“حمل” قائدة يغرق الناظور في الفوضى: حينما يصبح “الوّحم” سبباً في انهيار هيبة الدولة!

أريفينو.نت/خاص
في واقعةٍ لا تخلو من سخرية سوداء، تغرق مدينة الناظور هذه الأيام في فوضى عارمة وانتشار غير مسبوق للباعة المتجولين و”الفراشة” الذين استباحوا كورنيشها وشوارعها الرئيسية، في مشهد يعيد للأذهان أسواق القرون الوسطى. والسبب؟ إشاعة قوية، أقوى من قرارات عامل الإقليم نفسه، مفادها أن قائدة المقاطعة الحضرية الأولى، المعروفة بحزمها وجولاتها الميدانية اليومية التي لا تهدأ، تمر بفترة “حمل”، مما اضطرها للتخفيف من إيقاع عملها المرهق.
هذا النبأ، الذي انتشر كالنار في الهشيم بين أوساط “الفراشة” ومحتلي الملك العمومي، كان بمثابة إعلان “ساعة الصفر” لغزو كل شبر فارغ في المدينة. فما أن خفتت خطوات القائدة في الشوارع، حتى علت أصوات الباعة، ونُصبت الخيام، وفُرشت السلع على الأرصفة، وتحول الكورنيش، الذي كان متنفساً للعائلات، إلى سوق شعبي صاخب يعج بالضجيج وتفوح منه روائح “الشواء” الممزوجة بعوادم السيارات.
سخرية لاذعة على مواقع التواصل
ولم يفت هذا “الحدث الجلل” على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تناولوه بموجة من السخرية اللاذعة التي طالت الأداء العام للسلطات الترابية بالمدينة. فقد علق أحدهم قائلاً: “دولة كاملة كانت هيبتها واقفة على حمل سيدة؟ ألف مبروك للقائدة، وألف عزاء للمدينة!”. وكتب آخر: “إذا كانت قائدة واحدة بحملها قادرة على شل حركة مدينة بأكملها، فعلى السلطة أن تراجع جيش الموظفين والمسؤولين الذين يتقاضون أجورهم من دافعي الضرائب دون أن يظهر لهم أثر”.
وأشار متابعون بسخرية مريرة إلى أن هذه الواقعة كشفت عن “الضعف المخيف” و”الهشاشة البنيوية” في أداء السلطات المحلية. وتساءلوا كيف يمكن لغياب مسؤول واحد، مهما علت رتبته أو زاد حزمه، أن يؤدي إلى هذا التراجع المريع في عمل منظومة إدارية وترابية بأكملها، تضم باشا المدينة، ورؤساء المقاطعات الأخرى، وأعوان السلطة، والقوات المساعدة، والشرطة الإدارية التابعة للجماعة.
تدهور مخيف وهيبة ضائعة
إن ما يحدث اليوم في شوارع الناظور يتجاوز مجرد احتلال للملك العمومي؛ إنه يكشف عن تدهور مخيف في مفهوم السلطة وهيبتها. فالأمر لا يتعلق بحمل قائدة، وهو أمر شخصي نتمنى لها فيه كل الخير، بل يتعلق بـ”عقم” منظومة بأكملها، أثبتت أنها عاجزة عن فرض القانون والنظام بشكل مؤسساتي ومستدام، وأنها ترتكن إلى الحلول الترقيعية والجهود الفردية التي سرعان ما تتهاوى عند أول “وحم”.
لقد فضحت هذه الحادثة الطريفة والمبكية في آن واحد، أن “هيبة الدولة” التي يتغنى بها البعض، قد تكون أحياناً مجرد “زوبعة في فنجان” مرتبطة بحماس موظف أو صرامة مسؤولة، وليست نتاج عمل جماعي مؤسس على استراتيجية واضحة وتطبيق دائم للقانون على الجميع.
ويبقى السؤال معلقاً في سماء الناظور الملبدة بالفوضى: هل ستنتظر السلطات الإقليمية والمحلية تسعة أشهر، هي مدة الحمل، لكي تستعيد المدينة بعضاً من نظامها المفقود؟ أم أن هذا “الحمل” المبارك سيكون فرصة لإجراء “ولادة قيصرية” لإدارة محلية جديدة، قادرة على فرض هيبتها بقوة القانون، لا بمزاج الأفراد وحالاتهم الاجتماعية؟

2 Comments

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button