في خطوة مهمة نحو تحسين جودة التعليم في المغرب وتعزيز تكافؤ الفرص التعليمية، أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، أن خارطة الطريق 2022-2026 تهدف إلى تقليص معدلات الهدر المدرسي بنسبة الثلث بحلول عام 2026. جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات الندوة الوطنية الأولى حول “التعبئة المجتمعية لمحاربة الهدر المدرسي”، التي انعقدت يوم الثلاثاء بالرباط، وشهدت مشاركة خبراء ومؤسسات تعمل في مجال التربية.
وأشار الوزير خلال كلمته إلى أن تحقيق هذا الهدف يعتمد على استراتيجيات علاجية موجهة لمحاربة الهدر المدرسي، بالإضافة إلى اعتماد نهج وقائي يركز على تعزيز التعبئة المجتمعية. هذه المقاربة الوقائية تتكامل مع شراكات مؤسساتية تهدف إلى نشر الوعي والتصدي للأسباب الجذرية للمشكلة. وأوضح أن الوزارة تعمل على تحسين عدة جوانب داخل المنظومة التعليمية، بما في ذلك تطوير آليات اليقظة داخل المؤسسات التعليمية، تعزيز تعلم المهارات الأساسية للطلاب، وتوسيع دائرة المستفيدين من الأنشطة الموازية التي تلعب دوراً محورياً في إبقاء الطلاب ضمن النظام التعليمي.
من ناحية أخرى، أشاد الوزير بدور مختلف الشركاء، سواء كانوا مؤسسات عمومية أو منظمات مجتمع مدني، في دعم وتنفيذ هذه الخارطة الطموحة. كما دعا إلى تقييم النتائج وآليات الجهود المبذولة لرصد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة وإعادتهم إلى المسار التعليمي من خلال توفير بيئة مشجعة وداعمة لتحقيق أهدافهم الدراسية.
وفي المقابل، سلطت باتريسيا يومبارت كوساك، سفيرة الاتحاد الأوروبي في المغرب، الضوء على أهمية التعليم كأولوية ضمن الشراكة الوثيقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وأكدت أن هذه الشراكة تسعى إلى توفير تعليم شامل وعالي الجودة مع مراعاة احتياجات الفئات الأكثر هشاشة، وخاصة في المناطق القروية. وأشارت كوساك إلى ضرورة دعم الشباب والفتيات، خصوصاً من الفئات الهشة، لتمكينهم من إتمام مسارهم التعليمي بما يعزز الاقتصاد المحلي ويبني مجتمعاً أكثر استدامة وقوة. وخصت بالذكر المبادرات المتميزة المُعتمدة في جهة بني ملال خنيفرة لرفع وعي الأسر بأهمية التعليم والحد من ظاهرة تسرب التلاميذ من المدارس.
إقرأ ايضاً
الندوة نظمت تحت شعار “التعبئة المجتمعية، رافعة لمحاربة الهدر المدرسي”، وذلك في إطار اتفاقيات موسعة مع شركاء تعليم ومؤسسات متنوعة، منها رئاسة النيابة العامة ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. هذه الجهود تأتي تنفيذاً لالتزامات “إعلان مراكش 2020”، الذي يسعى لمكافحة العنف ضد النساء ودمج قضايا الإلزام المدرسي ضمن الأولويات الوطنية.
البرنامج المطروح خلال الندوة تضمنت فعالياته تقديم إحصائيات ومعلومات حول مبادرات كبرى مثل حملة “من الطفل إلى الطفل” ومشروع قافلة الإدماج المباشر لتسجيل التلاميذ المنقطعين عن الدراسة للسنة الدراسية 2024-2025. كما تم استعراض مشروع نموذجي لدعم التعبئة المجتمعية بمحاربة الهدر المدرسي، يقوده فريق الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة بني ملال خنيفرة بدعم تقني من الاتحاد الأوروبي.
تهدف هذه الجهود المشتركة إلى تعزيز الاستدامة في مكافحة الهدر المدرسي وتحقيق الهدف الطموح بخفض نسب الانقطاع الدراسي الذي يؤثر على تطلعات آلاف الأطفال. إن نجاح هذه الرؤية يعتمد بشكل كبير على استمرارية التنسيق بين الجهات المعنية والمتابعة الحثيثة لضمان أن لا يحرم أي طفل من حقه الأساسي في التعليم.
