فشوش و حريگ و جهات غامضة..المغرب أصبح مصنعا لعلاج الفرنسيين؟

23 فبراير 2024آخر تحديث :
فشوش و حريگ و جهات غامضة..المغرب أصبح مصنعا لعلاج الفرنسيين؟

على غرار ما جرى خلال احتجاجات الأساتذة ضد النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، حيث تم التلميح إلى وجود جهات مُحرّضة للأساتذة، اتّهم عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، “جهات” بتحريض طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مقاطعة الدراسة.

ولم يتهم المسؤول الحكومي ذاته أي جهة معّينة، لكنه قال: “أنا مؤمن بأن هذا المشكل الذي نعيشه (يقصد مقاطعة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان للدراسة والامتحانات)، ليس مشكلا، ولكنْ كايْنة شي حاجة أخرى، وحْنا فراسنا كلشي”.

وذهب وزير التعليم العالي إلى وصف الآراء التي يُعبّر عنها الداعون إلى مقاطعة الدراسة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مواقع التواصل الاجتماعي، بـ”الترهيب”، لافتا إلى أن أمهات وآباء الطلبة الذين يتحدثون عن هذا الموضوع يُخفون بدورهم وجوههم”.

وزاد قائلا: “نحن جميعا لدينا أقارب يدرسون في الجامعات، وعارفين اشْنو كايْن لْداخل، وهادشي خاصو يْحبس نهائيا”.

من جهة ثانية، قال ميراوي إن التكلفة المادية لتكوين كل طبيب في كليات الطب العمومية بالمغرب تصل إلى 100 مليون سنتيم، موجها انتقادا إلى الطلبة المقاطعين للدراسة في شكل سؤال استنكاري: “هل هذه هي المشاكل التي ينبغي أن تناقشها هذه النخبة التي لها قيمة كبيرة في البلاد؟”.

وفي الوقت الذي ما زال فيه غالبية طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مقاطعين للدراسة وللامتحانات، اعتبر ميراوي أن الطلبة المقاطعين “يحطمون أنفسهم بأنفسهم”، بسبب توالي الإضرابات، لافتا إلى أن التكوين، في ظل هذه الإضرابات، “غادي وكيْنْقص”.

وبالرغم من أن الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي أكد، خلال الندوة الصحافية، أن الأطباء المغاربة مطلوبون في العالم، إلا أنه أفاد بأن وزراء من دول أوروبية أسرّوا له بأن خريجي كليات الطب بالمغرب “لم يعودوا كما كانوا”، في إشارة إلى ضعف تكوينهم، مضيفا: “أريد أن أقول لأمهات وآباء الطلبة باش وْلادهم يْجمعو راسْهم، لأنه لا يمكن أن نمضي في هذه الطريق”.

ميراوي وجّه انتقادات لاذعة إلى “أطباء المستقبل”، قائلا: “عندما يرفض الطالب إنجاز أطروحة، أو إنجاز التداريب التطبيقية، فهذا يعني أننا وصلنا إلى الحضيض، وعندما يرفض ما تم إقراره بخصوص عدد سنوات الدراسة، فإننا وصلنا إلى شيء غير معقول”.

وردا على اتهام الطلبة للوزارتيْن الوصيّتين على القطاع بإغلاق باب الحوار، قال ميراوي: “هذا كذب”، مضيفا: “الحوار ظل مستمرا، بل أكثر من هذا قامت الوزارة بتوجيه نداء إلى الطلبة للحوار ورفضوا تلبية الدعوة”، على حد تعبيره

و بشكل مطلق، رفضت الحكومة، ممثلة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مناقشة قرار تقليص سنوات دراسة الطب من سبع إلى ست سنوات، وهو القرار الذي يرفضه الطلبة المقاطعون للدراسة منذ أكثر من شهرين.

قرار سيادي

وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أقر في ندوة صحافية مشتركة مع زميله في الحكومة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، بأن النقطة التي تمثل جوهر “الأزمة” المخيمة على كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، هي تقليص سنوات الدراسة، غير أنه شدد على أنه “لا رجعة في هذا القرار”.

واعتب آيت الطالب أن الحكومة “تعاملتْ بمرونة” مع احتجاجات طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، “غير أن هناك أمورا نعتبرها خطا أحمر”، في إشارة إلى قرار تقليص سنوات دراسة الطب الذي تمّ اتخاذه قبل سنتين، معبّرا عن رفضه لإملاء الطلبة على القطاعيْن الحكوميّين المَعنيّين ما ينبغي اتخاذه من تدابير.

واسترسل قائلا: “مَن يضع استراتيجية الدراسة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، هو القطاع الحكومي المعني، وليس الطالب، الذي يمكن أن يكون عنصرا في التحوّل الذي نريده للمنظومة، ولكن لا يمكن أن يفرض رأيه، لأن هناك حاجيات في مصلحة البلد يجب الاستجابة لها”.

وأبرز وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن النقص الذي تعاني منه المنظومة الصحية الوطنية على مستوى الأطر البشرية، والذي وصفه بـ”المهول”، حيث يبلغ الخصاص 34 ألف طبيب، له علاقة مباشرة بالتكوين، لافتا إلى أن “الحكومة لا يمكن أن تتهاون، ولو بشكل بسيط، مع هذه المعضلة الاجتماعية المقرونة بالمنظومة الصحية”.

وفي الوقت الذي ترفض فيه الأغلبية الساحقة من طلبة كليات الطب والصيدلة تقليص سنوات دراسة الطب إلى ست سنوات، ذكر آيت الطالب أن “المنتوج المغربي في مجال الطب معروف، ويتم التسابق عليه في العالم، ولا يمكن أن تكون جودة التكوين مَحلّ مزايدة”.

وبعد شهرين من اكتفاء الوزارتيْن الوصيّتين بالتفاعل مع مقاطعة طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان للدراسة والامتحانات، عن طريق بلاغات، ردّتا عليهم، اليوم، بشكل صارم، حيث تساءل آيت الطالب: “واش حْنايا كدولة غنبقاوْ نتشاوْرو باش يمكنّا نكوّنو الأطباء ونوفرو حاجيات المواطنين”.

وتابع: “الحكومة تعاملت بمرونة، والآن وصلت هذه المرونة إلى مستوى لا يمكن معه تجاوز خط أحمر تكون فيه مزايدات أخرى، لأن الأمر يتعلق بسيادة الدولة، ويجب علينا أن نضع حدا لهذا الأمر، ونوضح للطلبة حدود مصلحتهم، وحدود مصلحة المواطنين”.

وعبّر آيت الطالب عن رفضه القاطع لفتح أي حوار حول تقليص سنوات دراسة الطب، بقوله: “الحكومة اتخذت إجراءات حازمة للقطع مع أي مزايدات حول هذا الموضوع الذي حسمْنا فيه سنة 2022، ولا يمكن أن يكون هذا النظام الجديد مطروحا على طاولة الحوار أو نتراجع عنه. لا يُمكن”.

“لن نمنع أحدا من الهجرة”

ردّاً على مخاوف الطلبة أن يكون الهدف من تقليص سنوات دراسة الطب، هو منعهم من الهجرة للعمل في الخارج، قال آيت الطالب: “لا يمكن أن نمنع أحدا من الهجرة”، غير أنه استدرك بأنه “يجب الأخذ بعين الاعتبار عدد خريجي كليات الطب الذي يهاجرون وزيادة عدد الخريجين من أجل تعويض الذين يغادرون”.

وتابع: “الدولة تكوّن 1600 طبيب كل سنة، يهاجر منهم 600 كل عام، ولا يمكن السكوت عن هذا الوضع، وعلينا أن نجد حلا، لأن مَكمن الخلل معروف، وهو غياب الجاذبية في قطاع الصحة، وقد اتخذنا إجراءات وقمنا بإصلاحات لتعزيز جاذبية القطاع، وحين يتخرّج الطلبة المَعنيون بتقليص سنوات الدراسة سيَلمسون نتائج هذا الإصلاح”.

وتابع: “نحن نريد الرفع من عدد الأطباء الذين يتخرجون كل سنة، واللي بْغا يمشي الله يسهّل عليه (يقصد الأطباء الراغبين في الهجرة إلى الخارج)، ولكن الجاذبية التي نسعى إلى تحقيقها في قطاع الصحة، ستمكن من فتح الأبواب لاستقطاب أطباء من الداخل والخارج”، لافتا إلى أن عدد الأطباء الأجانب الذين يعملون في المغرب بلغ 450 طبيبا، لكنهم جميعا يعملون في القطاع الخاص، معبّرا عن طموحه لاستقطاب أطباء أجانب للعمل في القطاع العام.

وبالرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية لدفع طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان إلى استئناف دراستهم، إلا أن آيت الطالب قال: “إن باب الحوار معهم يظل مفتوحا”، مضيفا: “الطلبة يعرفون هذا جيدا”، قبل أن يستدرك بأن “الحكومة تتخوف من الهدر الزمني، وعليهم أن يعودوا إلى رُشدهم

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق