مشروع للريف والوطن .. نحو استعادة المغرب لقوته البحرية

29 ديسمبر 2017آخر تحديث :
مشروع للريف والوطن .. نحو استعادة المغرب لقوته البحرية
مشروع للريف والوطن .. نحو استعادة المغرب لقوته البحرية

نشرت ضمن “مدارات” مقالا عن جيوبولتيك الريف وحراكِه، بتاريخ الجمعة 09 يونيو 2017، ووعدتُ في آخر المقال باقتراح بعض الحلول لتنمية المنطقة. ويُستحسن العودة للمقال الأول لفهم المقالات الثلاثة الحالية حيث يجد القارئ الجواب عن بعض أسئلته المحتملة.

أولا: ما حلول المشكلة؟

الحلول التقليدية:

توجد مجموعة حلول يتداولها الخبراء والكُتاب، وهي معروفة لا داعي لتكرارها، كتطوير الفلاحة، خاصة تربية المواشي، وتشجيع السياحة، وإنشاء بعض الصناعات الخفيفة، وإكمال معمل الصلب بسلوان.. ونحو ذلك. فتحتاج المنطقة إلى معاهد عليا تفكر وتخطط، منها ما أسميه: معهد لاقتصادات الجبل يتخصص في نوع الأنشطة المناسبة للمناطق الجبلية. ومركز وطني للزلازل. وآخر لأبحاث السرطان.. وتنشيط السياحة الجبلية، وتدشين عدد كاف من معامل متكاملة للحليب ومشتقاته..

سأركز هنا على حلول جديدة، أو معروفة لكن من منظور جديد.

نحو منظور آخر للحلّ:

الحلّ حلاّن متكاملان ومتوازيان:

1-الحل الإداري القائم على إدماج أبناء المنطقة في الدولة:

نجعل الريفَ الأوسط جهةً بذاتها، وتكون عاصمتها مدينة الحسيمة، التي ستشكل قلب القطب الحضري الذي يمكن تسميته بـ”الحسيمة الكبرى،” ويشمل إضافة إلى الحسيمة: إمزورن وبني بوعياش وأجدير.. وغيرها من المناطق المجاورة.

يمتد تراب هذه الجهة شرقا من الناظور (أو على الأقل من دار الكبداني)، وغربا إلى الجبهة، ومن جهة الجنوب تُحدّ ما بين صاكا وبني وليد.

تعمل الدولة على وضع مخطط لإدماج شباب الريف عموما، والمنطقة خصوصا، في الوظيفة العمومية بأنواعها المدنية والعسكرية، خاصة أن نسبة التوظيف ضمن الدولة أقلّ من المعدّلات الوطنية بكثير. لذلك لا ينبغي أن يقلّ هذا العدد عن مائة ألف منصب على مدى بضع سنين.

وهذا قد يقتضي عمل دراسة لجميع الإدارات الوطنية وفروعها داخل المملكة وخارجها (كالقنصليات والسفارات)، لمعرفة الحجم الحقيقي والعدد الدقيق للريفيين، وذلك لغرض تطعيم الإدارات التي تعرف نقصا في هذا العنصر الوطني، فيُوظف بعض أهل المنطقة مثلا في وزارتيْ الخارجية والداخلية.. إضافة إلى الوزارات الأخرى كالتعليم والثقافة والمالية والنقل.. ناهيك عن الجيش والأمن والدرك. ويكون بعض مستشاري جلالة الملك والمكلـّفين بمهام ملكية مِنهم أيضا.

هذا الأمر مع الزمن يربط الناس بالدولة فيُحسّون بالانتماء لها وأنّها منهم وإليهم.

يجب أن يكون معظم هذا التوظيف محليا بالريف (الشرقي والأوسط والغربي)، لذا قد تحتاج الإدارة إلى اختراع نوع من المناصب الإدارية يكون خاصا بجهة معينة، بحيث لا يجوز أبدا نقل هذا المنصب إلى خارج الجهة، لأن نسبة كبيرة من الشعب المغربي أصبحتْ من زمان مصابة بما أسميه: “جنون لانافيت”، حيث أقنع هذا المواطن نفسه أنه يستحيل عليه العيش في مدينة أخرى غير مدينته الأصلية، أو أنه أهم وأنظف من أن يعيش في جهة غير الشريط الساحلي الممتد ما بين القنيطرة والجديدة.. وحين لا يستطيعون، يقضون أعمارهم ويحرقون أعصابهم وأموالهم على التنقل المستمر في الطرقات.

إذا وظّـفنا مائة ألف مواطن في عموم الريف، سيكونون قاطرة مهمة للاقتصاد، بتحقيق كفايات نصف مليون إنسان على الأقل (على اعتبار أن كل موظف سيعيل خمسة أفراد)، كما سيربطون الساكنة بالدولة.

إن العدد الإجمالي للقوات المغربية -العسكرية وشبه العسكرية- عادي يقع ضمن الحدود العالمية (وهي بين 5 و10 لكل ألف مواطن): 6.23%، تقريبا 400 ألف من 34 مليون، لذا يمكن زيادته بـ: 1%، أي حوالي 46 ألف مواطن من منطقة الريف الكبير يوزعون على جميع التشكيلات العسكرية وشبه العسكرية، خاصة منها البحرية، وجميع الأجهزة الأمنية من شرطة ومخابرات.. خصوصا أن نسبتهم قليلة جدا في هذه القوات.

والباقي، أي حوالي ستين ألفا، يشتغلون بالقطاعات العمومية كالتعليم والمالية والتجهيز والنقل والسياحة والصناعة والرياضة.. وغيرها.

إن الولاء للدولة تربية وبناء وإنجاز، وليس مجرد شعار. ولا توجد في تاريخ المغرب قبائل متمردة بالفطرة، وقبائل مطيعة بالضرورة، بل كل قبيلة مرة هكذا ومرة هكذا، لأسباب متعددة، لكنها غالبا متشابهة.. وانظر إلى تجربة السلطان الحسن الأول، فقد قام بجولات عسكرية كثيرة، وصل عددها إلى تسعة عشر حركة، شملتْ معظم جهات المغرب وقبائله، وأخذت من عمره خمس سنين كاملة.

2-الحل التنموي القائم على استثمار البحر:

الفكرة هنا هي عِوض أن تغرق الدولة وأجهزتُها البيروقراطية في مئات المشاريع الصغيرة التي لا رابط بينها، فإنه من الأجدر أن تضع نصب أعينها مشروعا واحدا وعملاقا يكون قاطرة ومحورا لعشرات المشاريع المتوسطة ومئات المشاريع الصغيرة التي يخدم أكثرها هذا المشروع الأم.

المشروع العملاق هنا هو: تنمية قائمة على اقتصاد البحر.

هذا المشروع البحري ليس لسكان الشمال فقط، أو لأهل الريف، فكل مَن يجتذبه البحر أهلاً به من أيّ مكان، لأنه سيصبح من أهل المنطقة.. وبهذا نحقق ما حققته اليونان. إذ يوجد شَبه بين اليونان والريف، فكلاهما منطقتان متوسطيتان، وكلاهما أراض جبلية، لذلك عرفا على مدار تاريخهما هجرةً مستمرة للسكان نحو أراض أكثر خصوبة وأسهل عيشا.

لكن انقلب الأمر لأول مرة في تاريخ اليونان منذ 3500 سنة، فأصبح يستقبل الهجرة من سنة 1981، أي حين انضم إلى الاتحاد الأوربي وأصبح اقتصاده ينمو بقوة. ولا مانع أن يحقق الريف الأمرَ نفسه.

وقبل شرح الفكرة لابد من شيء من التاريخ:

ثانيا: البحر في ماضي المغرب وحاضره

البحرية المغربية قديما:

حين ضعفت القوة البحرية بالمشرق الإسلامي في القرن الخامس خصوصا، فإن عظمة البحرية الإسلامية انتقلت إلى الغرب الإسلامي، ووصلت أوْجَها في عهد الموحدين، خاصة في عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن، وعنه يقول ابن خلدون: “انتهت أساطيل المسلمين على عهده في الكثرة والاستجادة إلى ما لم تبلغه مِن قبل ولا من بعد، فيما عهدناه.” وهذا ما يفسر استنجاد صلاح الدين الأيوبي بالبحرية الموحدية في مواجهة الصليبيين.

بعد التفوق الموحدي، جاء بنو مرين الذين كانت قوتهم البحرية أقل، لكنها بقيت قوية، وكذلك كانت بحرية مملكة غرناطة لابأس بها، وكان مضيق جبل طارق الميدان الأول للصراع بين القوتين البحريتين: المغربية-الأندلسية من جهة، والأراغونية-القشتالية من جهة أخرى. لذلك حافظ بنو مرين على التوازن البحري مع الممالك المسيحية بحيث كانت القوتان متساويتين.

يقول ابن خلدون: ” ثم تراجعت عن ذلك قوة المسلمين في الأساطيل لضعف الدولة ونسيان عوائد البحر بكثرة العوائد البدوية بالمغرب وانقطاع العوائد الأندلسية، ورجع النصارى فيه إلى ديْدنهم المعروف من الدربة فيه والمران عليه.. وصار المسلمون فيه كالأجانب.”

وأخيرا في القرون الثلاثة المنصرمة تضاءل اهتمام العالم الإسلامي بشؤون البحر حتى كاد ينعدم. ولو أخذنا مثالا من المغرب الأقصى لوجدنا أنه في نهاية العصر الوسيط كان دائما يتعرض للغزو بحرا، لكن الدولة والمجتمع كلاهما فرّط في بناء حياة اجتماعية واقتصادية وعسكرية تهتم بالبحر.

فتجد أن أقوى قبائل شمال إفريقيا وأشدها شكيمة لم تكن تشتغل بالبحر رغم قربها الشديد منه، وهي قبيلة بني ورياغل التي قادها الأمير عبد الكريم الخطابي ومعها أكثر قبائل الريف لمواجهة محتل اقتحم ديارها وفاجأها من البحر.

وتظهر أهمية الأمر لو علمنا أنه كان لقبيلة صغيرة مجاورة لقبيلة بني ورياغل الكبيرة دورٌ بحري مهم في بعض فترات تاريخ المنطقة، وهي قبيلة بني بقيوة. فكيف لو أن الورياغليين اتجهوا إلى الاشتغال بالبحر أساسا؟

كتبتْ المؤرخة ثريا برادة: “لعل الميدان العسكري المغربي الذي أصابه أكبر قسط من الإهمال، وأصبح من الصعب في النصف الأول من القرن التاسع عشر تصوّر أن المغرب كان في وقت ما يتوفر على مراكب بحرية حملت مئات الآلاف من المحاربين المغاربة من الرباط وسلا والعرائش وسبتة وطنجة إلى إسبانيا وكل شمال إفريقيا، وأن صلاح الدين الأيوبي استنجد بها، وأنها حمت السواحل المغربية من غارات القراصنة الأوربيين، وطاردت السفن الأوربية إلى عرض كندا…”

والحقيقة أنه كان لملوك الدولة العلوية وعيٌ بخطورة الموضوع، حتى في فترات ضعف المغرب الأقصى في القرن التاسع عشر. فبعد المولى إسماعيل تضررت القوة البحرية المغربية كثيرا، فلما جاء السلطان محمد بن عبد الله أوْلى عناية خاصة للشأن البحري واهتمّ به، واستطاع فعلا أن يبني أسطولا من ستين قطعة بحرية مجهزة بالعتاد والرجال.

لكن أسبابا داخلية، وعوامل خارجية على رأسها ضغوط الدول الأوربية، تعاونتْ على الحدّ من هذه السياسة البحرية.. فاضطر المولى سليمان رحمه الله لحل الأسطول فعليا حوالي 1817م.

ثم نصل لعهد السلطان عبد الرحمن بن هشام الذي حاول الاهتمام بالموضوع، لكن بعد مهاجمة النمساويين لمرسى العرائش، وتدخل الإنجليز.. وأسباب أخرى متعددة لا مجال لتفصيلها هنا..

انتهى السلطان إلى الاقتناع باستحالة أن يكون للبلاد أسطول حربي حقيقي، فأمر في لحظة إحباط بإغراق ما تبقى من السفن المغربية القليلة في ميناء سلا.. كأنه يئس من الموضوع وأراد نسيانه وسدّ بابه نهائيا. كان عهد المولى عبد الرحمن آخر محاولة لإنشاء بحرية حربية، وأُهملت حتى مدفعية السواحل، وتُرك الأمر للقبائل تدافع عن سواحلها بالمناجل والفؤوس.

ولعل من المفيد هنا أن أعرض لرأي الأستاذ المؤرخ عزيز قنجاع، فهو يرى أن بداية استعمار المغرب وانهزامه أمام الأمم الأوربية لم يكن مع معركة إيسلي التي خاضها ضد فرنسا سنة 1844، ولا في حرب تطوان مع الإسبان.. بل هزيمة المغرب العسكرية الأولى كانت معركة العرائش.

ورغم أن المغاربة تصدوا ببسالة لهذا الهجوم، إلاّ أن هذه الواقعة في نظر معاصري الحدث وفي نظر مثقفي القرن التاسع عشر كانت أكبر مصيبة حلت بالمغرب، إذ من نتائجها إنهاء البحرية المغربية تماما.. والتمهيد للهجوم الأجنبي البري.

وقد كنتُ كتبت مقالا شرحت فيه أن الحضارة الإسلامية انهزمت في البحر أولاً، قبل هزيمتها البرية وفي عقر دارها.

البحرية المغربية اليوم:

البحرية الوطنية اليوم أقوى من الماضي، من حيث القدرات التكنولوجية. لكن بالمقارنة مع البحريات العالمية في القرنين 17 و18، فإن بحريتنا اليوم أضعف. مثلا يشكل جنود البحرية المغربية الآن حوالي 7000 من أصل 36 مليون مغربي، بينما في عهد السلطان محمد بن عبد الله بأواخر القرن 19 كانوا 3000 عنصر من أصل 6 ملايين ساكن.

ورغم أن القوات المسلحة تشكل 196300 فردا، إلاّ أن توزيعها غير متوازن، فهو يميل بشدة لصالح القوات البرية (150 ألف) والقوات شبه العسكرية (50 ألف)، ثم الجوية (13.5 ألف). فالخلل كبير لحساب القوتين البرية والجوية.

لكن يُحسب للبحرية الملكية حداثة أسطولها من الفرقاطات.

من جهة أخرى لا توجد أيّ منشآت ولا أيّ مشروع لصناعة السفن الحربية وملاحِقها.

في ضرورة أن يكون المغرب قوة بحرية عالمية:

الفكرة إذن هي استعادة المغرب لقوته البحرية، بوجهيْها المدني والعسكري، بحيث يكون ثاني أهم قوة بحرية –مدنية وعسكرية- بشمال إفريقيا، أي بعد مصر. وتكون هذه الاستعادة انطلاقا من الساحلين: المتوسطي والأطلسي.

إن البحر بالنسبة للمغرب فرصة لأمور متعددة:

1- فك العزلة الجغرافية:

طالما تحدث الناس عن فرادة الموقع الجغرافي للمغرب الأقصى، وهذا صحيح نسبيا، لأنه في الحقيقة موقع متطرف جغرافياً محصور بين بلدين إفريقيين شرقا وجنوبا وبين البحر شمالا وغربا. فالمغرب بلد معزول إلى حدّ ما. لذلك بالسودان مثلٌ يقول عن المغرب: “بلاد فاس الّلِي ما وراها ناس”.

لذلك فتطوير البحرية التجارية سيربط البلد بالخليج والهند وشرق آسيا، وبإفريقيا غربها وشرقها، وبأمريكا الشمالية واللاتينية.. أي بالعالم عموما. يجب أن تكون للمغرب ملاحة تجارية قادرة على الوصول إلى جميع الأسواق العالمية في أسرع وقت وبأقلّ كلفة، كأمريكا اللاتينية خاصة البرازيل، والخليج العربي، والهند، والصين..

2- الفوائد الاقتصادية:

إذ تمّ في سنة 1981 إنشاء المنطقة الاقتصادية الخالصة ZEE، وهي 200ميل بعرض السواحل المغربية، ما يعني امتلاك المغرب لحقّ استغلال أزيد من مليون كيلومتر مربع.

لذا فالفوائد كثيرة لا تقتصر على الثروة السمكية فقط. وبالمناسبة فما يحصل عليه المغرب مقابل فتح سواحله للصيد الأوربي (40 مليون يورو سنويا)، هو مبلغ تافه، بل إهانة للبلد، فهذا مبلغ يمكن أن تحصل عليه مديرية الضرائب بسهولة بتطبيق صارم لنظامها في استخلاص الضرائب ومن رجل أعمال واحد من الكبار.

رغم هذا الحال، فإنّ صادرات المغرب من منتجات البحر تتجاوز 10 مليارات درهم سنويا، ما يعطي فكرة عن غنى شواطئنا.

لذلك أول خطوة -لتنمية الريف والمغرب عموما- هي استرداد البحر والشواطئ من الدول الأجنبية، وكذا من بعض المواطنين الذين يستغلونه بدون وجه حق.

إذن لابد من إيقاف رخص الصيد الأجنبية –خاصة الممنوحة لأوربا وروسيا واليابان- عاجلا ونهائيا بالبحر المتوسط، وعلى مدى أبعد إيقافها أيضا بالأطلسي، بحيث تتمّ مغربة هذا المحيط تماما، لكن في إطار الشفافية وليس بمنطق توزيع التركة كما حدث بعد خروج المستعمر، حيث بدعوى المغربة استأثرت طبقاتٌ معينة بالأراضي والمناصب والثروات التي كانت بيد الفرنسيين.

ويجب أيضا إيقاف جميع أنواع الاعتداءات على الشاطئ من السعيدية إلى طنجة، واعتبار هذه الشواطئ (أي على البرّ) ثروة وطنية تُدار بحكمة وتُستثمر للصالح العام وصالح المنطقة.

ينبغي أيضا تشجيع الصيد الساحلي والتقليدي، فالكميات التي يُحصّلها أكثر من ضِعف مجموع الأنواع الأخرى من الصيد.. وأرباحه كذلك. فهذا الصيد يفيد السكان كثيرا، كما أنه لا يفرط في استغلال الثروة السمكية.

3- تنمية العلاقات التعاونية مع الجيران:

لا نعني فقط الجيران التقليديين كالإسبان والفرنسيين.. بل البحر طريق لتمتين العلاقات مع جهات معينة حيث المستقبل بأوربا للجهوية. وهي: كطالونيا، والأندلس، والجزر الخالدات، وجبل طارق.

على مستوى الدول يجب بناء علاقات شاملة مع البرتغال لأسباب متعددة ليس هنا مجال بسطها، لذا ينبغي المسارعة بتأسيس معهد عالٍ للدراسات البرتغالية بشفشاون.

إن تطوير الواجهة المتوسطية سيساعد على مدّ جسور التعاون بحرا ليس فقط مع هذه الجهات، بل أيضا مع تونس وليبيا حيث من السهل الوصول إليهما بحرا، خاصة مع غلق الحدود البرية.

كما يمكن للمغرب –حين يكون قوة بحرية معتبرة- أن يفيد دولا لها حدود بحرية كبيرة ومشكلات ذات صلة، كليبيا، فهذه سوق كبيرة لها مستقبل عظيم.

4- البحر المتوسط ومضيق جبل طارق:

من أهم مضايق العالم ومعابره البحرية، حيث يربط بين بحرين أساسيين، وتمر به سنويا ما يزيد على 40 ألف سفينة، أي بمعدل حوالي 150 سفينة كل يوم، أو سفينة كل 10 دقيقة، غير الغواصات. وهذا –في القانون الجاري- دون إخبار المغرب وإسبانيا. وستزيد أهمية المضيق في حال إغلاق المضايق الأخرى، بسبب اضطرابات سياسية أو حروب، كمضيق هرمز والبوسفور ومضيق عدن.

لماذا لم ننجح فيما نجحتْ فيه دبي مثلا، فميناؤها كبير وعالمي: كيف نجح رغم أنه لا يقع على الخطوط الملاحية الكبيرة؟ ولماذا لا ننشئ على ساحل المتوسط منطقةً كجبل علي بالإمارات والسويس بمصر؟

5- التعاون الدولي:

يجب امتلاك القوة البحرية وإدارة التنمية البحرية، بما في ذلك قطاع الصيد، بحيث تكون غاية البلد أن يكون قِبلة ووِجهة للدول الإفريقية في تعلم الصيد وعلوم البحار وفي تكوين أطرها الفنية وفي إنجاز الخبرة.. وسائر شؤون البحر. وبعض هذا قائم، خاصة عن المعهد العالي البحري بأكادير.

لا يكفي مجرد عقد الاتفاقيات، إذ توجد الآن اتفاقات للتعاون مع معظم دول غرب إفريقيا: السينغال والغابون وغينيا وغينيا الاستوائية والكونغو والكونغو الديمقراطية وساحل العاج ونيجيريا وغانا وأنغولا والرأس الأخضر وبنين والسيشل وبوروندي. ومع دول عربية وإسلامية، وهي موريطانيا وتونس واليمن وليبيا وإيران وقطر والإمارات العربية المتحدة والكويت.

يحتاج بلدنا إلى رؤية بحرية على أساسها يقوم تقسيم إداري ما بين مشروع البحر المتوسط ومشروع الأطلسي. وتتولى الجهة الإدارية للمتوسط مهمة التعاون مع الدول الناطقة بالإسبانية، كالأرجنتين والبيرو والشيلي.. وهي دول تعاقد معها المغرب للتعاون.

يتبع..

*أستاذ بجامعة فاس

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق