ما الذي يحدث في مراكز التدليك في المغرب؟

تحولت إلى فضاءات لتقديم خدمات جنسية وموقع على الأنترنيت يسوق لأنشطة هذه المراكز

تحولت بعض نوادي ومحلات وحمامات التدليك والمساج بمدينة مراكش، وغيرها من المدن، إلى مشاريع تقدم خدمات جنسية، لمختلف الفئات الاجتماعية، وتجني من وراء ذلك مبالغ مالية ضخمة، بعيدا عن أعين ومراقبة السلطات الأمنية والإدارية، بل عمدت هذه الشبكات إلى توظيف موقع على الشبكة العنكبوتية للدعاية لنشاطها وعرض خدماتها الجنسية.. ورغم أن السلطات الأمنية تقوم من حين لآخر بحملات مداهمة لهذه المراكز، وإيقاف المتهمين، وإغلاق هذه المحلات، فإن أعضاء شبكات الاتجار الجنسي عبر هذه المشاريع، عمدوا إلى إعادة فتح محلات أخرى جديدة، واستعادة نشاطهم..

إنجاز: محمد العوال (مراكش)

تحاول السلطات الأمنية بالعديد من المدن، التصدي لظاهرة تحويل محلات للتدليك وحمامات عصرية إلى فضاءات للممارسة الجنسية، إذ سبق وأن أوقفت فرقة الأخلاق العامة لدى الشرطة القضائية الجهوية بمراكش العديد من المتورطين في هذا النشاط، وتقديمهم إلى العدالة.

وسبق أن اوقفت عناصر الشرطة القضائية للأمن الولائي بفاس، تسعة أشخاص من بينهم سبع فتيات، للاشتباه في تورطهم في تحويل محل للتدليك إلى وكر للدعارة، وذلك بناء على معلومات دقيقة توفرت لدى مصالح الشرطة القضائية.

الأمر نفسه بمدينة ورزازات، إذ تمكنت المصالح الأمنية بها، خلال منتصف دجنبر الماضي، من توقيف ستة أشخاص، من بينهم ثلاث نساء، لتورطهم في استغلال محل للتدليك في الدعارة.

وجاءت مداهمة المحل المذكور، بعد فرض مراقبة عليه من قبل المصالح الأمنية، التي تجاوبت مع شكايات بعض المواطنين الذين يقطنون بجوار المحل المذكور، الذين أكدوا من خلال شكاية لهم، أن المحل أصبح يشتبه في قيامه بنشاط مخالف للنشاط المرخص له، وأنه يستدرج مجموعة من الفتيات والفتيان من أعمار مختلفة.

وجرى توقيف المتهمين الستة، داخل المحل المذكور، في حالة تلبس، ليتم وضعهم رهن الحراسة النظرية، والاستماع إليهم في محاضر رسمية قبل إحالتهم على النيابة العامة، التي قررت متابعتهم.

موقع إشهاري

لجأت شبكات الدعارة القنعة التي تتخذ من محلات التدليك، غطاء لممارسات غير مشروعة، إلى أحد المواقع الإلكترونية التي يشرف عليها أفارقة، واجهة للترويج لنشاطها غير المشروع، إذ يقدم الموقع المذكور، إعلانات خاصة، بمحلات التدليك التي تقدم خدمات جنسية مختلفة.

وبمدينة مراكش لوحدها، يقدم الموقع خدمات حمامات التدليك المقرونة بالجنس، يقدر عددها بحوالي 601 إعلان إلى حدود ظهر أول أمس (الخميس).

ويعرض الموقع ذاته الخدمات التي تقدمها كل عاملة بحمام للتدليك، مع عبارات ذات إيحاءات جنسية، ويحدد لك الموقع سن الفتاة وكذا موقع مركز التدليك (الحي الذي يوجد به دون تحديد العنوان)، بالإضافة إلى رقم الهاتف.

كما يقدم الموقع نفسه، صورا شبه عارية للفتاة التي يفترض أنها ستقدم لك الخدمات، دون إبراز ملامح وجهها.

وبمجرد التواصل مع الرقم عبر تطبيق “الواتساب”، يقدم لك أثمنة جميع الخدمات، بداء من التدليك والحمام، وانتهاء بالممارسة الجنسية وثمنها.

احتياطات استثنائية

رغم أن الموقع يقدم لك كل تفاصيل نشاط هذه الشبكات، فإن الوصول إلى محل التدليك، يجعلك أمام معاملة أخرى، إذ تنفي صاحبة المحل بمجرد الوصول إليه، وجود أي إعلان بالصفحة، وتؤكد لك أن الرقم ربما يهم فتاة ما قد تكون عاملة بالمركز وقد لا تكون.

بأحد مراكز التدليك بكليز، استقبلتنا صاحبته بابتسامة عريضة، وبعد أن شرحنا لها أن وصولنا إلى المركز جاء بعد الاطلاع على إعلان على موقع الأنترنيت المذكور، تحاشت أن تسايرنا في نقاشنا، ونفت أن تكون على علم بأي موقع.

وحرصت صاحبة المحل على تقديم عروض التدليك والحمام، دون الدخول في أي تفاصيل أخرى تتعلق بالنشاط الممنوع.

بعد ذلك، ستفسر لنا فتاة عاملة بالمركز، أن كل ذلك يأتي نتيجة التخوف من ملاحقة المصالح الأمنية، وأن درجة الاحتياط كبيرة جدا.

فضاءات سرية

العديد من الفتيات اللواتي اشتغلن سابقا بمراكز التدليك، نقلن نشاطهن إلى دور سكنية اكترينها، وأصبحن يقدمن بها خدمات التدليك والجنس، دون علم السلطات الأمنية والإدارية.

ويوضح مصدر ل “الصباح”، أن العديد من الفتيات، اخترن اكتراء منازل وتجهيز غرفة أو غرفتين بمستلزمات التدليك، واستقطاب الزبناء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون الحصول على التراخيص الضرورية واللازمة، وبعيدا عن أي مراقبة.

تحرص الفتيات اللواتي يمارسن هذا النشاط، على استقطاب زبناء من خارج مراكش، أو زبناء من دول أجنبية سيما دول الخليج، وذلك خوفا من افتضاح أمرهن.

ويتركز نشاط هذه الشبكة، خصوصا بحيي السعادة والبديع وبعض أزقة مبروكة وغيرها من الأحياء.

حملات أمنية

لم يخف مصدر أمني في حديثه لـ”الصباح”، قيام المصالح الأمنية من حين لآخر بحملات أمنية ببعض المحلات المشبوهة وإيقاف كل من ثبت تورطه في ممارسة غير مشروعة أو مجرمة بقوة القانون، موضحا أن المحلات التي لا تحمل أي لافتة على واجهتها، يصعب معها معرفة النشاط الذي تقدمه، وهل الأمر يتعلق بدور سكنية أم بنشاط آخر، قبل أن يستدرك، أن المصالح الأمنية بمراكش، تتصدى بكل حزم، لأي نشاط مشبوه وخارج القانون، أيا كان مصدره، مشيرا في السياق ذاته، إلى إيقاف العديد من الأشخاص، يشتبه في تورطهم في قضايا الفساد والخيانة الزوجية ، ضبطوا في محلات للتدليك.

وسبق لعناصر فرقة الأخلاق العامة بالشرطة القضائية أن أحالت خمسة أشخاص، على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، منهم مسيرة مركز للتدليك والتجميل، وثلاث فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 19 سنة و25، يشتغلن بالمركز ذاته، بالإضافة إلى أحد الزبناء.

ويواجه المتهمون الخمسة، جنح إعداد وكر للدعارة والفساد والتحريض على ذلك، كل في حدود المنسوب إليه.

كما سبق للسلطات الإدارية، أن ساهمت في إيقاف مشتبه فيهم، إذ داهم قائد المحلقة الإدارية كليز، بمعية أعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، مركزا للتدليك بشارع عبد الكريم الخطابي، بناء على شكايات متعددة من قبل مجموعة من السكان، الذين أكدوا أن المركز يقوم بأعمال مشبوهة، وأن الادعاء بممارسة التدليك ما هو إلا قناع لإخفاء نشاط آخر ممنوع.

وضبط قائد الملحقة الإدارية، أحد الزبناء في وضع مشبوه، ليتم إيقاف صاحبة المركز وثلاث عاملات بالإضافة إلى الزبون، وإحالة الجميع على الدائرة الأمنية 22 بكليز، التي أنجزت مسطرة جزئية وأحالتها على الشرطة القضائية للأمن الولائي بمراكش، لإتمام البحث.

وأمرت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية، بوضع جميع المتهمين رهن الحراسة النظرية.

القانون تصدى للظاهرة

حسن الريبوح

يؤكد حسن الريبوح، محام بهيأة آسفي، أن المشرع المغربي، فرض عقوبات صارمة في حق كل من يساهم في إفساد الشباب والبغاء، وأقر عقوبات تختلف باختلاف مرتكبيها.

وأوضح الريبوح في تصريح لـ”الصباح”، أن المشرع المغربي لم يستثن أيا كان، سواء الوسطاء أو غيرهم ممن يعملون على نشر الفساد والرذيلة، إذ يعاقب بالحبس وبالغرامة كل من ارتكب مباشرة أو بواسطة الغير، حيازة أو تسيير أو استغلال أو إدارة أو تمويل أو المشاركة في تمويل محل أو مؤسسة تستعمل بصفة اعتيادية للدعارة أو البغاء، وكل من يتولى حيازة أو تسيير أو استغلال أو إدارة أو تمويل أو المشاركة في تمويل أي مؤسسة مفتوحة للعموم أو يستعملها العموم بالاعتياد على قبول ممارسة شخص أو عدة أشخاص للدعارة أو البغاء داخل المؤسسة أو ملحقاتها، أو قبول بحثهم داخلها عن زبناء لأجل الدعارة أو البغاء أو تغاضيه عن ذلك أو تشجيع السياحة الجنسية.

وشدد على أن عقوبة الحبس والغرامة تشمل جرائم وضع محلات أو أماكن لا يستعملها العموم رهن إشارة شخص أو عدة أشخاص، مع العلم أنهم سيستعملونها للدعارة أو البغاء، وينص القانون على أنه يؤمر في الحكم بالإدانة بسحب الترخيص، الذي كان يستفيد منه المحكوم عليه، كما يجوز أن يحكم بإغلاق المحل نهائيا أو بصفة مؤقتة. كما يعاقب بالحبس كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة في مواد إباحية، بإظهار أنشطة جنسية بأي وسيلة كانت، سواء أثناء الممارسة الفعلية، أو بالمحاكاة، أو المشاهدة.

وتطبق العقوبة نفسها على كل من قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية، من هذا النوع.

وأضاف المتحدث نفسه، أن الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي أكد على أن “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة”، أما في ما يتعلق بجريمة الخيانة الزوجية، فإن الفصل 491 ينص على أنه “يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوج أو الزوجة، إلا أنه في حال غياب الزوج خارج المملكة، فإن زوجته التي تتعاطى الفساد بصفة ظاهرة يمكن للنيابة العامة متابعتها، يقول المتحدث نفسه.

وأضاف الريبوح، أن الفصل 492 ينص على أن تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها عن جريمة الخيانة الزوجية .

وخلص المحامي الريبوح، إلى أن القانون الجنائي المغربي، أطر جرائم استغلال محلات التدليك مثلا وغيرها من المحلات، لممارسة البغاء والفساد، ويمكن إغلاق هذه المحلات وسحب التراخيص الممنوحة لها، وفقا للقانون، في حال ثبت للمحكمة تورط هذه المحلات في هذه الممارسات غير المشروعة.

محلات مشبوهة

يتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مع الأخبار المرتبطة بإيقاف متهمين بممارسة الدعارة في قاعة التدليك والمساج، وهكذا كتب علي “أغلب محلات التدليك تنهج الطريقة نفسها (الرباط البيضاء مراكش طنجة).

أما فوزي فقد كتب “هن يستمتعن بالتدليك وبعد ذلك يمارسن الجنس والدعارة مع زبنائهن، ليكون الربح مضاعفا، ربح المال وتفريغ شهواتهن وكبتهن، وما يروج في الاحياء والمدارس والجامعات وحتى المستشفيات والصالونات والحمامات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي اصبح مخيفا..الحمد لله اني حذفت جميع وسائل التواصل الاجتماعي لكي لا اقع كصيد لهؤلاء “، وفي السياق ذاته، عبر خالد، بالقول هده المهن المشبوهة تتخذ كغطاء لممارسة الدعارة، ويبدو أن الاسم يدل على ذلك (التدليك)، وأما الشقق المفروشة بدعوى السياحة وصالونات التدليك، فما هي إلا أوكار دعارة لزبناء من نوع خاص ذوي البطون المنتفخة والجيوب المكتنزة يغدقون مالا وفيرا على العاملين في هذا المجال، بعيدا عن أعين الأمن.

ونختم مع حميدو الذي قال، “أماكن التدليك المستخدمة من أجل ممارسة الجنس منعت في بريطانيا أكثر من 15 سنة، والمدن المغربية أصبحت تحتضنهم بكل سهولة، خاصة في طنجة ومراكش”.