كشف السر: لماذا رفضت موريتانيا اغراءات الجزائر ضد المغرب هذه المرة؟

9 مارس 2024آخر تحديث :
كشف السر: لماذا رفضت موريتانيا اغراءات الجزائر ضد المغرب هذه المرة؟

يبدو أن إحدى أكثر القراءات مصداقيةً حاولت تفكيك غياب نواكشوط عن “التكتل المغاربي الثلاثي” الذي يزعم النظام الجزائري رعايته، هي تلك التي دفعت بطرح “انخراط موريتانيا بشكل علني ورسمي في ورش الواجهة الأطلسيّة المغربيّة”.

“دعوة” الجزائر نواكشوط تمّت من خلال اتصال عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، بنظيره الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، أطلعه فيه على اللقاء المغاربي الثلاثي الذي جمع رؤساء كل من الجزائر، تونس وليبيا، عقب القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، التي احتضنتها الجزائر، وبحث معه بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي مسائل وقضايا راهنة ذات طابع إفريقي، بحسب بيان الخارجية الجزائرية.

“حسم نهائي”
لحسن أقرطيط، كاتب مختص في العلاقات الدولية، قال إن “انضمام موريتانيا للمبادرة الأطلسية يعني، بكيفية ما، إنهاء التقارب مع الجزائر؛ لأنه في نهاية المطاف في العلاقات الدولية الدول تتقارب انطلاقا من المصلحة”، مؤكدا أن “نواكشوط لن تغامر بهذا الزخم الدولي الذي يعتبر المغرب شريكا حيويا ولاعبا رياديا على مستوى القارة الإفريقية”، وهي ترى أن دولا أوروبية كثيرة تعوّل على دور المملكة للدخول إلى إفريقيا، وتعلم أن المغرب في قلب الجغرافيا السياسية والاستراتيجية الجيو-سياسية الإقليمية والدولية.

وأضاف أقرطيط، اعتبرها “تطلّق ظاهر الأشياء”، أن “المصالح المستقبلية مع المغرب والمصالح الاستراتيجية الكبرى لموريتانيا تتمثل في التقارب مع المغرب انطلاقا أولا من مسألة أساسية هي أن المغرب يشكل قوة اقتصادية صاعدة، ذات اقتصاد مهيكل وموجه”، عكس الجزائر التي تريد أن “تستغل موريتانيا وتبتزها لكي تجد منفذا إلى المحيط الأطلسي للتشويش على مشاريع المغرب التي بدأ تأهيلها”.

ولفت الأكاديمي ذاته إلى أن “المغرب دولة جاذبة للاستثمارات، والاقتصاد المغربي اقتصاد متنوع جدا، والمشاريع الكبرى الآن التي تربط المغرب سواء بالاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى مع قوى إقليمية صاعدة أو قوى دولية، هي مشاريع كبرى يمكن أن تغير وجه المنطقة، خصوصاً وأن مشروع الواجهة الأطلسية يستهدف خلق كوليدور اقتصادي وكوليدور تجاري كبير يجمع كل الدول المطلة على الواجهة الأطلسية، وخصوصا دول غرب إفريقيا”.

وأشار إلى أن “موريتانيا من موقعها يمكن أن تشكل حلقة وصل أساسية كبيرة ومهمة وحيوية جدا في مشروع المبادرة الأطلسية إن اتخذت القرار الاستراتيجي بالانضمام نهائيا إليه”، مبرزا “الضغط الكبير الذي تتعرض له نواكشوط من النظام الجزائري، وهذه المكالمة الهاتفية هي ضغط في حد ذاتها”، خاتما بأن “النظام الجزائري يبذل قصارى الجهود لكي يثني نواكشوط عن موقفها الصريح الذي عبرت عنه بخصوص تأهيل المبادرة الأطلسية”.

“تحديات أمنية”
عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، قال إن “رفض نواكشوط للمناورة الجزائرية يتعلق أساسا بالاقتصاد الإفريقي المشترك والمتكامل، لأن الجارة الجنوبية للمملكة تريد أن تلعب دورا محوريّا وإقليميا من خلال ترؤسها للاتحاد الإفريقي”، مشيرا إلى “سعي بلاد شنقيط لترميم العلاقات مع الساحل والصحراء، لأن إشكال الإرهاب هناك لاعب محوري والتنسيق مع هذه الدول يبقى مؤثرا وقويا للحفاظ على الأمن”.

ووضّح الفاتيحي، أن “التّوتر الأمني عنصر أساسي، خصوصاً وأن الدّول الساحلية عبّرت عن انخراط قوي في المبادرة الأطلسية، والتنسيق ممكن داخل هذا المشروع المغربي”، مستهجناً “محاولة النظام الجزائري إقناع موريتانيا بتغيير موقفها من هذا المشروع الكبير المستقبلي والواقعي نحو الاتحاد المغاربي الثلاثي الذي ترعاه دولة لا تملك بوصلة حقيقية، بدأت بليبيا وتونس، بوصفهما دولتين تأكد مرارا أن الجزائر تتدخل في شأنهما الداخلي”.

ومضى المتحدث شارحا: “موريتانيا تعي أن ما يقترح المغرب له بعد دولي عابر للقارات، ومبادرة المغرب لتأهيل الولوج إلى المحيط الأطلسي جذبت الكثير من الاهتمام، لا سيما وأن نواكشوط لديها التزامات مع شركاء دوليين كبار، خصوصا الذين سيساهمون في المبادرة الأطلسية كدول مجلس التعاون الخليجي ودول أوروبية ودول أمريكية، إلخ”، مبرزا أن “موريتانيا دخلت في مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، ولها كذلك استثمارات مغربية هائلة، وتوقعات بأن الاستثمارات ستتطور في المستقبل”.

وقال الفاتيحي خاتما: “موريتانيا ترهن سلوكها بالمعاملات السياسية والجيو-سياسية مع دول الساحل والصحراء التي كانت عنصرا مؤثرا وفاعلا في الحلف الخماسي، وهذه الدول معنية بقوة بالحصول على منفذ إلى الواجهة البحرية الأطلسية، والمرور إلى الأطلسي سيتمّ عمليا عن طريق موريتانيا”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق