اريفينو خاص-حسن المرابط:
تشهد مدينة الناظور ترقباً كبيراً للمشروع الطموح المتمثل في بناء الملعب الكبير الجديد، الذي تم الإعلان عنه رسمياً قبل أسابيع قليلة، والمقرر إنشاؤه في منطقة حي المطار الحيوية، بكلفة استثمارية ضخمة تقدر بنحو 50 مليار سنتيم (500 مليون درهم مغربي).
ولا يقتصر الأثر المتوقع لهذا الصرح الرياضي على الجانب الرياضي وتوفير بنية تحتية حديثة للمدينة فحسب، بل يمتد ليشمل آفاقاً اقتصادية واجتماعية واعدة، ويتكامل مع رؤية أوسع لتطوير المنطقة وجعلها قطباً حضرياً وسياحياً جاذباً، خاصة مع ارتباطه الوثيق بمشاريع تهيئة بحيرة مارتشيكا الكبرى.
انتعاش اقتصادي مرتقب في محيط الملعب
يُعد قطاع الخدمات في حي المطار والمناطق المجاورة له أحد أبرز المستفيدين المباشرين من هذا المشروع الضخم.
فمن المتوقع أن يشهد عشرات المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية المختلفة انتعاشاً اقتصادياً غير مسبوق.
ستتحول أيام استضافة الملعب للمباريات الكبرى، سواء في كرة القدم أو رياضات أخرى، بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية أو الفنية المحتملة، إلى مواسم ذروة حقيقية.
هذا التوافد الجماهيري المنتظم سيؤدي حتماً إلى زيادة كبيرة في رقم معاملات هذه المؤسسات، وسيخلق ديناميكية تجارية يستفيد منها أصحاب المشاريع والعاملون على حد سواء، مما يساهم في خلق فرص عمل موسمية ودائمة لأبناء المنطقة.
رافعة للسياحة ومنصة للفعاليات الكبرى نحو العالمية
إقرأ ايضاً
على صعيد آخر، يُنتظر أن يلعب الملعب الكبير دوراً محورياً في تعزيز جاذبية الناظور كوجهة للسياحة الداخلية، وجسراً نحو العالمية، خاصة مع استضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
فوجود ملعب بمواصفات دولية حديثة سيؤهل المدينة لاستقطاب فعاليات رياضية وطنية كبرى، والأهم من ذلك، سيجعل من الناظور وجهة مثالية للمنتخبات العالمية الباحثة عن معسكرات تدريبية عالية الجودة ومرافق متكاملة قبيل وخلال المونديال.
إن استضافة تداريب هذه المنتخبات، حتى وإن لم تكن المدينة ضمن المواقع الرسمية للمباريات، ستجلب معها وفوداً رياضية وإعلامية كبيرة، مما سينعش بشكل استثنائي قطاعات الفنادق، والمطاعم، والنقل، والخدمات المتنوعة، ويحقق أرباحاً اقتصادية مباشرة وهامة للمدينة ومستثمريها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تصميم الملعب ومرافقه الحديثة يؤهلانه لاستضافة فعاليات ثقافية كبرى كالحفلات الموسيقية والمهرجانات الفنية، وتنظيم مهرجانات رياضية متنوعة لا تقتصر على كرة القدم، مما يضمن ديناميكية مستمرة للموقع ويعزز جاذبيته على مدار العام ويحقق عوائد إضافية.
موقع استراتيجي وتكامل مع تهيئة بحيرة مارتشيكا
ويكتسب الملعب أهمية استراتيجية إضافية بفضل موقعه المتميز، ليس فقط لقربه من المطار، بل لكونه يقع ضمن النطاق الحيوي لخطة تطوير وتهيئة بحيرة مارتشيكا الطموحة. هذا الموقع يضعه على مقربة من مشاريع نوعية أخرى تعزز جاذبية المنطقة وتتكامل معه، أبرزها منتزه الطيور الكبير المنتظر افتتاحه قريباً، والذي سيشكل متنفساً بيئياً وسياحياً هاماً، بالإضافة إلى شارع 80 الرئيسي الذي يخضع حالياً لعملية إعادة تأهيل شاملة لتحسين انسيابية الحركة والمنظر العام والربط بين مختلف مكونات المشروع.
إن هذا التجاور يخلق تكاملاً وظيفياً وسياحياً؛ فالزوار القادمون للملعب لحضور مباراة أو مهرجان يمكنهم الاستمتاع بزيارة المنتزه الفريد من نوعه، والمشاريع السياحية والخدماتية المحيطة بالبحيرة تستفيد من التدفق البشري الذي يولده الملعب، والبنية التحتية المحدثة كشارع 80 تسهل الوصول والتنقل بين هذه المرافق وتعزز تجربة الزائر. يندرج الملعب إذن ضمن رؤية متكاملة تهدف إلى تحويل هذه المنطقة إلى قطب جذب رئيسي يجمع بين الرياضة، الترفيه، السياحة البيئية، والثقافة، مدعوماً ببنية حضرية حديثة ومتكاملة.
استثمار نوعي ومحفز لفرص العمل
يمثل استثمار 500 مليون درهم في هذا المشروع دليلاً على الرؤية التنموية الطموحة للمدينة والإقليم. فبالإضافة إلى الانتعاش التجاري والسياحي المرتبط بالتشغيل الاعتيادي للملعب وفرص المونديال والفعاليات الثقافية والرياضية، سيساهم المشروع منذ مرحلة الإنشاء في توفير مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في قطاع البناء والأشغال العمومية. وبعد التشغيل، سيحتاج الملعب ومرافقه المتنوعة إلى طواقم مؤهلة، مما يضمن استدامة فرص العمل ويعزز الخبرات المحلية، ويرفع من جاذبية المنطقة للاستثمارات الخاصة في قطاعات مكملة.
في الختام، يحمل مشروع ملعب الناظور الكبير الجديد وعوداً اقتصادية وتنموية شاملة، تجمع بين التنمية المحلية المستدامة والفرص الاستثنائية التي تتيحها الأحداث العالمية الكبرى مثل كأس العالم 2030 واستضافة الفعاليات المتنوعة. ومع التخطيط الاستراتيجي والاستثمار في الخدمات المرافقة، يمكن لهذا الصرح الرياضي أن يتحول إلى قاطرة حقيقية للتنمية، تساهم في خلق الثروة، وتحسين مستوى عيش الساكنة، مستفيدةً من التكامل الاستراتيجي مع مشاريع تهيئة بحيرة مارتشيكا ومعالمها الجديدة كمنتزه الطيور وشارع 80 المجدد، وتعزيز إشعاع مدينة الناظور كوجهة حديثة ومتكاملة على الصعيدين الوطني والدولي.
