يفيد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بأن 80 في المئة من الأطفال والشباب في المغرب يستعملون الأنترنت، و70 في المائة منهم يلجون إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وفقا لبحث أجري مؤخرا على 1293 طفلا وشابا تتراوح أعمارهم بين 8 و28 عاما، وأفرز عن معاناة 43 في المئة من اضطرابات النوم، و35.6 في المئة لديهم خلافات مع العائلة أو الأصدقاء و41.5 في المئة منهم شهدوا تعثرا في نتائجهم الدراسية.
وأبرز المجلس ذاته في رأي عنوانه “من أجل بيئة رقمية دامجة توفر الحماية للأطفال” أن “الأخطر في هذا البحث أن ثلث الشباب صرحوا بتعرضهم للتحرش السيبراني، و40 في المئة يشاركون معطياتهم الشخصية مع أشخاص لا يعرفونهم، و40 في المائة منهم لا يعرفون كيفية تغيير إعدادات الخصوصية على بروفايلاتهم عبر الأنترنت”.
وأكد المجلس ذاته أنه ضمن مخاطر التأثير السلبي لاستخدام الشاشات على النمو المعرفي والحسي للأطفال وعلى صحتهم النفسية، يتجلى في استعمال التكنولوجيا الرقمية بشكل مفرط وغير ملائم.
ويضيف المجلس: “قد أظهرت دراسات في الموضوع وجود مجموعة من الاضطرابات النفسية والسلوكية الخطيرة الناجمة عن هذه الظاهرة، لا سيما تطور السلوكات الإدمانية والسلوكات العنيفة واضطرابات القلق والانغلاق على الذات والعزلة وإيذاء الذات واضطرابات النوم ومشاكل التركيز والاكتئاب ومحاولات الانتحار والانتحار الفعلي”.
وبحسب المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار (CMRPI) فإن حوالي 43 في المئة من المستجوبين يهملون حاجياتهم الأساسية كالأكل والنوم بسبب استعمالهم المفرط للتكنولوجيا الرقمية، وفق ما رصده في البحث.
و”قرابة 36 في المئة من المشاركين دخلوا في نزاعات مع أسرهم أو أصدقائهم، مما يعكس التأثير السلبي للاستعمال المفرط للتكنولوجيا على العلاقات الشخصية، و42 في المئة من الشباب عرفت نتائجهم الدراسية تراجعا ، مما يؤكد على الآثار السلبية لإدمان الشاشات على حصيلة التحصيل الدراسي، وفق الرأي ذاته.
وجاء في رأي للمجلس: “يمكن أن تكون العواقب الاجتماعية لهذه الاضطرابات وخيمة حيث تلقي بالأطفال والشباب في دوامة من المشاكل كالانقطاع عن الدراسة والهدر المدرسي، ومختلف أشكال الإدمان، والهروب من بيت الأسرة، والاضطرابات العقلية والإقصاء الاجتماعي، وحياة التشرد ، ووضعية الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين”.
وفي تفاصيل أخرى حول مخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أيضا، يشير المجلس إلى أنه ووفقا للبحث الذي أجراه المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار، 40 في المئة من الأطفال والشباب لا يعرفون كيفية تغيير إعدادات الخصوصية، و58 في المئة يجدون أنفسهم على مواقع الأنترنت دون رغبتهم و30 في المئة لا يعرفون كيفية التمييز بين ما يمكن تقاسمه وما لا يمكن و31 في المئة تعرضوا للتحرش الإلكتروني، و40 في المائة يقبلون طلبات الصداقة من أشخاص لا يعرفونهم، و25 في المائة فقط يقومون بإبلاغ الوالدين في حال وقوع حدث مؤلم عبر الأنترنت.
إقرأ ايضاً
وبخصوص الصعوبات المرتبطة برقابة الوالدين على استعمالات الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي، فهناك مواقف متباينة، إذ يفيد البحث الذي أجرته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات أن الوالدين عموما لا يمانعون استخدام أطفالهم للإنترنت، ويرغبون في استفادتهم من مزايا التكنولوجيا.
وفي السياق ذاته، كشف ما يقرب من 60 في المئة من أولياء الأمور الذين شملتهم الدراسة أن لديهم رأيا إيجابيا إلى حد ما.
وأفاد بأن تقرير العنف في المدارس في المغرب، الذي تم إعداده سنة 2023 وسلط الضوء على تفاقم ظاهرة العنف السيبراني، مؤكدا أن هذا الشكل من أشكال الترهيب النفسي أو الجنسي عبر الأنترنت يتزايد ويبلغ أبعادا مثيرة للقلق في أوساط معينة، إذ يصرح حوالي تلميذ واحد من كل عشرة تلامذة في المدارس الابتدائية بأنه تلقى رسائل غير سارة أو سيئة أو مهينة عبر الأنترنت فيما يؤكد تلاميذ المدارس الابتدائية، وبنسب كبيرة، أنهم وقعوا ضحايا منشورات غير مرغوب فيها على شبكات التواصل الاجتماعي أو تم استبعادهم من مجموعات على الخط (الأنترنت).
ويشير إلى أنه “على الرغم من الآثار الإيجابية التي تقدمها شبكات التواصل الاجتماعي، فإنها تنطوي على مخاطر مؤكدة، من قبيل انتشار الأخبار الزائفة والتلاعب بالرأي العام والابتزاز والتحرش الإلكتروني والتحريض على الكراهية والعنف والانتحار. وهناك تهديدات أخرى على غرار تجنيد الأطفال ضمن شبكات إرهابية، والاستغلال الجنسي وتطور السلوكات الإدمانية التي من شأنها أن تُخلف آثارا جسدية ونفسية كبيرة علـى المستعملين، فضلا عن تداعياتها على تدهور العلاقات الاجتماعية ومنظومة القيم والالتزام المواطن”.
وإلى غاية 20 أكتوبر 2023، تلقت منصة “فضاء مغرب الثقة السيبرانية” 1745 تبليغا، 1647 منها يتعلق بالمحتوى المنشور على شبكات التواصل الاجتماعي و98 يتعلق بصور وفيديوهات اعتداءات جنسية ضد الأطفال عبر الأنترنيت.
وحسب معطيات فضاء EMC، كشف المجلس عن كون الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة هم الأكثر تعرضا للعنف السيبراني والتحرش الإلكتروني حيث يمثلون 59 في المئة من حالات التبليغ، ثم يليهم البالغون من 26 سنة فأكثر بـ8.40 في المئة من التبليغات، أما المراهقون ما بين 13 و17 سنة والأطفال من 5 إلى 12 سنة، وحتى وإن كان عددهم أقل بكثير، فعم أيضا عرضة لهذه التهديدات.
وفي المغرب، تشير معطيات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات إلى أن معدل استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بين مستعملي الأنترنيت يقترب من 100 في المئة، وفق الرأي ذاته.
