الجولة الثانية
انقلاب. القذافي يدعم
الحرب المفتوحة التي بدأت بين الحسن الثاني والقذافي في مؤتمر القمة العربية بالرباط عام 1969 ستتصاعد حدتها بداية السبعينات، فيوم عاشر يوليوز 1971 قاد ضباط عسكريون انقلابا ضد الملك بعد أن اقتحموا إقامته بالصخيرات “كشفت تلك المحاولة عن أمور كثيرة، وكان من بين هذا الكثير أنها وضعت الملك الحسن الثاني والعقيد معمر القذافي في منعطف صدام. عندئد ذهبت الأمور بينهما نحو الحافة” كما يشرح طلحة جبريل. القذافي حالما علم بخبر الانقلاب، أعلن تأييده للثورة في المغرب ول”الضباط الأحرار”. أيام بعد ذلك بعث القذافي عضوا في مجلس الثورة الرائد عوض علي حمزة إلى الجزائر ليطلب من بومدين السماح لطائرات ليبية فوق تراب بلده لمساندة الثوار في المغرب، لكن بومدين رفض وأخبر الحسن الثاني بذلك. وقد تحدث الملك في خطاب إلى الشعب خلال السنة نفسها عن إذاعة ليبيا التي أعلنت أنها مع الثوار وأن جيشها وقوتها وعتادها، كل هذا، بجانب المشعوذين”.
وفي ندوة صحافية بعد ذلك قال “إن تدبير هذه العمليات تم على الطريقة الليبية، أي الطريقة الصبيانية التي تدل على التخلف بكل ما في الكلمة من معنى”.
نعت الحسن الثاني للقذافي بالتخلف تكرر في ندوة صحافية أخرى “لا تفصلنا عنها (ليبيا) صحراء من الرمال فقط، بل صحراء من التخلف الفكري”. وقد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا. عبد الهادي في مذكراته التي نشرتها “الشرق الأوسط” مع الصحافي حاتم البطيوي قال إن “علاقة المغرب مع ليبيا تجسد نوعا من العلاقات التي تجسد تباينا بين قائدين على طرفي نقيض”. واحد كيقلي السم للاخر.
الجولة الثالثة
موقف. القذافي منقلب
الحسن الثاني تعرف عن قرب عن رجل جرب معه كل أنواع الأسلحة لمحاربته. وقد وصفه الملك الراحل بالمتقلب “لقد بدا لي القذافي يتغير ويستحيل مراقبته وضبطه، وإلى حدود الثمانينات كان يبدو مزعجا للغاية”.
ما أغضب الملك من القذافي هو أنه التزم الصمت تجاه الانقلاب في ليبيا و”لم يدل بأي تعليق حول تلك التطورات. على الرغم من أن الملك الحسن الثاني كان لا يقبل الوصول إلى الحكم عن طريق الانقلابات “يضيف طلحة جبريل مدير مكتب صحيفة “الشرق الأوسط” في الرباط، لكن ما هو سبب هذا الحياد غير المعهود في الحسن الثاني؟ “كان رأي الحسن الثاني في السنوسي سلبيا” يضيف الصحافي الكاتب، إنه ليس له إلمام بشؤون الحكم، إذ “لم يفعل أي شيء من أجل الحفاظ” على الحكم، كما نقل الصحافي عن الحسن الثاني. “من منظور إنساني، كان القذافي يرى الحسن الثاني من منظور إنسان ثوري، لذا فهو بالنسبة له ممثلا الرجعية ويعتبره حجر عثرة أمام تطبيق الأفكار الثورية” يشرح قيادي سابق في البوليساريو، ثم يضيف خلال لقاءاتي به لم ألمس منه يوما إعجابا بالملك. هدفه الأسمى كان الإطاحة بالنظام المغربي، أو ما كان يسميه “تحرير المغرب”، لذا لجأ إلى خلق بؤرة توتر في الصحراء، ثم يضيف “كنا ضحية هذه الصراعات” يضيف أحد مؤسسي البوليساريو. هكذا أشاد القذافي بانقلاب أوفقير الفاشل ضد الحسن الثاني، رغم أن الزعيم الليبي كان نعت الجينرال عام 1969 بقاتل بنبركة.
الجولة الرابعة
بوليساريو. القذافي يؤسس
هذه العداوة بين القذافي والحسن الثاني ناتجة عن موقف العقيد من الملكية “الملكية كانت دم سنانو” يوضح الصحافي حميد برادة. هناك نقطة أخرى سممت الأجواء، فالقذافي كون صورة عن شخصية الحسن الثاني انطلاقا مما نقله عنه الفقيه البصري. المعارض المغربي الذي أقام بليبيا لسنوات، كان وراء لقاء مصطفى الوالي، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو بالحكام الجدد للبيبا. جاء اللقاء، حسب حميد برادة القيادي في حزب “الاتحاد الاشتراكي” للقوات الشعبية سابقا والصحافي بمجلة “جون أفريك”. فقد أعد اللقاء البصري مع رئيس المخابرات الليبية آنذاك الرائد عبد المنعم الهوني فكان أول من التقى الوالي سنة 1973. وينفي برادة أن يكون شارك في تقديم قياديي البوليساريو لليبيا “علاقتي قطعت مع لفقيه البصري سنة 1967، ربما اعتقد البعض أنني كنت صاحب البرنامج الذي تبث من ليبيا حول المغرب بسبب اللهجة الفاسية لصاحب البرنامج”.
مطلع 1973 التقى القذافي مصطفى الوالي، أحد مؤسسي البوليساريو، سنة بعد ذلك سيلتقي قيادي آخر البشير الدخيل، العائد منذ سنوات إلى المغرب، بالرئيس الجزائري الهواري بومدين. وكان القذافي نادى خلال زيارته لنواديبو الموريتانية سنة 1972 ب”تحرير الساقية الحمراء” وعبر عن رغبته في دعم الناشطين الصحراويين لإنشاء جبهة لهذا الغرض.
القذافي، حسب قيادي سابق في البوليساريو فضل عدم الكشف عن اسمه، كان أول من بعث أولى الأسلحة إلى البوليساريو “أول كلاشينكوف وصل إلى مسلحي البوليساريو كان من ليبيا، لا أتذكر عدد تلك القطع التي وصلت عام 1974”.
الجولة الخامسة
المسيرة. القذافي حساد
بعد مساهمة القذافي في تأسيس البوليساريو، سيعلن الملك الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء. الملك الراحل عزا حقد القذافي عليه إلى عدم السماح له بالمشاركة في المسيرة الخضراء سنة 1975 ، موضحا أنه خلال سنوات التوتر كان كل واحد منهما يتجاهل الآخر، مضيفا في “ذاكرة ملك” “أعتقد أنني لم أكن وراء القطيعة أو سببا فيها”. القذافي كان بعث رسالة إلى الملك للمشاركة في هذه المسيرة، لكنه رفض مشاركته تلك.
“القذافي كان ضمن التيار الثوري في العالم العربي، هو جزء من جبهة “الرفض والممانعة” التي ناهضت الإمبرالية في العالم العربي، والمغرب كان في نظر هؤلاء، عميلا لهذه الإمبرالية، لذا نادى بالإطاحة بمثل هذه الأنظمة، يشرح قيادي سابق في البوليساريو. هذا العداء جعل الملك الحسن الثاني يشدد في
في خرجاته الإعلامية على دور القذافي في تمويل البوليساريو بالأسلحة “ما يقع في التشاد وما يقع في الصحراء من مهل واحد ومن مصب واحد. الفرق هناك هو أن في التشاد نرى جنود ليبيا ومعدات ليبيا وفي الصحراء نرى معدات ليبيا وذخيرة ليبيا وأسلحة ليبيا”. وفي ندوة أخرى بباريس يناير 1982 قال الحسن الثاني “ليبيا لا تزال المتواطئ الرئيسي ورقم 1 مع البوليساريو، فلولا أموال ليبيا لما كان البوليساريو، ولولا صواريخ سام الليبية لما تمكن البوليساريو من الوقوف على رجليه”.
العداوة ثابتة والصواب يكون ( وليس الصواب ما يكون ) مكتعرفوش الامثال متكتبهومش