت إلى ضرورة تنظيم توسع المدن الكبرى بطرق تعزز تنافسيتها ومرونتها، بما يتيح لها الاندماج ضمن محيطها الجهوي والدولي تماشياً مع التوصيات الوطنية والعالمية للتنمية المستدامة.
الدراسة التي ستُنجز وفق دفتر التحملات الخاص بالصفقة تهدف إلى بناء رؤية شاملة واستراتيجية تستجيب لتحولات المشهد الحضري المغربي وتدعم مكانة المدن الكبرى دوليًا. وترتكز الرؤية على تخطيط حضري متقدم يعزز اندماج المدن الرئيسية في الديناميكيات الاقتصادية والاجتماعية على المستويين الوطني والعالمي. كما سيتم تطوير ميثاق لكل منطقة حضرية كبرى يُترجم إلى مشاريع ملموسة تخدم التنمية المستدامة، مع إنشاء بنك متخصص في الوظائف الحضرية الكبرى للمساهمة في خلق فرص عمل متخصصة تزيد من جاذبية هذه المدن.
إضافة إلى ذلك، ستشتمل الدراسة على تصميم نمط حوكمة مبتكر يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المناطق الحضرية الكبرى ويضمن تنسيقاً فعالاً بين مختلف الأطراف المحلية والدولية. كما ستخرج بنتائج عملية تعزز البنية التحتية للمدن الكبرى وتحسن شبكات التنقل داخلها وبينها، وكل ذلك وفق أعلى المعايير الدولية.
إقرأ ايضاً
المخرجات المتوقعة من هذا المشروع تلعب دورًا أساسيًا في تجهيز المغرب لاستضافة بطولة كأس العالم 2030. فهي ستساهم في تطوير خدمات الاستقبال وتوفير معايير تلبي احتياجات الأحداث الكبرى عالميًا، جنبًا إلى جنب مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المناطق الحضرية، بما يراعي البعدين البيئي والاجتماعي.
يتضمن المخطط الاستشرافي خمسة محاور رئيسية لضمان تنمية حضرية متوازنة ومستدامة: تنظيم البناء الحضري للمدن الكبرى بشكل مدروس يضمن نموها المنظم، تنفيذ حكامة حضرية متكاملة تعزز التنسيق بين الأطراف المعنية، إقامة مراكز تنموية متعددة لخلق توازن اقتصادي بين مختلف المناطق، تعزيز الوظائف الحضرية المتخصصة لدعم الجاذبية الاقتصادية لكل مدينة، وأخيرًا تحسين مرونة المدن لتكون قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
ومن المتوقع الانتهاء من هذه الدراسة خلال 18 شهرًا تُقسم إلى مرحلتين أساسيتين. المرحلة الأولى تمتد لثمانية أشهر وتشمل تشخيص الوضع الترابي الحالي وإجراء تحليل مقارن للتجارب الدولية. أما المرحلة الثانية فتستغرق عشرة أشهر وتركز على إعداد الرؤية الاستشرافية والخطة التفصيلية للتنفيذ عبر مشاريع عملية.
يُعد هذا المخطط خطوة استراتيجية نحو تطوير المدن المغربية وتعزيز استدامتها، حيث يوفر حلولاً للتحديات المرتبطة بالتوسع الحضري ويحقق التوازن التنموي بين مختلف المناطق. كما يمثل نقطة انطلاق رئيسية لضمان نجاح تنظيم كأس العالم 2030، من خلال تحسين جودة الحياة في المدن الحضرية وتعزيز مكانة المغرب كوجهة عالمية رائدة على جميع الأصعدة.
