أريفينو // 24 اكتوبر 2023
بعد حكومة بنكيران التي سلمت جيوب المغاربة لحيتان المحروقات بمبرر دعم القطاعات الاجتماعية قررت حكومة اخنوش وضع يدها في “عصيدة “رفع الدعم بشكل تدريجي عن “البوطا”.
أخنوش، أعلن أمس وبشكل صريح أن ميزانية الدولة لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في نفس الوقت على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة مايعني أن المغاربة من سيدفعون الفاتورة وخاصة ما تبقى من طبقة متوسطة.
و تابع اخنوش قائلا أنه بالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، ستعمد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، والذي يمثل تقليصا تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنيا ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر.
وعلاقة بدعم قنينات غاز البوتان، أعلن أخنوش أن قنينة الغاز من فئة 12 كلغ، سيزداد ثمنها بـ10دراهم سنويا، بعد إقرار الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة.
وزاد موضحا “لنفترض أن هذه الأسرة تقتني قنينة كبيرة لغاز البوتان في الشهر، حاليا ثمنها هو 40 درهما، وابتداء من أبريل 2024 سيزداد ثمنها بـ10 دراهم كل عام”. قبل أن يستدرك أن هذه الزيادة ستتوقف ابتداء من 2026.
حكومة اللعب بالنار
حكومة اخنوش التي فضلت اللعب بالنار بقيت وفية لنفس خطط الحكومات السابقة، وهي مد اليد لجيوب المغاربة من أجل سد الثقوب المالية حيث لم تكتف بإعلان الزيادة في سعر البوطا بل دست زيادات جديدة في أسعار عدد من السلع والخدمات ومنها الماء والكهرباء بعد رفع الضريبة.
كما قررت زيادات صاروخية في الرسوم الجمركية لعدد من السلع وهي الزيادة التي سيتحملها المستهلك .
في هذا السياق اقترح مشروع قانون المالية لسنة 2024، الرفع من مقدار رسم الاستيراد المطبق على بعض المنتجات والمعدات الموجهة للاستهلاك من 2,5 إلى 30 في المئة، وذلك في إطار تعبئة موارد مالية للميزانية العامة للدولة.
وستشمل هذه الزيادة الآلات الكهربائية الصغيرة كآلات الحلاقة وآلات جز العشب الكهربائية ومجففات الشعر ومجففات اليدين والمكاوي وأفران الميكروويف، بالإضافة إلى أجهزة الهواتف المكتبية بما فيها الهواتف الذكية.
الملايير المهدرة
إلى الآن أهدرت الدولة مئات الملايير من الدراهم في عدد من البرامج والمشاريع التي وضعت لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتقليص نسب الفقر والهشاشة دون أن تحقق نتائج تتناسب مع قيمة المبالغ التي صرفت، لذا لا غرابة أن تجتهد الحكومة أكثر فأكثر في تغطية هذا العجز من خلال نحت تعاريف جديدة، وغريبة، للفقر وللطبقة المتوسطة استعدادا لرفع الدعم عن الغاز والسكر والدقيق وطي صفقة صندوق المقاصة، في مقابل تفعيل الدعم المباشر.
هذا السعي الذي يشبه اللعب بالنار خرج فعلا للوجود، و وضعت الخطوة الأولى على ارض الواقع بعد المصادقة على مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بـ”منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وبإحداث الوكالة الوطني للسجلات”.
ورغم أن هذا القانون جاء وفق مهندسيه ل”تحسين مردودية البرامج الاجتماعية، تدريجيا، وعلى المدى القريب والمتوسط”، عبر اعتماد “معايير دقيقة وموضوعية وباستعمال التكنولوجيات الحديثة” إلا أن أسئلة كثيرة وتخوفات مشروعة تلاحق الكيفية التي سيفعل بها هذا الدعم، في ضل الأعطاب الفادحة التي رصدت في عدد من التجارب السابقة، والتي كشفت أن معظم البرامج الاجتماعية يتم التعامل الميزانيات المرصودة لها ك”وزيعة”، كما يتم تحريف مسارها، وأن الأغنياء والميسورين يزاحمون فقراء البلد في الاستفادة منها.
سحق الطبقة المتوسطة
النموذج الصارخ هو ما حصل في برنامج”راميد” ،بعد أن أقر رئيس الحكومة السابق بأن هناك 10 في المائة من المنتمين لغير الفقراء يحملون هذه البطاقة على علاتها، هذا فضلا عن الضبابية والغموض الذي يلف وصفة التنزيل والكلفة التي ستتحملها الطبقة المتوسطة التي دفعت إلى الآن ثمنا فادحا لعدد من الخطوات والقرارات التي اتخذتها الدولة، منذ الشروع في سياسة التقويم الهيكلي مطلع الثمانينيات، وذلك في ضل التعريف المنحرف الذي تتبناه الحكومة للطبق المتوسطة والذي يجعل من يتقاضون4000 درهم شهريا مصنفين ضمن هذه الطبقة.
سوابق حكومية
والواقع أن ثقة المغاربة في صدقية الخطوات الحكومية المرتبطة بتفكيك منظومة الدعم، وحديثها عن “مساعدة الفقراء” كانت متنها ضعيفا منذ البداية، قبل أن تتعرض لهزة عنيفة أجهزت على ما تبقى لها من مصداقية بعد تحرير أسعار المحروقات الذي تعاملت فيه حكومة بنكيران بسياسة “من لحيتو لقم ليه” بشهادة وزير الحكامة الذي اعترف بأن المغاربة هو من دفعوا ثمن تحرير أسعار المحروقات ضمن خطة الحكومة لطي صفحة صندوق المقاصة.
النتيجة أن الحكومة وفرت ملايير الدراهم التي وضفتها بمنطق الصدقة في مشاريع الحماية الاجتماعية، فيما جنت الشركات فوائد فلكية، و صارت تربح درهمين في اللتر لواحد، وكل ذلك على حساب جيوب المغاربة الذين أصبحوا يدفعون للطرفين معا.
اليوم هناك تخوف مشروع من تكرار سيناريو ما بعد رفع دعم الدولة واعتماد الدعم المباشر.
أمر تعامت عنه حكومة أخنوش التي أطلقت بالون اختبار تلو آخر بشأن رفع الدعم عن قنينات الغاز، خوفا من أن يؤدي أي تسرع في هذا القرار إلى انفجارها، وانفلات الوضع، وهي بذلك تحاول أن تجمع بين تنفيذ تعليمات البنك الدولي بتفكيك ما تبقى من منظومة الدعم بعد أن أصبحت الدولة تراهن على ملاييره كطوق نجاة لميزانيتها العامة، مع لعب ورقة دعم الفقرا لاحتواء مشاعر السخط الاجتماعي للمغاربة قد بلغت المؤشر الأحمر .
عذراً التعليقات مغلقة