الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقدم “صورة قاتمة” عن الأوضاع في 2022

4 أغسطس 2023آخر تحديث :
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقدم “صورة قاتمة” عن الأوضاع في 2022

رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022، صورة قاتمة عن واقع الحقوق والحريات بالمملكة؛ فقد أكدت أن المشهد الحقوقي ظل على حاله دون أن يطاله “أي تغيير أو تطور إيجابي يذكر”.

وقال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقديمه للتقرير خلال ندوة صحافية احتضنها اليوم الخميس المقر المركزي للجمعية بالرباط، إن التقرير وقف على مجموعة من الخروقات التي مست الحقوق المدنية والسياسية، وعلى رأسها الحق في الحياة.

الإعدام والوفيات

سجل غالي أن الجمعية رصدت خلال 2022 إصدار حكمين جديدين بعقوبة الإعدام، بكل من الحسيمة وآسفي، مع تثبيت حكم في مدينة طنجة، في الوقت الذي بلغ مجموع المحكومين بالإعدام 85 فردا بالسجون المغربية، بنسبة تقدر بـ0.09 في المائة من إجمالي ساكنة السجون البالغ عددها 96 ألفا و872.

كما أوضحت الجمعية، في تقريرها، أنها وقفت عند تسجيل 18 حالة وفاة في مراكز الشرطة والدرك والسلطات وفي السجون أو بسبب الإحساس بالغبن أو تدخل القوات العمومية، و13 حالة وفاة في المستشفيات والمراكز الصحية جراء “الإهمال الطبي أو الأخطاء الطبية أو ضعف البنية الاستشفائية”.

وأضاف غالي مبينا أن التقرير السنوي للجمعية سجل 90 حالة وفاة في أماكن العمل بسبب حوادث الشغل الناتجة عن غياب شروط السلامة بأماكن العمل والأوراش وأثناء التنقل للعمل، فيما توفي 16 شخصا بسبب لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وعضات الكلاب والسعار، بالإضافة إلى 49 وفاة بسبب الاختناق الناتج عن تسرب الغاز أو بسبب الحرائق، و31 وفاة بسبب التسمم الغذائي والكحول الفاسدة.

أما بخصوص الوفيات الناتجة عن الانتحار، فأوضح غالي أن التقرير رصد 140 حالة موزعة على جهات طنجة تطوان الحسيمة بـ67 حالة، و14 حالة بجهة بني ملال خنيفرة، و7 حالات بجهة الدار البيضاء سطات، فيما شهدت جهة سوس ماسة 18 حالة. كما سجل التقرير حدوث 12 حالة انتحار خلال 2022 بجهة مراكش آسفي، و9 بفاس مكناس، و7 حالات بجهة الشرق، فيما لم تسجل بالرباط سلا القنيطرة وكلميم واد نون سوى حالتي انتحار بكل منها، وحالة انتحار وحيدة بالعيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب.

الاعتقال السياسي

أكد غالي أن تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سجل استمرار وجود المعتقلين السياسيين بالسجون المغربية؛ منهم 9 معتقلين على خلفية حراك الريف، و20 من معتقلي ملف مخيم “كديم ازيك”، بالإضافة إلى العديد من معتقلي “السلفية الجهادية” و6 من معتقلي مجموعة بلعيرج.

واعتبرت الجمعية أن السنة الماضية سجلت العشرات من الاستدعاءات والتوقيفات والمتابعات القضائية لحوالي 140 معتقلا على خلفية تدوينات ومنشورات أو فيديوهات في وسائل التواصل الاجتماعي، ليصل العدد الإجمالي للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي 175 معتقلا خلال سنة 2022.

التعذيب

أما بخصوص ملف التعذيب، فسجل التقرير أنه لا يزال يثير الجدل بين الدولة ومؤسساتها من جهة، والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المستقلة وذات المصداقية لدى الرأي العام الوطني والدولي من جهة أخرى، حول “استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة أو الحاطة من الكرامة”.

واعتبر التقرير أن الدولة، ممثلة في المندوبية العامة لإدارة السجون والإدارة العامة للأمن وغيرها من المؤسسات المعنية، أصبحت “مختصة في الإسراع بإصدار بلاغات تكذِّب فيها أي ادعاء بالتعذيب قبل حتى أن يكون هنالك بحث جدي؛ إلا أن الجواب الصريح موجود في الوقائع والأحداث التي تتتبعها الجمعية، إما من خلال الشكايات التي توصلت بها أو من خلال متابعتها التلقائية لما تنشره وسائل الإعلام المختلفة، ومواقع التواصل الاجتماعي؛ والتي تكشف صحة أو عدم صحة الخطاب الرسمي حول احترام التزامات المغرب الدولية المنصوص عليها في الاتفاقية، وصحة أو عدم صحة ما تترافع به الحركة الحقوقية الوطنية والدولية بهذا الصدد”.

وأشار غالي إلى أن التقرير يتضمن “حالات صارخة لكل من المواطن المغربي ياسين الشبلي الذي كان ضحية التعذيب المفضي للموت بمخفر الشرطة بمدينة بنجرير، والمواطن السعودي حسن محمد آل ربيع الذي سلمته السلطات المغربية إلى نظيرتها السعودية رغم مطالب الحركة الحقوقية بعدم تسليمه إلى السلطات السعودية التي أعدمت وعذبت أفرادا من عائلته بسبب نشاطهم وآرائهم السياسية، ثم حالة المحامي محمد زيان الذي عرضه مجموعة من أفراد الأمن لمعاملة مهينة وحاطة من الكرامة أثناء اعتقاله من مقر عمله بالرباط؛ إضافة إلى ما يزيد عن 25 احتجاجا سلميا تم فضه باستعمال القوة المفرطة والقمع والاعتداء الجسدي واللفظي والتحرش الجنسي للعديد من الناشطات والنشطاء والمواطنين والمواطنات المحتجين سلميا”.

التضييق على الجمعيات

أما بشأن الحق في حرية تأسيس الجمعيات، فسجلت الجمعية ما سمته “إمعان المسؤولين بوزارة الداخلية في خرق سيادة القانون وممارسة الشطط في استعمال السلطة، عبر رفضهم تسلم ملفات تأسيس أو تجديد الجمعيات وما أكثرها؛ سواء بشكل مباشر، أو عبر البريد المضمون أو بواسطة مفوض قضائي؛ وامتناعهم عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدهم في هذا الشأن في تحقير كامل لها، مع ضرب قاعدة المساواة أمام القانون باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الأمة ومن الواجب امتثال الجميع له، ويكفي أن نشير هنا إلى ما طال فروع الجمعية من تعسف قل نظيره”.

وأكد التقرير أن عدد فروع الجمعية التي ترفض السلطات تسلم ملفات التصريح بتجديد مكاتبها بلغ “77 فرعا من أصل 88 فرعا داخل المغرب؛ الأمر الذي اضطر الجمعية إلى اللجوء إلى القضاء الإداري الذي أصدر إلى حد الآن ما يقارب 30 حكما يدين قرار السلطات برفض تسلم ملف التصريح ويلغيه”.

أما بشأن الحق في التجمع والاحتجاج السلمي، فقد وقفت الجمعية، خلال سنة 2022، على العديد من حالات “منع وحظر المظاهرات والتجمعات والوقفات السلمية”، مبرزة أن فض الأشكال الاحتجاجية السلمية يكون في معظمه مرفوقا بـ”العنف والقمع واستعمال القوة المفرطة في خرق سافر لمبدأي الضرورة والتناسب؛ كما يحدث أن تصاحبه الكثير من التوقيفات التحكمية والاعتقالات التعسفية، التي تتحول في بعض المرات إلى متابعات ومحاكمات قضائية، وتسفر عن إدانات وأحكام بالحبس الموقوف التنفيذ أو النافذ مع الغرامات”.

الحريات الفردية

بخصوص حرية المعتقد والحريات الفردية، سجلت الجمعية أنه برغم تصديق الدولة المغربية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنصيص الدستور على سمو الاتفاقيات والعهود الدولية على القوانين الداخلية للبلاد، يبقى “دون أي أثر إيجابي على ضمان وحماية حرية المعتقد وباقي الحريات الفردية بسبب اشتراط الدستور “المطابقة لأحكام الدستور والقوانين المملكة وللهوية الوطنية الراسخة “، وبسبب السياسة التشريعية للدولة المغربية بمرجعيتها الثقافية المنافية لحقوق الإنسان وما لها من تأثير على العلاقات الأسرية والمناهج التربوية والعلاقات الاجتماعية في الفضاء الخاص والعام”.

وتابعت الجمعية مبينة بشأن الحريات الفردية والتضييق عليها أن استمرار ذلك يأتي أيضا بسبب “القانون الجنائي الذي يجرم كل من أقدم على ممارسة هذه الحريات من خلال عدد من فصوله”، واعتبرت أن اعتماد مادة التربية الإسلامية، القائمة على مرجعية المذهب السني المالكي، ضمن الوحدات الدراسية تشكل “إقصاء ونبذا للاختيارات العقائدية لجزء من المغاربة وأبنائهم؛ فضلا عن أبناء المهاجرين من جنوب الصحراء غير المسلمين المندمجين في التعليم العمومي ونفس الشيء بالنسبة للبرامج الإعلامية والانتاجات الفنية التي تروجها القنوات الإعلامية الرسمية والخاصة، والتي تكرس بدورها أحادية الدين والمذهب، فكل المغاربة بالنسبة لها مسلمون سنيون”.

ولفت التقرير إلى أن المناخ العام السائد بالمغرب “معادٍ لحرية المعتقد وباقي الحريات الفردية، ويفرز خطابا إعلاميا موسوما بالكراهية والتكفير ويشجع ظاهرة سلطة الشارع سد المختلفين عقائديا وجنسانيا”، مشيرا إلى حرمان “المغاربة الشيعة، كما المسيحيين من ممارسة طقوسهم الدينية بشكل علني، والتضييق عليهم؛ واعتقال عشرات من الشباب داخل مقهى في مدينة الدار البيضاء بتهمة “الإفطار العلني في رمضان”؛ والاعتداء الهمجي على رجل يرتدي ملابس نسائية بمدينة طنجة في منتصف شهر دجنبر 2022، ومنع عرض كتاب مذكرات مثلية” للكاتبة المغربية فاطمة الزهراء أذكار، بتهمة الدفاع عن “الشذوذ والانحرافات” من طرف إدارة معرض الكتاب بالرباط”.

الهجرة واللجوء

فيما يتعلق بوضعية الهجرة واللجوء بالمغرب، اعتبر التقرير أن سنة 2022 “كانت سنة مأساوية للغاية، على العديد من المستويات، وصلت إلى حد انتهاك الحق في الحياة للعشرات من المهاجرين وطالبي اللجوء؛ وهي انتهاكات ما كانت لتحدث لو تم احترام حقوقهم، كالحق في التنقل والحماية من شبكات الاتجار بالبشر”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق